fbpx

لاضفة لنهر “الكلب” اللبناني

مرصد مينا

سيكون مسلسل الرئيس في لبنان هو المسلسل الأكثر خطورة واضطراباً، ثمة من يضيف و”دامياً”، فالرئيس الذي قد لا يساوي مقعده، سيكون جزءاً اكبر مما نظن في لعبة الصراع الدولي على لبنان، لا لبنان الذي نعرفه، بل لبنان “المتوسط” الذي يمتد بمائه إلى لعبة الغاز كما إلى ألعاب لا تقل أهمية .

طائف ١٩٨٩، أنتج الرئيس رينيه معوَّض ولم ينعم الرجل بالرئاسة فكان ضحية اللعبة، وما من شكّ بأنه كان مُنتجاً  فرنسياً، كما كان الطائف منتجاً فرنسياً كذلك.

الطائف الثاني كان طائفاً أمريكياً وأنتج الياس الهراوي، وكان منتجاً أمريكياً بتسوية مع سوريا حافظ الأسد، وربما مكافأة لحافظ الأسد عن انضمامه للخيار الأمريكي في “تحرير الكويت”.

اليوم الجميع بانتظار الطائف الثالث لإنتاج رئيس يتقاذفه محورين:

فرنسي من جهة وأمريكي قطري من جهة ثانية، فالعلاقات الفرنسية الامريكية وصلت إلى الحضيض مع مشهد يحكي عن الهزائم الفرنسية في أفريقيا، وها نحن نلحظ انهيار السياسات الأمريكية في أكثر من مكان، تعبيراته الاوضح ستكون في أفريقيا، ويتبقى :

ـ السعودية ومكانها في اللعبة اللبنانية، وهي المملكة التي باتت تلعب ما بين محورين:

ـ الأمريكي الذي يعني تاريخ حماية المملكة، والفرنسي الذي لابد وله حصة في لبنان أقله والتنسيق قائم ما بين الإليزيه وطهران، وصولاً للحوار الفرنسي مع حزب الله، حتى ليظن المتابع بأن الرئيس الفرنسي يتتلمذ في حوزات الولي الفقيه.

الفرنسيون يعرفون بالتمام والكمال أن لا رئيس للبنان إن لم يخرج من عباءة حزب الله، أو أقله برضى حزب الله، والمصالح الفرنسية في لبنان تقتضي أن لا يخرجوا من اللعبة، فاللعبة اكبر من رئيس، أقله و “توتال” تطمح ليكون لها حصتها في التنقيب عن الغاز في البحر اللبناني، وثمة الكثير من المعلومات التي تؤكد ثراء هذا البحر بذاك الغاز أقله في بلوك ثمانية، وهو المتصل مباشرة بحقل “كاريش” الإسرائيلي، ولحزب الله ما يكفي من القوّة والنفوذ في هذا البحر بما يعني :

ـ الحيلولة دون استخراج غاز بحر لبنان يعني الحيلولة دون استخراج غاز “كاريش” حتى ولو تطلب الامر إطلاق الصواريخ على الحفارات التي تنقّب عن الغاز الإسرائيلي.

هذا واحد من الدوافع الفرنسية التي تجعله يُشبّك مع حزب الله ناهيك عن المصالح الفرنسية في إيران، وللعاصمة الفرنسية مصالح متداخلة مع طهران وليس اكبرها قيمة معامل بيجو ورينو وسواهما، وقد يكون الأهم من هذا وذاك، تلك التطلعات الفرنسية لإعادة إعمار مرفأ بيروت، ولكل ما سبق فالفرنسيون سيقاتلون دفاعاً عن عنزتهم الأخيرة في “المتوسط”، ولابد سيصطدمون مع الأمريكان الذين سيذهبون بعيداً في كفّ اليد الفرنسية عن لبنان حتى ولو عبر إمارة قطر التي تسعى لشراء اكبر حصّة من “توتال” بما يجعل غاز لبنان بتصرفها، ودون ادنى شك فهذا سيصطدم بخيارات حزب الله إن لم يتم “شراء” الحزب عبر الرشاوى السخية التي ستقدّم إلى قياداته كما الرشاوى التي لابد وتقدّم لطهران، وليس صدفة أن تتولى “قطر” مسؤولية استعادة أموال إيرانية كانت مصادرة وأفرج عنها لتستعيدها إيران بضمانة قطرية، مع صفقة تبادل سجناء لابد وتدفع إلى الضحك.

الفرنسيون اشتغلوا على شراء الرضى الإسرائيلي، ولولاهم لما انتهت صفقة ترسيم الحدود البحرية ما بين لبنان وإسرائيل بفوز إسرائيل بـ “كاريش”، فهم من أقنعوا حزب الله بدخول الصفقة، والإسرائيليون لابد وسيقدمون شيئاً من الامتنان إلى الرئيس الفرنسي، غير أنه إذا ما تعارض امتنانهم مع الإرادة الامريكية فستكون الغلبة لما يختاره الامريكان، وهنا ستبدأ اللعبة الدامية في لبنان.

لعبة دامية سبق واطاحت برينيه معوّض يوم كان “الطائف الفرنسي”، واليوم قد تطيح بالرئيس القادم إما عبر تعطيل انتخاب رئيس وهذا هو المرجّح، وإما عبر طلقة طائشة تصيب الرئيس إذا ما وصل، وفي الحالين لارحمة في هذه اللعبة وهذا الصراع، ويوم يأتي الحديث عن العامل السعودي في لبنان، فالمملكة لابد وتلعب ما بين الفريقين، ففي الوقت الذي تتجه فيه نحو الصين وترفع شعار الشرق الأوسط الهادئ، تعرف بالتمام والكمال أن إغضاب الأمريكان من إغضاب الله، فيما إغضاب طهران يعني استعادة الحوثي لخنادقة في صنعاء بما يجعل مملكة ٢٠٣٠ يعيدة كل البعد عن تطلعات محمد بن سلمان.

مخاض كبير في لبنان الصغير، وللبنان الصغير كذلك.

ـ اللعبة في لبنان اليوم، هي اللعبة الأوضح في لعبة الأمم.

ليس ثمة من يجلس فيها على ضفة نهر “الكلب” اللبناني ليحصي اعداد الجثث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى