fbpx

لبنان.. الشر من شرارة

ربما يكون لبنان استثناء في الجغرافية السياسية التي تقوم على: المعادلة الصفرية أو الانفجار والحرب الأهلية. فالبلد طوائف توافقت على التعايش.. التعايش قسرًا او طوعًا، ولكن التعايش. لبنان، لم يتشكل كدولة مركزية، هو الامر كذلك، فهو (المجتمع) الذي لم ينتج دولة كما الحال في بقية الدول العربية، وتعبيراته عن نفسه مازالت تقوم على الطوائف بصفتهما مجتمعات صغرى تشكل المجتمع الأكبر وهذا حاله. المساس بالصيغة يعني تفجير التوازن، وحين ذهب المسيحيون فيه منتصف السبعينيات في طموحهم إلى الاستئثار بلبنان كانت الحرب الأهلية، واليوم هاهو لبنان يعيش على كف عفريت، وهو كذلك ما بعد اجتياح الإسلام الخميني للبلد، بدءًا من استنبات حزب الله. حركة امل، وهي حركة شيعية ومتحالفة مع حزب الله كانت تدرك لعبة التوازن فتحد من تطلعاتها مكتفية بموقعها في البرلمان، فيما يذهب حزب الله نحو تطلعات لاتعني سوى سيطرة سلاحه على الطائفة الشيعية من جهة وعلى لبنان من جهة، واستكمالاً للمشروع الإيراني من جهة ثالثة، وهاهو اليوم يضع جزءًا كبيرًا من الطوائف اللبنانية تحت عباءته، لا بمنطق التحالف، وإنما بالسيطرة وبالقوة ليكون حلفاؤه جرّافة في طريقه، وقفازًا في يده، معظم مهامهم إن لم نقل كلها، أن يلعبوا دور العصى في مواجهة خصومه، وهو صامت، حتى ليبدو وكأنما هو خارج اللعبة، وفي حقيقة الأمر فاللعبة لعبته والملعب ملعبه، وأي خروج من حلفائه على إرادته، يرتفع صوت سلاحه وقد اختبر الأمر ليس في مواجهة الطوائف غير الشيعية في لبنان وحدها، بل بمواجهة الطائفة الشيعية نفسها، ومن الصعب على الشيعة اللبنانيين نسيان حرب إقليم التفاح التي كسر فيها حزب الله شوكة حركة أمل، ليستأثر بالطائفة بمفرده، تاركًا حركة أمل مجرد اكسسوارات على مائدته. اليوم لحزب الله وزير خارجيته، ووزير خارجيته في حقيقة الأمر هو جبران باسيل، وله أزلامه في كل الطوائف بدءًا من وئام وهام وطلال أرسلان اللذان يعملان على كسر شوكة وليد جنبلاط في الطائفة الدرزية، وصولاً لسليمان فرنجية الممتلئ بالحنين إلى كسر شوكة سمير جعجع وبقية المسيحيين. حزب الله، هو ذراع إيران بالإنابة، ولحزب الله أذرعه بالإنابة، وليس صهر الرئيس اللبناني جبران باسيل سوى هذا الذراع الممسك بعنق رئيس الجمهورية، وهو الذي يسعى مع كل يوم لتفجير الوضع في لبنان وهو ينشد أناشيد حزب الله ولكن بنغمة عنصرية مسيحية، هي في حقيقة الأمر على الضد من إرادة المسيحيين، فماذا لو انفجر لبنان اليوم وهو قاب قوسين من الانفجار؟ لن يكون الانفجار فيه سوى اعادة للحرب الأهلية السابقة والتي ستفتح الحدود من اتجاهين، من اتجاه العمل على عودة قوات الأسد إلى لبنان، وفتح الجنوب للإسرائيلي، ولا نظن بأن حزب الله سيمانع أي من الفتوحين.. سيكون الامر كذلك بغض النظر عن رغبات حزب الله ومداها، غير أنه سيكون في مصلحة حزب الله مرتين: ـ مرة في تحقيق الامتداد الشيعي تحقيقًا لنظرية الهلال الشيعي مابعد عودة قوات الأسد إلى لبنان. ـ ومرة في عودته إلى شعار مقاومة الاحتلال التي شكلت مبررًا لسلاحه طيلة العقود السابقة وهو إن فقدها فقد مشروعيته. لبنان اليوم على كف عفريت.. نعم على كف عفريت والمؤجل فيه أخطر من المرئي. يبدأ الشر بشرارة.. حزب الله جاهز لإشعال الشرارة.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى