مرصد مينا – هيئة التحرير
في الوقت الذي ينظر فيه الجميع الى محادثات الحوار الليبي في تونس، املين ان يتم خلاله تسوية ما تبقى من نقاط خلافية بين طرفا النزاع، والوصول الى اتفاق يفشي الى تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة في ليبيا، بدأت الاستعدادات حثيثة في عدد من المدن الليبية وعلى راسها “سرت” من اجل إعادة سيف الإسلام القذافي الى الواجهة وترشيحه لينال منصبا في الحكومة الليبية القادمة. حيث جدد حراك “رشحناك” الداعم لتولي سيف الإسلام القذافي المرحلة المقبلة في ليبيا، التأكيد على أن الحراك كيان مستقل تأسس من أجل التمسك بالحل السلمي وانتقال السلطة عبر صناديق الاقتراع. وأشار إلى تمسكه بمرشحه، وأنه جاء لهدف “إرجاع هيبة وسيادة الوطن وإحياء مشروع ليبيا الغد لينعم الشعب بخيراته مؤكدين العزم الاستمرار في مشروعهم الهادف لعودة الوطن، على حد تعبيرهم.
وأكد أن “الحراك يهدف لإظهار حجم القاعدة الشعبية التي يتمتع بها سيف الإسلام وليس طرفا في المفاوضات الخارجية لإيماننا التام بأن الحلول الداخلية هي أساس حل الأزمة”.
مسيرات داعمة لسيف الإسلام القذافي
وقد خرجت العديد من المسيرات في ليبيا تابعة لحراك “رشحناك من اجل ليبيا” للتعبير عن دعهم لترشيح سيف الإسلام القذافي، في الانتخابات الرئاسية الليبية. وقد اعد المشاركون في الحراك الشعبي برنامجا متكاملا لدعم مرشحهم سيف الإسلامي القذافي والمطالبة. كما تم توجيه خطاب لمحكمة الجنايات الدولية لرفع القيود المفروضة على مرشحهم السياسي.
من جانبه، أكد رئيس اتحاد القبائل الليبية الطاهر الشهيبي، دعمهم لـ”سيف الإسلام القذافي مرشح القبائل الليبية وقال انهم كانوا قد شاركوا المسيرات التي صارت في الأشهر الماضية والتي رفعت فيها شعارات سلمية بالمطالب المدنية وصور سيف الإسلام. وكانت مدينة سرت التي ولد فيها القذافي ثم قتل فيها بعد 69 سنة، خروج المئات من المؤيدين له وهم يحملون رايتهم الخضراء المفضلة.
ويعكس حجم المشاركة في التظاهرات كيف أن تسعة أعوام من الفوضى تركت البلاد في حالة يرثى لها حيث أُغلقت حقول النفط وعانت المدن من انقطاع الكهرباء، ما جعل بعض الليبيين يحنّون لاستعادة عهد اتسم بالاستقرار النسبي.
وعلى الرغم مرور نحو عقد على مقتل الرئيس الليبي معمر القذافي مازال بعض أنصاره يأملون في عودة نجله سيف الإسلام إلى قيادة البلاد.
ويبدو، أن نجل القذافي، الذي كان يستعد لخلافته، سيف الإسلام المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بلعب دور في قمع ثورة 2011، ينشط للعودة إلى السلطة ويُركّز في أولوياته على الإفراج عن إخوته والمسؤولين في عهد والده، بحسب أشرف عبد الفتاح، الذي يقود الحملة من أجل عودة النظام السابق.
وتقع مدينة سرت التي خرجت منها مسيرات دعم سيف الإسلام القذافي، في وسط البلاد على شاطئ البحر المتوسط ويسيطر عليها المشير خليفة حفتر، ولكنها محاصرة من القوات التابعة لحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، وتعتبر أيضاً البوابة لحقول النفط الليبية. وقد تعاملت قوات حفتر مع التظاهرات بعنف، رغم انه اقام تحالفات مع بعض أعضاء من النظام السابق.
سرت والقبائل البدوية وروسيا
وقد سبق لشبكة بلومبيرغ الامريكية، ان كشفت في تقرير لها، ك أن أركان النظام السابق يحاولون العودة إلى حكم ليبيا. ويقول التقرير إنه بينما تقترب الحرب في ليبيا من هدنة غير مستقرة، أصبحت مدينة على الخطوط الأمامية مركزاً لحركة تسعى إلى إعادة نظام القذافي. ويقول تقرير “بلومبيرغ”، إن سيف الإسلام يمكنه الاعتماد على الدعم في سرت وبقية المدن حيث القبائل الكبيرة وأبرزها قبيلته “القذاذفة”.
وكشفت “بلومبيرغ” أن يفغيني بريغوجين، الذي يرأس مجموعة “فاغنر” والمقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان قد أوفد العام الماضي مستشارين للعمل إلى جانب سيف الإسلام، إلا أن اثنين من أولئك المستشارين اعتُقلا وما زالا في السجن في طرابلس. واختتمت “بلومبيرغ” تقريرها بالقول إن بعض الدبلوماسيين الغربيين باتوا يرون دوراً لرموز النظام السابق في مستقبل ليبيا. وقال أحد الدبلوماسيين إنه كان من الخطأ استبعادهم من المحاولات الدولية للجمع بين مختلف الأطراف، بينما قال آخر إنهم الأغلبية الصامتة.
وفي وقت سابق من هذا العام قالت حكومة الوفاق، إنها ألقت القبض على عناصر من مرتزقة “فاغنر” الروسية، وبحوزتهم وثائق تثبت وجود اتصالات بين موسكو والقذافي بوصفه مرشحها المفضل في أية انتخابات رئاسية في ليبيا قد تجرى في وقت لاحق.
وينتشر أنصار القذافي، بالمنطقتين الغربية والجنوبية وبدرجة محدودة جدا بالمنطقة الشرقية (إقليم برقة الداعم لحفتر)، وغالبية القبائل التي تدعمه بدوية، وتنتشر في الجبل الغربي وعلى امتداد الصحراء من سرت شمالا إلى غاية مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي..فسيف الإسلام القذافي، لا تنقصه الشعبية، بالنظر إلى أن عدة قبائل بدوية مازالت تدعمه مثل ورشفانة والقذاذفة وورفلة والمقارحة والصيعان والطوارق، وفي حال تمكن من الترشح لأي انتخابات رئاسية مقبلة فسيكون رقما صعبا في ظل تشتت رموز ثورة 17 فبراير.
قوة مالية
وعموما، تحاول بقايا نظام القذافي، إعادة التقاط أنفاسها وتنظيم صفوفها مجددا، خاصة وأنها مازالت تمتلك القوة المالية، حيث تقدر بعض الأوساط الإعلامية والبحثية ثروة معمر القذافي بنحو 85 مليار دولار، موزعة على استثمارات عائلية وحسابات سرية وسبائك ذهبية.
لكن الواجهة المالية لنظام القذافي السابق، يعتبر أحمد قذاف الدم، ابن عم معمر القذافي، والمقيم حاليا في مصر، والذي تتحدث مصادر إعلامية عن امتلاكه هو الآخر ثروة كبيرة.
وفي ظل اختفاء سيف الإسلام، وسجن شقيقه حنبعل في لبنان، وصمت بقية الإخوة وعلى رأسهم عائشة، أصبح قذاف الدم الواجهة الإعلامية والمالية والسياسية لأنصار القذافي، لامتلاكه حرية الحركة، وعدم متابعته في قضايا جنائية أو مالية دولية.
حيث أسس قذاف الدم، حزب جبهة النضال الوطني، في المهجر، ويتولى حاليا منصب المسؤول السياسي، ويجري عدة حوارات مع وسائل إعلام عربية ودولية، يبشر فيها بقرب عودة المهدي المنتظر لأنصار النظام السابق.. سيف الإسلام القذافي.
حيث صرح في أحد لقاءاته الإعلامية، في يونيو الماضي، إنه “من واجب سيف الإسلام القذافي كأي مواطن ليبي ألا يبقى متفرجا على الوضع حاليا. لا أحد يستطيع أن ينكر أن له أرضية في ليبيا وإرثا لا سيما لدى الشباب”.
عقبات الترشح
ويحاول أنصار القذافي تجميع صفوفهم، وتوحيد رؤاهم وعدم الذوبان في صف هذا الطرف أو ذاك عبر عدة وسائل إعلامية تابعة لهم على غرار قناة الجماهيرية الفضائية، ووكالة الجماهيرية للأنباء، ومواقع إلكترونية إخبارية، ناهيك عن صفحات التواصل الاجتماعي.
ولا يحظى أنصار القذافي بأي دعم دولي بارز باستثناء روسيا، التي تراهن عليه بديلا لحفتر. ورغم نفي روسيا دعمها لأي طرف في ليبيا، إلا أن عدة قرائن لا تعزز هذا الرأي.
فموسكو كانت من أكبر المعارضين لإسقاط نظام القذافي، خاصة وأنه كان زبونا مهما للسلاح الروسي، وعقدت معه صفقات بالمليارات، وإعادة تأهيل هذا النظام من جديد قد يمنحها امتيازات ونفوذ أكبر مما قد يتيحه لها حفتر أو حكومة الوفاق.
لكن أمام القذافي الابن عقبات كبيرة في طريق ترشحه لرئاسة البلاد، أولها أنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لكن أنصاره أصبحوا يمثلون ثقلا عسكريا وقبليا، وقد يقلبون الطاولة على الجميع، في ظل انقسام ثوار الأمس إلى معسكرين متناحرين، مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أسوأ مما كانت عليه في عهد النظام السابق.