fbpx

ترجمة مينا: وفاة كاتبة ذكريات يهود القاهرة

عن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بقلم: سام روبرت، تموز 17، 2019

في العاشر من تموز في مانهاتن، توفيت الصحفية والكاتبة “لوسيت لانيادو”، التي أرخت مذكراتها هجرة عائلتها المؤلمة من مصر إلى أمريكا في بداية ستينيات القرن الماضي، توفيت في الثانية والستين من عمرها.

وقال زوجها “دوغلاس فيدان” وهو زميل لها معد للتقارير: ;laquo;إن سبب وفاتها كان تعقيدات في العلاج الذي كانت تتناوله؛ بسبب مرض السرطان الطفولي، لقد توفيت في المستشفى;raquo

إلى حين وفاتها كانت السيدة “لانيادو” كاتبة رئيسية خاصة لصحيفة “وول ستريت”، وقد استلهمت تقاريرها من التحديات التي كانت تواجهها عائلتها نتيجة مواطن القصور في نظام الرعاية الصحية الأمريكية.

“لانيادو” مؤلفة روايات واقعية ثلاث، فازت بجائزة “سامي رور” للأدب اليهودي عام 2008، والتي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار عن مذكراتها المذهلة “الرجل الذي يرتدي بزة القرش الأبيض”.

واحد من تلك الكتب، كان في الحقيقة سيرة ذاتية لأبيها “ليون لانيادو” وهو يهودي متدين في النهار، داعر في الليل – وضح ببراعةٍ ما وصفته بـ “القاهرة الاستعمارية العالمية، والقاهرة الإسلامية الصوفية الحسية”، إلى أن أطاح “جمال عبد الناصر” بالملكية في مصر، وتم طرد اليهود، وتجريدهم من حقوقهم وممتلكاتهم، أو استبعادهم إلى منفى اختياري.

كانت عائلة “لانيادو” من بين آخر اليهود الذين فروا مما سمي “محرقة ثقافية” في القاهرة، حيث شرعوا في رحلة أوروبية؛ وبالنسبة لهم، انتهت تلك الرحلة في بروكلين أحد أحياء نيويورك – في أوائل الستينيات.

كتبت الكاتبة والمحررة “آلانا نيوهاوس” في مجلة نيويورك تايمز، ;laquo;إن واقع مصير عائلة “لانيادو” في بعده عن النصر الذي توقعه الأمريكيون من روايات المهاجرين، هو أحد الأسباب الكثيرة لقراءة هذا الكتاب الساحق الرائع;raquo

عززت السيدة “لانيادو” ما أسمته “فن الذاكرة عبر تقارير”، حيث كتبت: “سنوات الغطرسة” يتحدث عن بحث فتاة عن شبابها الضائع، من القاهرة إلى بروكلين” (2011). وهنا أثارت القمع الذي مورس على والدتها؛ حيث أجبرت على الزواج من رجل أكبر سنا، وكيف صودرت وظيفة أحلامها أمينة مكتبة في مدرسة خاصة – وكيف أطلق هذا التحدي السيدة المراهقة “لانيادو”.

وكتبت السيدة “لانيادو” عن والدتها أن البعد عن هذا العمل يدل على نهاية “تلك السنوات العظيمة المتغطرسة في حياة فتاة جميلة”، وقد استوحت عنوان كتابها من رواية “مرهف هو الليل” التي كتبها ف. سكوت فيتزجيرالد.

وكتبت قائلة: ;laquo;في سن السادسة، أصبحت لاجئة، وقمت برحلة كان معظم الكبار يرونها شاقة محبطة، من مصر إلى فرنسا إلى أمريكا”.

وُلدت “لوسيت ماتالون لانيادو” في 19 أيلول 1956، في القاهرة، أبوها “ليون لانيادو” مواطن سوري يدير شركة استيراد وتصدير معروفة على نطاق واسع، وكانت “لانيادو” قارئة نهمة للكتب، حتى إنها قرأت كل أعمال الروائي الفرنسي “مارسيل بروست” عندما كان عمرها 15 عامًا، وغدت لولو – كما كانت تعرف بهذا الاسم متعطشةً للأدب.

وحيث تخيلت لولو نفسها يومًا ما بأن تصبح عميلة سرية، وهو خيال غذاه والدها فيها عبر مرحه الليلي الغامض، ولامبالاته وشجاعته مع الدبلوماسيين الأجانب.

بعد هروبها من مصر في عام 1962، عاشت العائلة لفترة قصيرة في باريس قبل الهجرة إلى نيويورك، وصلوا بعد ذلك محملين بـ 26 حقيبة محشوة بفساتين الحفلات؛ لكن بعد السماح لهم بمغادرة مصر قانونياً لقاء مبلغ 212 دولارًا فقط، بدؤوا حياتهم في أمريكا لاجئين مفلسين في بنسون هرست في بروكلين.

وكتبت السيدة “لانيادو”، بعد أن أُبعدت عن تناول حساء الكشري، شعرنا بالغربة والعزلة والحنين إلى الوطن، خاصة خلال عيد الفصح؛ فقالت في مذكراتها: ;laquo;بغض النظر عن غنائنا بصوت عال، فإن عطلتنا لم تكن احتفالا بالهجرة الجماعية من مصر، بل على العكس من ذلك، شوقا للمكان الذي يفترض أن نكون سعداء بمغادرته;raquo

فيما بعد ذهبت والدتها للعمل كمفهرسة في مكتبة بروكلين العامة، بينما عمل والدها سمسارا في تجارة النسيج.

أخبرت السيدة لانياو أنهها مصابة بمرض هودجكين، وهو سرطان في الجهاز المناعي، عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها؛ وقد عولجت في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان في نيويورك من قبل الدكتور “بورتون لي الثالث”، الذي أصبح فيما بعد الطبيب الخاص للرئيس “جورج بوش” الأب.

تقاريرها الأخيرة في وقت لاحق كانت عن الفوارق بين الرعاية الصحية الجيدة التي تلقتها، والرعاية التي كان يتحملها والداها قبل وفاتهما في التسعينيات.

بعد تخرجها من مدرسة نيو أوتريشت الثانوية في بروكلين، حصلت “لانيادو” على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي والفرنسي من كلية فاسار عام 1977، ثم بدأت حياتها المهنية في مجال الصحافة مع “The Brooklyn Spectator”، كاتبة عمود مختصة بنشر الفضائح أسبوعيًا، من عام 1979 إلى عام 1987.

ألهم تقريرها السيد “أندرسون” كتابًا آخر بعنوان “أطفال اللهب: الدكتور “جوزيف مينجيل” وقصة خارقة لتوأم أوشويتز” (1991)، وهو سرد لتجارب معسكر الموت النازي، التي كتبها مع “شيلا كوهن ديكل”.

صارت “لانيادو” فيما بعد مراسلة لصحيفة نيويورك بوست، وفيها التقت بالسيد “فيدان”، الذي تزوجته عام 1995 والذي عاشت معه في مانهاتن وساك هاربور، نيويورك، وكانت قد نجت مع أختها “سوزيت”، وشقيقيها “عزرا” و”إسحاق”.

كانت “لانيادو” كاتبة عمود في صحيفة “The Village Voice” صوت القرية – من 1990 إلى 1993، ثم محررة تنفيذية للنسخة الإنجليزية من صحيفة The Forward اليهودية الأمريكية من 1993 إلى 1995. وقد باشرت العمل في The Wall Street Journal في عام 1996.

في عام 2002 فازت بجائزة “مايك بيرغر” التي تطلقها جامعة كولومبيا للدراسات العليا للصحافة عن مقال حول كيفية تعايش المسنين بشكل مستقل في مبنى سكني في مانهاتن العليا.

وقالت “كارولين ستارمان هيسيل” – المديرة التنفيذية الفخرية لمجلس الكتاب اليهودي، الذي يدير جائزة رور : إن السيدة “لانيادو” كانت عند وفاتها على وشك إنهاء كتاب عن اليهود السفارديين الذين يعيشون في الأراضي العربية.

دونت “لانيادو” في مذكراتها أن أقيم ما تملكه هو رسالة تلقتها من دبلوماسي مصري متقاعد، قال فيها إن عينيه دمعتا تأثرا بسبب ذكرياتها عن ماضيها، وقالت إنها كتبت ما كان بمثابة اعتذار غير رسمي عن دور مصر في تدمير “هذا العالم الذي اختفى وكان يطاردني من قبل – في وقت كان فيه اليهود يتعايشون هادئين مسالمين مع المسلمين والمسيحيين في مدينة عربية ساحرة تسمى القاهرة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى