أبو مهدي المهندس.. مهندس إرهاب الحشد الشعبي

يعتبر أبو مهدي المهندس رجل إيران الأبرز في العراق؛ وبسبب تاريخيه الطويل في العمل مع ميليشيات طهران أصبح المهندس مستشاراً لقاسم سليماني قائد فيقل القدس في الحرس الثوري الإيراني؛ والرجل الأهم لدى مرشد الثورة الإيرانية في شؤون البلدان العربية المجاورة لإيران.

أسماء عديدة وعلاقة خاصة مع إيران


كشف لائحة العقوبات الأمريكية عام 2009؛ عن 19 اسم حركي حملها؛ جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، فحمل أسماء مثل أبو مهدي البصري، وجمال جعفر الإبراهيمي، وجمال التميمي.
من مواليد محافظة البصرة، في منصف الخمسينيات، حيث تلقى تحصيله العلمي عام 1973 من الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة المدنية في بغداد، ليحصل بعدها على شهادة البكالوريوس في الهندسة عام 1977، قبل أن يكمل دراسته في العلوم السياسية ويحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية.
تابع المهندس دراسته، ودرس الدكتوراه في العلوم السياسية، ليتجه بعدها لدراسة مقدمات الحوزة العلمية للمرجع الشيعي “محسن الحكيم” في محافظة البصرة العراقية.
بداية تعاون المهندس مع إيران كانت من خلال حزب الدعوة العراقي؛ حيث انضم للحزب وهو طالب في المدرسة الثانوية؛ لتأتي أحداث عام 1979 والتي شهدت اعتقال عدد من الطلبة وتحويلهم لمحاكم الثورة، ثم تسلم صدام حسين للسلطة ومقتل المرجع الشيعي “محمد باقر الصدر”، فتجبر المهندس على مغادرة العراق إلى إيران عام 1980 والاستقرار هناك حيث تزوج إيرانية!.
بداية التعاون الفعلي بين المهندس وإيران كانت مع التفجيرات التي شهدتها الكويت عام 1983 حيث تمّ مهاجمة ست منشآت كويتية وأجنبية داخل الكويت؛ بهدف معاقبة الكويت ودول الخليج وأمريكا وفرنسا على دعمهم العراق في حربه ضد إيران آنذاك.
ليصبح “المهندس” أحد أبرز المطلوبين للمحاكم الكويتية خصوصاً بعد قيامه بمحاولة فاشلة لاغتيال أمير الكويت الشيخ “جابر الأحمد الصباح” عام 1985 كضغط جديد على الدعم الكويتي للعراق ضد إيران.
ووجهت له من قبل المخابرات الغربية تهمة محاولة خطف طائرة كويتية.
حصل المهندس على عضوية المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بالإضافة لانتسابه لفيلق بدر (الجناح العسكري للمجلس).. وترقى ليصبح قائداً للفيلق ويمارس مهمات تخريبية استهدفت النظام العراقي في ذلك الوقت.
جاء سقوط نظام صدام حسين؛ كانتصار لأنصار حزب الدعوة والمعارضة المنفية في إيران؛ ليحصل المهندس على الجنسية الإيرانية ويعيين كمستشار للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس؛ وليصبح المهندس من أكثر الشخصيات العراقية ولاء وتنفيذا للأجندات الإيرانية منذ عام 2003 ومنح تفويضاً من قبل النظام الإيراني وبات يعرف بـ “عنصر مفوض”.
تم اسناد مهمة تأسيس ميليشيات حزب الله العراقي لأبي مهمدي المهندس؛ بتوجهات إيرانية عام 2007 التي أصبحت نخبة ما يعرف بقوات الحشد الشعبي التي شاركت في قمع احتجاجات العراق؛ وتدخلت عسكرياً في سورية مع نظام الأسد ضد ثورة الشعب السوري منذ عام 2012.
أعلن أبو مهدي المهندس ولائه لقاسم سليماني متحدثاً بالفارسية؛ عبر تسجيل نقلته وسائل الإعلام الإيرانية وبثته وكالة فرانس برس عام 2017 حيث كان الرجل نائباً لرئيس هيئة الحشد الشعبي حينها!!

مهمات خاصــة


اضطلعت كتائب حزب الله تحت قيادة المهندس – وكذلك ميليشيات الحشد الشعبي – بمهمات داخل العراق وخارجه.
فدعمت نظام الأسد وشاركت بقمع السوريين والمحتجين على النظام في مختلف الأراضي السورية بالتعاون مع بقية الميليشيات الداعمة لإيران والمنضوية تحت لواء حزب الله اللبناني ونظام الأسد.
أصدر المهندس أوامر مباشرة لعناصر حزب الله العراقي بقمع الاحتجاجات التي تشهدها الساحة العراقية منذ أشهر؛ فحدث جرائم وحشية وثقتها “هيومن رايتس ووتش” في ساحة الاعتصام الرئيسية في بغداد السادس من ديسمبر المنصرم.
وأشار تقرير المنظمة الدولية عن وجود قوات مسلحة مجهولة الهوية؛ تتعاون معها أجهزة الأمن العراقية تسببت بجرائم شهدتها بقعة الاعتصام الرئيسية في بغداد!

تحول مهم
سببت انفجارات شهدتها مقرات الحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراقي في أغسطس/آب الماضي؛ منعطفاً في مسيرة أبو مهدي المهندس وكتائب الحزب والحشد التابعة له.

حيث اتهم المهندس أمريكا علانية بمسؤوليتها عن تلك العمليات؛ فأصدر المهندس بياناً حمّل القوات الأمريكية مسؤولية ما جرى متوعداً بالرد المناسب.
نذكر هنا أن عام 2009 شهد ادراج الولايات المتحدة “كتائب حزب الله” الشيعية العراقية وأبو مهدي المهندس على قائمتها للإرهاب وفرضت عليهما عقوبات مالية.
وأعلنت وزارة الخزانة تجميد أصول كتائب حزب الله والمهندس لاعتبارهما يشكلان خطرا أمنيا في العراق.

ولم تكن الهجمات الأخيرة التي شهدتها معسكرات عراقية تحوي جنوداً أمريكيين (استهداف معسكر k1 في محيط كركوك مؤخراً)؛ هي الأولى من نوعها فقد نفذت كتائب الحزب هجمات بالقنابل والصواريخ عامي 2007-2008 استهدف القوات الأمريكية في العراق.

وقادت الاستهدافات الأخيرة لمعسكر كركوك في نهاية ديسمبر؛ لسلسلة من ردات الفعل مع قصف واشنطن لمقرات الحشد وحزب الله في الأنبار ليقود المهندس ويخطط لاستهداف السفارة الأمريكية في بغداد؛ فجاء الرد الأمريكي اليوم باستهداف سليماني والمهندس بطائرة مسيرة أودت بحياتهما؛ منهية شخصيتين من أخر الشخصيات التي أثارت القلاقل في العراق والمنطقة.

الموقف الرسمي الأمريكي


اعتبرت واشنطن أن إزاحة سليماني من المشهد قرار لابد منه؛ وازاحة سليماني تقتضي إزاحة رجال سليماني الذين يعتبر المهندس على رأسهم!!.
فالمخاطر والتهديدات التي شكلها سليماني وأذرعه للمصالح الأمريكية والإقليمية كبيرة وكثرة؛ حيث وأكدت تقارير استخباراتية نيّة سليماني القيام بهجمات ضد واشنطن ومصالحها!!.
الدور الذي لعبه المهندس وقيادات الحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراقي؛ في اقتحام السفارة الأمريكية الأخير.. قاد لتدخل أمريكي حاسم.

مآلات محتملة


ألقى مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدفاعية “حسين دهقان” أن الولايات المتحدة تسعى لإحياء داعش عبر المجزرة التي ارتكبتها ضد سليماني والمهندس؛ مؤكداً أن الرد على الجريمة النكراء لن يكون مقتصراً على إيران وحدها بل سيكون واسعاً!.
وحمّل استنفار القوات العراقية بجميع صنوفها؛ وكذلك ميليشيات الحشد الشعبي بوادر خطر عن المنزلقات الأمنية التي قد تشهدها الساحة العراقية؛ ويؤكد ذلك دعاوي القائد العام للقوات المسلحة لفصائل الحشد لضبط النفس وعدم الاقدام على فعل خارج إطار الدولة العراقية!!.
وهددت إيران رسميا ً بالرد العنيف على ما جرى؛ ليثار تساؤل حول قدرة إيران على الرد ومدى ونوعية الرد الإيرانية (وكذلك العراقي) على استهداف رجلين من أبرز القيادات الميليشياوية في إيران والعراق.
ويتوقع أن يشمل الرد مناطق كثيرة؛ فبنك الأهداف الإيراني يشمل كل الجوار العربي وغيره الذي تتقاطع فيه مصالح أمريكا مع العمق والنفوذ الإيراني (الخليج العربي – أفغانستان – العراق – سورية – تركيا).

ويحمل الرد الإيراني المفترض – لو حصل – سلسلة من الردود المقابلة من قبل واشنطن؛ الأمر الذي يوحي بخطورة المشهد الإقليمي الحالي بعد عمليات الاغتيال اليوم.

ومع إدراك الإيرانيين والميليشيات المرتبطة بهم؛ عواقب الانزلاق في فوضى الرد والرد العكسي للضربة الأخيرة؛ يُرجح أن يكون الرد الإيراني المنتظر كحركة تستهدف حفظ ماء الوجه لا أكثر. 

Exit mobile version