
مرصد مينا
تتزايد المخاوف في ليبيا من اندلاع مواجهات مسلحة في العاصمة طرابلس بين ميليشيات تابعة لرئيس حكومة “الوحدة الوطنية” المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وجهاز “قوة الردع الخاصة”، وذلك في ظل تحشيدات عسكرية متصاعدة خلال الأسبوعين الأخيرين.
وشهدت طرابلس، فجر اليوم الجمعة، وصول أرتال مسلّحة قادمة من مدينتي الزنتان ومصراتة، في تطور ميداني يثير القلق بشأن احتمال اندلاع مواجهة مسلحة جديدة، في ظل التوتر المتصاعد بين الميليشيات المسلحة المتنافسة خلال الأسابيع الأخيرة.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر تحركات عسكرية كثيفة من الزنتان باتجاه طرابلس، تضمنت دبابات وأرتالاً مدرعة مزودة بأسلحة ثقيلة.
كما أظهرت لقطات أخرى وصول عدد كبير من العربات العسكرية من مصراتة باتجاه العاصمة.
وذكرت مصادر متطابقة أن هذه التعزيزات العسكرية تهدف إلى دعم الميليشيات الموالية لـ”الدبيبة”، في عملية مرتقبة تستهدف جهاز “الردع ومكافحة الإرهاب”، القوة المسلحة التي تُعد من أبرز خصوم حكومته في العاصمة.
ويعكس هذا التصعيد الميداني هشاشة التفاهمات والترتيبات الأمنية الأخيرة التي سعت إلى ضبط الوضع في طرابلس.
وكان الدبيبة قد هدّد في وقت سابق بما سمّاها “الميليشيات الخارجة عن القانون”، متوعداً بالتدخل لفرض سلطة الدولة على المنشآت السيادية، بما في ذلك المطارات والموانئ والسجون.
وقد اعتُبر هذا التصريح بمثابة إعلان مواجهة مفتوحة مع جهاز “الردع”، الذي يسيطر على مجمع معيتيقة الحيوي، والذي يضم مطار طرابلس الدولي، والقاعدة الجوية، والمستشفى العسكري، بالإضافة إلى سجن “مؤسسة معيتيقة للإصلاح والتأهيل”.
في السياق، أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، إلى جانب بعثات دبلوماسية تابعة للدول الأعضاء، عن قلقها من هذه التطورات، وانضمت إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في الدعوة إلى “التهدئة العاجلة” وضرورة “حلّ النزاعات بالطرق السلمية والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار”.
وفي السياق ذاته، شدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، محذراً من مساءلة كل من يهدد سلامة المدنيين أو يقوّض العملية السياسية. كما أبدى الاتحاد استعداده لدعم جهود التهدئة عبر حوار تشرف عليه الأمم المتحدة.
على الأرض، شهدت طرابلس تحركات عسكرية مكثفة بين قوات موالية للدبيبة من جهة، وجهاز “الردع” من جهة أخرى، مما أثار قلق سكان العاصمة من احتمالية تجدد الصراع المسلح.
ودعت بعثة الأمم المتحدة كافة الأطراف إلى الانسحاب الفوري للقوات المنتشرة مؤخراً في طرابلس، وأكدت أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار.
في غضون ذلك، عقد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي اجتماعاً بصفته القائد الأعلى للجيش، ضمّ رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة، الفريق أول محمد الحداد، إلى جانب لجنتي “الهدنة” و”الترتيبات الأمنية والعسكرية”.
وقدّم الحداد خلال الاجتماع إحاطة شاملة حول الأوضاع الأمنية في العاصمة والمنطقة الغربية، فيما شدد المجتمعون على ضرورة فرض حظر على المظاهر المسلحة وتحركات الآليات العسكرية بالتنسيق مع الشرطة العسكرية وقوة إسناد مديرية أمن طرابلس.
في تطور موازٍ، أثار دخول قوات من المنطقة العسكرية بالجبل الغربي إلى مدينة غدامس جدلاً واسعاً، وسط أنباء عن خلافات بين المنفي والدبيبة.
لكن المنطقة العسكرية أوضحت أن التحرك يأتي في إطار خطة لمكافحة التهريب والجريمة المنظمة، وبسط سيطرة الدولة على الحدود.
في غضون ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية في طرابلس فرض وجودها الميداني، حيث أعلن “اللواء 51 مشاة” عن انتشار دورياته شرق العاصمة وفي مداخل بلدية تاجوراء، للمساعدة في ضبط الأمن.