أربيل تهدد بمقاطعة بغداد بسبب أزمة الرواتب وواشنطن تدخل على خط التهدئة

مرصد مينا

في تطور ينذر بتصعيد سياسي حاد داخل العراق، لوّحت أربيل بإمكانية الانسحاب من العملية السياسية في بغداد، احتجاجاً على قرار وزارة المالية الاتحادية بوقف صرف رواتب موظفي إقليم كردستان، وذلك ابتداءً من شهر مايو الجاري، مما أثار موجة من التوترات السياسية والشعبية داخل الإقليم.

وأكد النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي، شاخوان عبد الله، أن الكتل الكردية ناقشت القرار خلال اجتماع طارئ، واعتبرت ما صدر عن وزيرة المالية طيف سامي “خرقاً متعمداً” يستهدف الإقليم ويهدف إلى “تجويع شعبه”.

وأوضح عبد الله في تدوينة له عبر “فيسبوك” أنه في حال لم تتحرك الحكومة الاتحادية لإعادة صرف الرواتب، فإن قرار الانسحاب من البرلمان سيكون “جاهزاً للتنفيذ خلال ساعة واحدة”.

من جهته، دعا مقرر تيار “الموقف الوطني” في الإقليم، علي حمه صالح، إلى تحرك دبلوماسي هادئ، مطالباً بإرسال وفد رفيع برئاسة رئيس حكومة الإقليم إلى بغداد بعد عطلة عيد الأضحى، لحل ملف الرواتب والموازنة بشكل جذري، وفتح حوار مباشر بشأن ملف تصدير النفط المتوقف منذ أشهر.

وفي سياق متصل، أكد صالح أهمية تجنّب لغة التصعيد، والتركيز بدلاً من ذلك على الحلول الدستورية والمالية، داعياً الإقليم إلى تخفيف شروطه بشأن استئناف تصدير النفط، بما يتلاءم مع التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ورجّحت مصادر سياسية في بغداد أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني سيبدأ سلسلة من الاتصالات العاجلة مع ممثلي القوى الكردية في البرلمان، في محاولة لاحتواء الموقف وتفادي تفاقم الأزمة.

وكانت وزيرة المالية قد وجهت كتاباً رسمياً إلى حكومة الإقليم، أعلنت فيه وقف تمويل الرواتب بسبب ما وصفته بـ”تجاوز الإقليم لحصته في الموازنة العامة”، مؤكدة أن الإيرادات النفطية وغير النفطية للإقليم منذ عام 2023 بلغت 19.9 تريليون دينار، في حين لم يسلّم سوى 598.5 مليار دينار إلى الحكومة الاتحادية، وهو ما يخالف بنود الاتفاق المالي بين الطرفين.

هذا القرار، الذي جاء بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، أثار استياءً واسعاً في كردستان، ووصفته أطراف كردية بأنه “قاتل” و”استفزازي”، في حين خرجت دعوات من داخل الإقليم لتوثيق “انتهاكات” بغداد ورفعها إلى الجهات الدولية.

من جانبها، دافعت وزارة المالية الاتحادية عن قرارها، مؤكدة في بيان رسمي أن حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم واردات النفط إلى شركة “سومو” الحكومية، ولم توفِ بالتزاماتها المتعلقة بتوطين الرواتب، مما أدى إلى خسائر كبيرة في الإيرادات تجاوزت تريليونات الدنانير، بحسب تعبيرها.

وفي خضم هذا التوتر المتصاعد، دخلت الولايات المتحدة على خط الوساطة، حيث دعا مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية -وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية- الطرفين إلى تسوية الخلافات المالية والدستورية، مشدداً على أهمية الالتزام بالمدفوعات التي نص عليها الدستور العراقي.

وأضاف المسؤول أن حل أزمة الرواتب سريعاً من شأنه أن يعزز ثقة المواطنين ويبعث برسائل إيجابية للمجتمع الدولي والمستثمرين، لا سيما بشأن إمكانية إعادة تشغيل خط أنابيب العراق – تركيا.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الوضع مفتوحاً على احتمالات متعددة، تتراوح بين التصعيد والانفراج، بحسب قدرة بغداد وأربيل على الوصول إلى تسوية تحفظ الحقوق وتجنّب البلاد أزمة دستورية جديدة.

Exit mobile version