fbpx

بعد الثورة الأولى.. متى الثانية؟

لنقل مع القائلين، بأن انتفاضة الشعب السوري 2011، لم تكن ردّاً على الفساد، واحتكار السلطة، وسطوة الأجهزة البوليسة على حياة الناس.. لنقل معهم بأنها (مؤامرة كونية) كما يرغب سدنة النظام، وورشاته بالتوصيف.. لنقل ذلك، ونضيف إليه أن المتظاهرين تظاهروا لأن (المتآمرين) دسوا الكبتاغون في سندويشات المتظاهرين، وخمسمائة ليرة في جيب كل منهم. ـحسناً، هي ثورة مرتزقة، هكذا يحلو لأصحاب النظام القول كما لإعلامه، ولكن: ما الحال اليوم؟ ببساطة، وبلا تجن أو مبالغة، فقد بات الوضع في سوريا: ـ طبقتان لا متوسطة بينهما، طبقة الأثرياء بفحش يبلغ البله، وطبقة تقتات من لحمها، وهذه حقيقة لا مجاز. الطبقة الأولى كانت من تجّار الحرب، وليس هؤلاء من خارج مؤسسة النظام ومحاسيبه، وهي طبقة تلوذ في تبرير وجودها بـ (الصمود) أمام (المؤامرة الكونية)، وهي لا تخرج في قيمها وولائها وحتى في دمها، عن سلطة المركز التي لم تعد فيها من ملامح السلطة سوى حق الاعتداء على حياة الناس وإرهابهم ومضاعفة كتم أصواتهم عما كان عليه الحال قبل 2011. والطبقة الثانية هي طبقة المنسحقين تحت مطاردة رغيف الخبز، مجرد رغيف الخبز، وهذه حقيقة يعرفها أبسط العابرين في أزقة المدن وأقاصي الأرياف، حيث لا ينجو مريض من الموت أمام باب مشفى، ولا تستطيع مهارة أم من إعادة طبخ الحصى لطفل يصرخ جوعاً، وحيث البرد يقتل، والدولة معطلة سوى من رجال الفساد الذين يمعنون في نهب ما تطاله أيديهم من بقايا الدولة. الثورة الأولى، ذهبت إلى حيث استولت معارضة شبيهة بالنظام على هواجس الثورة وقيم الثورة، وهذه حقيقة من المعيب نسيانها أو القفز فوقها، فتحالفت معارضة فاسدة، مع سلطة فاسدة لاجتثاث أحلام الناس في لقمة نظيفة وصوت حر، ولكن هل دوام الحال ممكن اليوم، بعد أن باتت الحياة مستحيلة على ناس البلد، بمن فيهم جمهور النظام وبيئاته وقد بات ثمن الجندي الضحية ساعة حائط خارج الزمن، ومرتب أرملته لايكفيها ليوم جوع مضاف لجوع؟ ـ هل بوسع الناس احتمال المزيد من نهب ما تبقى من موائدهم، حتى السطو على حليب طفل؟ ـ هل بوسع منظومة النظام، أن تقول: نحن النظام، فيما النظام تحوّل إلى مجرد عصابة من بين مجموعة عصابات، ليس هو الأعلى شأناً بينها؟ لنقل مع القائلين، أن الثورة الأولى (مؤامرة كونية) و(حبّات كبتاغون)، فماذا عن الثورة القادمة التي لابد وأن تكون، وإن لم تكن ففناء ناس البلد هو البديل؟ ستكون الثورة الثانية، لا ثورة سفارات، ولا معارضات مرهونة لسفارات تقتات من وجع الناس الثوار، ستكون ثورة الرغيف الذي لايكذب. صلافة النظام لاتدرك معنى الاحتمالات، وفساد النظام يعميه عمّا يتراكم في أزقة البلاد وبيوتها المحرومة من حق الحياة. الثورة الثانية قادمة. متى؟ كيف؟ بأي أدوات؟ هذا ما ستفاجئنا به الأيام. بانتظارها.. نكون أو لا نكون. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى