fbpx

ما بعد صفقة القرن

لم يكن إعلان دونالد ترامب قراره نشرَ خطته لتسوية القضية الفلسطينية، «صفقة القرن»، مساء اليوم (الثلاثاء)، مفاجئاً للفلسطينيين الذين قرروا التصعيد في مواجهة الخطة ومنع تمريرها، مع أنه تغيب عنهم، رسمياً وشعبياً، الرؤية الواضحة لكيفية المواجهة بعيداً عن الاقتصار على الرفض والاستنكار.

الرفض والاستنكار… 

فقط، الرفض والاستنكار، أما كيفية الرفض، وكيفية الاستنكار، وماهي بدائل “صفقة القرن”، فكلها في علم الغيب، مع أن الصفقة ستعلن اليوم، بل وفي تمام الساعة مساء بتوقيت القدس.

صفقة لم تعلن بنودها حتى اللحظة، ويأتي رفضها وكأن الرفض وحده المطلوب، ووحده “الطريق إلى القدس”.

بالتوازي مع الإعلان عن موعد الصفقة، أعلن محمود عباس عن “يوم غضب فلسطيني وجماهيري واسع”، وكان عباس قد أعلن أيضاً أنه تلقى تهديدات أمريكية صريحة، وهكذا يأتي رفض عباس للصفقة بالتزامن مع رفض إسماعيل هنية للصفقة ذاتها، فيتفق المتصارعون على الصراع مع الصفقة فيما يأكلون بعضهم بعضاً فيما هو أقل من حرب شوارع، وإن كان مايفصلهما قد بات أبعد مما يجمعهما، فهنالك سلطتين فلسطينيتين، سلطة رام الله وسلطة غزة.

الرئيس الامريكي يقولها بالفم الملآن:«من المرجح ألا يقبل الفلسطينيون خطة السلام في البداية لكنها جيدة لهم ولن ننفذها دونهم». 

بجانب هذه التطورات، نقلت وكالة «رويترز» تسجيلاً صوتياً قالت إنه بُثّ أمس، لمتحدث باسم تنظيم «داعش» يُدعى «أبو حمزة» يطلب فيه من أتباع التنظيم « مهاجمة اليهود والمستوطنات وإفشال خطة… ترامب، واسترداد ما سلبوه من المسلمين»، مضيفاً: «ندعوكم إلى الالتحاق بجنود الخلافة الذين يسعون لإزالة الحدود والسدود التي تحول بينهم وبين نزال اليهود». وبينما يعتبر هذا التصريح لافتاً في توقيته ومضمونه، ترى مصادر أن هذا التزامن قد لا يكون بريئاً، إذ أن «أي هجمات باسم داعش على مستوطنات يعني جلب التحالف الدولي والأمريكيين للعمل بيدهم في فلسطين… قد يكون سيناريو مستبعداً لكنه ليس مستحيلاً”.

 وهكذا تتسع جبهة الرفض.

رفض مالانعرف، ورفض مالا يعلن عنه سوى في توقيته، وهكذا كان حال مشروع التقسيم 1948 الذي بكى العرب منه في آنه، ليبكون عليه بعد ثمانين سنة من صراع لم يحدث للمتصارعين ومن كلا الجانبين سوى:

تأبيد المؤسسة العسكرية.

استنزاف موارد البلاد.

نهوض الحركات الراديكالية والإرهابية.

إعاقة أي نمو ممكن للمنطقة برمتها فالعسكر لن يكونوا سوى أعداء المدنية.

وبالنتيجة فعلى الجانب العربي، هزيمة تتلو هزيمة، ومع كل يوم جديد بكاء على الأمس، حتى بات بورقيبة، يساوي الحنين إلى عقلانية عربية، بعد أن أطاحت الدوغمائية بكل ممكن عربي، ليسود خطاب “كل شيء للمعركة”، وهو الخطاب الذي لم يقدّم للمعركة شيئاً، فيما قدّم كل شيء لأنظمة هي خارج التاريخ، كل ما تملكه هو المكيدة التاريخية، ولو كان بالوسع احتساب معاركها، لعثرنا على نتيجة تقول بأن معاركها لم تكن سوى مع شعوبها، فيما لم يتجاوز ضحايا الحرب العربية الإسرائيلية ضحايا واحد من أزقتها في حروبها مع مواطنيها، عداك عن سجونها التي لاتقل فتكاً عما تحدثه الحروب من ضحايا.

اليوم سيكون الإعلان عن صفقة القرن، وثمة كلام بالغ الأهمية كان قد قاله الرئيس بوتين:

أية حرب منتصرة، هي أقل قيمة من أي سلام خاسر.

نعم، المنطقة تاهت ما بين حروب الكلام، وحروب الجبهات، ودون أي كلام في التفاصيل، فالقضية الفلسطينية لن تكون قضية منتصرة مادامت الحرب عنوانها.

الشعارات فضفاضة، والأقدام هزيلة، تلك هي الحالة التي ستتحول اليوم إلى استثمار لحماس أولاً، ولطهران ثانياً، وعلى حساب الفلسطينيين في كل آن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى