في غالب الأوقات، تكون الساعات وحتى الدقائق الحاسمة في مصير أي نظام حكم هي الأشد خطراً، فعلى أساسها تظهر وجهة هذه الدولة أو تلك، فهل ستمضي عملية إزاحة هذا النظام بسلاسة أم ستكون الخطوة الأولى لتحويل البلد إلى محرقة جماعية، قد يطول اتقادها لأعوام وربما عقود.
ولا يخفى على أحد، أن الساعات الحاسمة في مصير أي حاكم، تلفها حالة من الغموض الشديد، وعادة لا تظهر التفاصيل إلا بعد مرور دهر من الزمن على أحداثها، أي بمعنى آخر، عندما يصبح الواقع ضمن صفحات التاريخ.
في السودان، كان الوضع مختلف بعض الشيء عما أسلف في الأعلى، فقد انتشرت تصريحات رسمية، تحكي الساعات الأخيرة في حكم عمر البشير، الذي استمر لعقود في قيادة السودان، عقود يراها البعض كانت ايجابية، وآخرون يرون فيها حكم سلبي، أعاد البلاد إلى الحضيض على المستويين المحلي والدولي.
وفي وصف المشهد الأخير، قال عضو المجلس السيادي الفريق “ياسر العطا” إن أعضاء المجلس العسكري خططوا لإسقاط نظام الرئيس “عمر حسن البشير” بصمت كامل خشية حدوث انشقاق في المؤسسة العسكرية.
وكشف المسؤول السوداني أن المجلس اجتمع واختار الوقت المناسب لخروج البشير من الحكم بأقل الخسائر على حد قوله، مضيفاً: “بحسب المخطط اتجه الفريق عبد الرحمن البرهان وعبد الرحيم دقلو إلى القيادة العامة وبيت الرئيس، واتجه بقية الضباط إلى مناطق أخرى لاحكام السيطرة على الوضع، ثم أعلنا بعدها إسقاط النظام”.
ولفت “العطا” إلى أنه تحدث مع رئيس المجلس العسكري السابق الفريق أول ركن “عوض بن عوف” وأبلغه بضرورة تنحي الرئيس والسفر إلى الخارج حتى لا يذل ويهان، مضيفاً: “قلت له يا سعادتك الحكومة انتهت، وإلى الآن ممكن نحمي الرئيس من المحكمة الجنائية لكن إذا مضى الوقت المسألة تصبح صعبة”.
وكان رئيس المجلس السيادي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، أشار في حديث سابق له، أن المجلس لم يجد أي مشكلات في إبلاغ البشير بسقوط نظامه، مضيفاً: “تقبل البشير الأمر من دون اعتراض، طالما هذه هي رؤية القيادة العسكرية، لا اعتراض له على ذلك”.
يذكر أن وقع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحربة والتغيير في السودان وقعا على الاتفاق السياسي للمرحلة الانتقالية، بحضور الوسيطين الافريقي والاثيوبي قبل أسابيع.
وأعلن الطرفان في مؤتمر صحفي مشترك، الاتفاق على كافة تفاصيل الوثيقة السياسية الخاصة بهياكل الحكم، فيما تم إرجاء الإعلان على الوثيقة الدستورية إلى ما بعد اجتماعات يوم الجمعة المقبل.
ووقع الاتفاق نائب رئيس المجلس العسكري وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي” نيابه عن المجلس العسكري، وعضو تجمع المهنيين أحمد ربيع عن قوى الحرية والتغيير.
وأثناء المؤتمر الصحفي المشترك، وجه حميدتي التحية لكل من ساهم في الوصول للاتفاق من دول إفريقية وعربية ودولية، واعتبر أن “الاتفاق ثمرة مجهود مضن ومتواصل”. مضيفا أن “توقيع الاتفاق لحظة تاريخية في مسار السودان، ويفتح عهدا جديدا بالشراكة ، وأنه ثمرة مجهود متواصل انتظره الشعب السوداني طويلاً.
من جهته قال القيادي في قوى الحرية والتغيير “إبراهيم الأمين” إن الثورة أحدثت تغييرا أساسيا في السودان، نتيجة لمعاناة الشعب السوداني من الأنظمة الشمولية التي ظلمت ونهبت السودانيين، ودعا الشعب السوداني للتكاتف من أجل بناء السودان في المرحلة المقبلة، والابتعاد أيضا عن كل مايفرق السودانيين ، مضيفا أن الحكومة المقبلة ستعمل لصالح كل السودانيين من دون تمييز.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي