عشية الاحتفال بذكرى الاستقلال… الجزائر تسترجع «الجماجم» وتطوي أزمة الذاكرة مع فرنسا

 مرصد مينا – الجزائر

طوت الجزائر وباريس، اليوم الخميس، واحدة من أهم صفحات النزاعات التي وترت العلاقات بين البلدين طوال السنوات الماضية، وبعد مد وجزر تمكنت الجزائر من استرجاع جماجم شهداء المقاومة خلال فترة الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

وأعلن رئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، عشية احتفال الجزائر بالذكرى الـ 58 لنيل استقلالها في 5 تموز/ يوليو/ تموز، عن استرجاع بلاده 24 من رفات شهداء المقاومة الشعبية خلال فترة الاستعمار الفرنسي.

وكشف تبون، خلال مراسم تقليد رتب كبار ضباط الجيش، أن «رفات الشهداء ستصل إلى الجزائر خلال الساعات القليلة القادمة على متن طائرة عسكرية تابعة للجيش قادمة من باريس».

وكانت الجزائر وباريس قد اتفقتا في وقت سابق في كانون الأول/ ديسمبر 2017 على تسوية هذه القضية بشكل نهائي، خلال أول زيارة رسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر، إلا أنها تأجلت وظلت فرنسا تُناور وتعتمد سياسية هذه بهذه، أي كُلما فتحت الجزائر ملفا تطرحُ فرنسا ملفاً مُقابلاً.

ومن المُرتقب أن تُقام مراسم دفن رسمية لرفات شهداء الجزائر، بحضور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي لم يُفصح بعد عن مصير بقية الرفات الـ 13، حيث يبلغ إجمالي الجماجم 37.

وتعود هذه الجماجم الـ 37 إلى الشُهداء الذي سقطوا في ميدان الشرف في بدايات الاستعمار الفرنسي للجزائر، ووضعت في متحف الإنسان بباريس، بعد أن نهبها الاستعمار قبل خروجه في 5 تموز/ يوليو 1962.

وتخص الجماجم مُقاومين بارزين منهم محمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم «شريف بوبغلة»، وأُخرى للضابط الجزائري عيسى حمادي، والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة بمنطقة بسكرة، ومحمد بن علال بن مبارك الذراع الأيمن للأمير عبد القادر الجزائري (رمز المُقاومة الجزائرية ضد الاستعمار والاضطهاد الفرنسي).

وأجمع محللون ومهتمون بالشأن السياسي، على أن هذه الخطوة كانت منتظرة وجرى الاتفاق عليها منذ عامين تقريباً، أيّ بعد زيارة ماكرون إلى الجزائر.

من جانبه؛ قال المحلل السياسي والإعلامي الجزائري، احسن خلاص، لـ«مرصد مينا»: إن «استرجاع الجماجم يحمل رمزية تتعلق باعتراف ضمني بالجزائر، وبأن الاستعمار لم يحمل طابعا حضاريا»، مشيراً إلى أن الخُطوات الأولى لهذا الملف بدأت في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ووزير المجاهدين هو نفسه الذي أشرف على المفاوضات بشأنها.

ويرى المحلل السياسي، أن هذه الخطوة تقف ورائها وتحكمها خلفيات أخرى، ففرنسا تبحث عن توطيد علاقتها الاقتصادية مع الجزائر ومنحها فرصا أكبر للشراكة والاستثمار.

يُشار إلى أن الخلاف الدبلوماسي، كان قد انتهى بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2 حزيران/ يونيو نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون. وتعهد الرئيسان بالعمل للتوصل إلى علاقة هادئة وتحريك طموح للتعاون الثنائي، إذا تعتبر المرة الثانية فقط؛ في تاريخ العلاقات الفرنسية-الجزائرية التي يتم فيها استدعاء سفير جزائري معتمد في فرنسا إلى الجزائر منذ الاستقلال في 1962.

Exit mobile version