fbpx

الصرافة.. مهنة المخاطر في إدلب

مقدّمة: ترافق مع النشاط التجاريّ الذي شهدته منطقة باب الهوى الحدوديّة مع تركيّا، والأسواق المحيطة بها بعد عام 2013، ظهور محال ومكاتب صغيرة لتبديل العملات الأجنبيّة، للتحول فيما بعد إلى شركات وأسواق كبيرة في ريف إدلب مختصّة في تبديل العملات الأجنبيّة والحوالات الماليّة، أبرزها سوق سرمدا التجّاري، إلّا أّنها صارت مهنة وعمل يحفهما الخطر مع حالة الانفلات الأمني التي تعيشها المحافظة.. وهو ما سنحاول تسليط الضوء عليه خلال التقرير: ماذا وفّرت “مكاتب تصريف العملة”؟ مع بدء تداول الدولار الأميركي والليرة التركيّة، في السوق المحليّ في ريف إدلب، صار لمكاتب وشركات تصريف العملة الأجنبيّة، سوق عمل جيّد، وفقاً لما يحدّثنا (سهيل أبو محمد) صاحب مكتب صرافة، ما شجّع كثير من التجّار ورؤوس الأموال على امتهان هذا العمل، وصار بمثابة مصرف صغير يُودع فيه التاجر أمواله ويبدلها وفقاً لمتطلبات تجارته، كما يقلب العملة ويبدلها مياومةً، حفاظاً على قيمتها مع الهبوط المستمر آنذاك لقيمة الليرة السوريّة، وذهاب التجار لاستعمال الدولار الأمريكي في تجارتهم، فأصبحت على شكل مصارف وبنوك صغيرة منتشرة في كافة مناطق إدلب وقريبة من الأسواق المحليّة بمختلف أنواعها، يحفظ فيها التاجر رأس ماله كـ (أمانات)، كما تحوّل بعضها فيما بعد لشركة تجاريّة تحظى بانتشار واسع في المدن السوريّة ودول الجوار. وأشار (أبو محمد) خلال حديث لـ “مينا” إلى أنّ دخول المنظمات الدوليّة التي تتعامل بالدولار الأمريكي والعملات الأجنبيّة إلى إدلب، كان لها دور بارز في تنشيط سوق الصرافة والحوالات في المحافظة. تعرّف إلى أبرز خدمات مكاتب الحوالات: ساهمت مكاتب الحوالات الماليّة، في ربط محافظة إدلب مع باقي المناطق السوريّة، وكذلك مدن العالم ماليّاً، وسهّلت لسكّانها وصول الأموال والمبالغ إليهم مهما كانت المسافات، في الوقت الذي تشهد فيه عزلة فرضتها الحدود ومناطق السيطرة العسكريّة، بحسب ما أفاد الأهالي. “أحمد” وهو مصوّر إعلامي من ريف إدلب، يداوم بشكل شهريّ على استلام راتبه من مكتب الحوالة الماليّة التي لا يبعد عن بيته سوى عدّة أمتار، يوضّح خلال حديث لـ “مينا”: أنّ المئات من العاملين في القطاع الإعلامي، إلى جانب موظفين في الجانب الإغاثي، والمنظمات الإنسانيّة، يتقاضون رواتبهم بأريحية من خلال هذه المكاتب، التي تصل ربما من دول أوروبيّة أو تركيّا”. مهنة المخاطر: يشرح (خالد، ق) صرّاف في سوق سرمدا التجاريّ، عن حالة الخوف والقلق التي وصل إليها ممتهني هذا العمل، مع حالة الانفلات الأمني التي يشهدها ريف إدلب، وتكرر عمليات الاختطاف والقتل للصرّافين، وخاصةً بعد اغتيال الصرّاف (محمد قنديل) في مدينة سرمدا من قبل مجموعة ملثمين، بعد سرقة ما بحوزته من أموال وحالات التشليح التي سجّلت في بلدات أطمة، والغدفة ومعرة مصرين بريف إدلب، إذ أنّ محال وشركات الصرافة في جميع أرجاء المحافظة أعلنت إضرابها عن العمل ليوم واحد، للفت النظر إلى تردّي الحالة الأمنيّة. وأوضح في حديث لـ “مينا”: “أنّ حالة الانفلات الأمنيّ، دفعت العاملين في مجال الصرافة والحوالات إلى الأخذ بمزيد من التدابير الأمنيّة، وخاصةً خلال التنقّل بين أماكن أقامتهم ومكاتبهم، بالإضافة إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم حيال أي هجوم، وكذلك التكثيف من نظام المراقبة عبر الكاميرات”. من المسؤول؟ يحمّل ناشطون محليّون، هيئة تحرير الشام مسؤوليّة عمليات الخطف والقتل التي يتعرّض لها التجّار، باعتبارها السلطة الأمنيّة الوحيدة في المنطقة، وحواجزها تنتشر في معظم المناطق وعلى مداخل مختلف الأسواق، وبعضهم ذهب إلى اتهامها بعمليات القتل والتشليح التي شهدتها المحافظة. ملهم العمر (اسم مستعار) ناشط إعلامي من ريف إدلب، قال في حديث لـ “مينا”: “لا يخفى على الجميع أنّ عام 2018 كان متصدراً لأبرز أحداث القتل والخطف خلال سنوات الثورة السوريّة، لا سيّما في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، وكثرت حالات الخطف التي طالت أصحاب الأموال من تجّار، وأصحاب محال المجوهرات والصرافة وارتكاب شتّى أنواع التعذيب بحقّهم بغية ابتزاز ذويهم وكسب المال، وهي ما بقيت مستمرة مع دخول عامنا الجاري”. ويتابع (العمر): “لا يستبعد أن تكون تلك المجموعات التي تقوم بخطف التجّار، هي تابعة أصلاً للهيئة، فكيف لتلك المجموعات أن تقوم بفعلتها ثم تعبر بسيارتها التي غالباً ما تكون من طراز فان، من الحواجز الأمنيّة التابعة للهيئة دون كشف أمرهم على الرغم من أنّ الحواجز تقوم بدورها بتفتيش جميع المارة من مدنيين وعسكريين، ومن غير المنطقي أن تفلت منهم سيارات الخاطفين”. ويختم حديثه: “وعلى الرغم من التهم الموجهة للهيئة، فلا يمكننا تحميل مسؤولية تلك الظاهرة لجهة ما، باعتبار الهيئة وأذرعها المدنيّة ولّت نفسها وصيّاً على البلاد والعباد، ووحدها من تتحمّل مسؤوليّة ما يحدث في المناطق التي يخضع لسيطرتها”. كيف هيمنت “تحرير الشام” على سوق الصرافة؟ مصادر خاصة لـ “مينا”، تحدّثت عن إجبار المكتب الاقتصاديّ التابع لـ “تحرير الشام” جميع شركات ومكاتب الصرافة على الترخيص لديه، بحجّة “وجود تجاوزات شرعيّة في عمليات التصريف وبيع وشراء العملة، وضرورة ضبطها من قبله”، حيث صادر بهذه الذرائع مبالغ ماليّة كبيرة لشركات الصرافة أبرزها شركة (قاسيون) تجاوزت الـ 2 مليون دولار. وأضافت المصادر: “أنّ غرف الواتس أب التي أنشأها التجّار، بهدف عقد بازارات بيع وشراء، قد خضعت أيضاً لرقابة المكتب الاقتصاديّ، عبر دخول أشخاص محسوبين عليه لمراقبة كافّة العمليات الشرائية التي تتمّ داخلها، حيث ثمّة مجموعة وتس أب، تجمع كافة تجّار وصرافي العملات لكل سوق في منطقة ما، كـ (سوق سرمدا) و(سوق مدينة إدلب) وغيرها من أسواق محافظة إدلب”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى