مرصد مينا _ الجزائر
انتهت في الجزائر مهلة إيداع الأحزاب السياسية لمقترحاتها بشأن تعديل الدستور، بناءً على المسودة الأولية التي عرضتها الرئاسة الجزائرية، وقدمت أحزاب عدة مقترحاتها لتعديل الدستور، بينما امتنعت أحزاب من الكتلة الديمقراطية عن تقديم أية مقترحات وقررت مقاطعة مسار إصلاح الدستور.
وحددت الرئاسة نهاية حزيران كآخر مهلة لتقديم المقترحات المتعلقة بالمشروع التمهيدي لتعديل الدستور الجزائري بناءً على ما تضمنته المسودة المقترحة من الرئاسة، ووفقا لما كشف عنه المتحدث باسم اللجنة الدستورية قبل أيام، استقبلت اللجنة 1800 وثيقة مقترحات من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية والمنظمات التي أبدت تجاوبها في إثراء تعديل الدستور، لتصاغ الوثيقة النهائية التي ستعرض على البرلمان للاستفتاء الشعبي بعد أن تحظى بموافقة الرئيس عبد المجيد تبون.
ومن بين الأحزاب السياسية التي قدمت مقترحاتها للرئاسة الجزائرية، حركة مجتمع السلم ( أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد)، وأعلنت، أمس الأربعاء، أنها أودعت لدى الرئاسة وثيقة مقترحات لمسودة الدستور، تتضمن مقدمة سياسية عامة، و 240 تعديلا على المواد الدستورية، إضافة إلى جبهة التحرير الوطني (أول قوة سياسية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، وقدم الحزب الذي يحوز على الأغلبية في البرلمان الحالي، وثيقة تتضمن 101 تعديل على المواد الدستورية، كذلك حركة البناء الوطني (حزب إسلامي) ينتمي إليها رئيس البرلمان الحالي سليمان شنين، كشفت عن تسليمها وثيقة مقترحات للرئاسة الجزائرية، واقترحت تعديلا دستوريا يتضمن منح حق رئاسة وتشكيل الحكومة (الجهاز التنفيذي) للحزب الفائز بالانتخابات النيابية، واعتبار الأمازيغية جزءا أصيلا من الهوية الوطنية بجميع مكوناتها اللسانية.
بالمقابل، قررت أحزاب كتلة ” البديل الديمقراطي ” المُشكل من أحزاب أقصى اليسار واليسار المعتدل، مُقاطعة مقترحات السلطة مع رفض تقديم أية مقترحات، من دون عقد مؤتمر حوار وطني وانتخاب هيئة تأسيسية.
وأكدت الأحزاب المنضوية تحت لواء “البديل الديمقراطي” كـ “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” (أقدم حزب معارض) وحزب (العمال اليساري) و “جبهة القوى الاشتراكية”، التزامها بمطلبها لـ ” تجسيد انتقال ديمقراطي مستقل عن أي وصاية للنظام، وتمر عبر ندوة وطنية مستقلة، تنتهي برحيل النظام”.
ومن بين أبرز النقاط التي أثارت جدلا كبيرا في الساحة السياسية، طبيعة نظام الحكم الذي يجب اعتماده في الدستور القادم، وتراوحت المواقف المتداولة، بين ضرورة الذهاب إلى نظام برلماني أو شبه رئاسي، وهو النظام الذي يحظى بدعم من طرف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وشخصيات أخرى نافسته على قصر المرادية في الانتخابات الرئاسية التي جرى تنظيمها في 12 كانون الأول الماضي، على غرار الرئيس السابق لحزب طلائع الحريات المعارض علي بن فليس ورئيس حركة البناء الوطني (حزب إسلامي) عبد القادر بن قرينة، بينما يفضل قادة أحزاب سياسية أخرى النظام البرلماني.
وتضمنت مُسودة التعديل الدستوري، تعديلات أخرى أثارت جدلا واسعا، أبرزها السماح بإرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بشروط وهو خيار لم يكن مسموحا به منذ السبعينيات، كما أنه يمثل أحد ثوابت العقيدة العسكرية الجزائرية، وكانت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 آخر حرب شاركت فيها وحدات من الجيش الجزائري خارج البلاد.
وتقول المادة 31 من الدستور الجديد: “يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها أن تشارك في عمليات حفظ واستعادة السلام”.
ومنحت التعديلات الجديدة، الضوء الأخضر للقاضي الأول للبلاد، بعد استشارة البرلمان بغرفتيه، للسماح لجيش بلاده بالمشاركة في مهمة ما خارج الحدود الإقليمية، وهو ما يعد تغييرًا جذريًا ولافتًا في العقيدة العسكرية للجيش، فقتال القوات الجزائرية خارج الحدود كان من بين الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.