fbpx

“أردوغان” كما لو انه “صدّام”

“الحرب على الجميع”، يبدو أن هذا شعار رجب الطيب أردوغان، وقد غادر قواعد حزبه القديمة التي حكى فيها أحمد داوود أوغلو عن “تصفير الأعداء”.

ـ حرب على مشابهيه من الأنظمة كالنظام السوري وصديق أمسه بشار الأسد.

ـ حرب على حليفه في الناتو، كما حاله مع الإدارة الأمريكية.

ـ حرب على الدول الديمقراطية وآخر تجلياتها ما يلبث أن يكون طرد سفراء عشر دول من بينها المانيا.

ـ حرب على قوى إسلامية في الداخل كما حال حربه على أستاذه فتح الله غولن.

ـ حرب على قوى ديمقراطية ليبرالية في تركيا وتعبيرها في سجنه لـ “عثمان كافالا”.

ـ حرب مسترسلة ولا تتوقف على الأكراد ومازال عبد الله أوجلان في سجنه في جزيرة أميرلاي.

ولابد سنشهد حربه على “حزبه” وليس افتراقه عن عبد الله غول،  ومن ثم عن أحمد داوود أوغلو سوى تمهيد لما سيكون.

آخر حروبه اليوم مع المجموعة الأوروبية، المانيا ، فرنسا، هولندا، ودول أوروبية أخرى، ليمضي بتدفيع بلاده ثمن الوعود غير المسؤولة التي قدمها للولايات المتحدة أولًا، ثم لروسيا، في سوريا، فيما الأتراك يدفعون الثمن  من جيوبهم وحياة جنودهم.

عندما اندلعت الحرب في سوريا لأول مرة، حلم أردوغان بالصلاة في دمشق، كان يعتقد أنه يستطيع تحقيق هذا الحلم بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.. ولم يصلي.

انقلب على بشار الأسد (وهو شبيهه في الطغيان بفارق القوة)  وكان معه في إجازة بحرية،  فحدث ماحدث بعد ذلك،  ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2015، عندما أدركت روسيا أن الولايات المتحدة ليست لديها نية للإطاحة بالأسد، ذهب أردوغان إلى روسيا وقدم التنازلات، منها شراء منظومة (إس – 400)، مقابل 2.5 مليار دولار نقدًا، فأبعدته أمريكا من مشروع تصنيع طائراتها المقاتلة (إف-35)، وخسر الأتراك 11 مليار دولار.

ورغم كل اعتراضات المعارضة التركية  وتحذيراتها من هذه الدبلوماسية (المذهلة)، استشهد 33 من الجنود الاتراك في إدلب في فبراير (شباط) 2020، وأصبحت روسيا الرابحة هناك، وتراجعت تركيا إلى الوراء”.

صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من موقف بلاده ضد سفراء 10 دول أصدروا بياناً طالبوا فيه بإطلاق سراح رجل الأعمال الموقوف عثمان كافالا، مؤكدا أنه أصدر تعليماته بطردهم.

والنتائج لن تكون سوى إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية الشهر وهاهي برلين اليوم تتشاور بشكل مكثف مع الدول التسع الأخرى، فيما هدد مجلس أوروبا أنقرة بإجراءات عقابية ما لم يتم الإفراج عن كافالا، ومؤشرات الحصار على اردوغان ربما بدأت أقله  عبر التطورات السلبية لتركيا بعد أن وضعتها مجموعة العمل المالي (غافي) على لائحتها الرمادية بسبب قصورها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتسجيل تراجع جديد في الليرة على خلفية مخاوف من سوء الإدارة الاقتصادية وخطر التضخم المفرط، فيما النتائج اللاحقة ستشير أن اردوغان يقود بلاده عبر هذه السياسات إلى الابتعاد الشامل عن أوروبا والغرب.

ومتى يجئ ذلك؟

بالأمس القريب كانت المستشارة الالمانية ميركل في تركيا، ومن تركيا أكدت على عزم ألمانيا مواصلة دعم تركيا، لا سيما بخصوص اللاجئين، يفاجئنا أردوغان بقرار طرد السفير الألماني من أنقرة بما يجعله يسيئ إلى آخر مؤيديه في أوروبا، وخاصة ألمانيا. حيث خاضت تركيا صراعات سياسية خطيرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لسنوات. وعلى الرغم من كل الانتقادات، حاولت برلين دائما عدم ترك العلاقات الأوروبية مع أنقرة تتصاعد. وحتى عندما زارت المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها ميركل أنقرة منذ مدة قريبة، لم يخف على وسائل الإعلام وجود خلاف بين ميركل وأردوغان، بيد أن ميركل حاولت جهدها إدامة العلاقات بين البلدين، وإيجاد تقدير متبادل لجهود التعاون.

وكان السؤال على الدوام:

ـ ما الذي يدفع أردوغان لعزل بلاده عن العالم؟

نائبة رئيس البوندستاغ كلوديا روت (حزب الخضر) في المانيا اعتبرت أن “تصرفات أردوغان ضد منتقديه باتت بلا ضمير وتفرض علينا مواجهة هذا النهج الاستبدادي، وفرض عقوبات، لا سيما وقف صادرات الأسلحة إلى تركيا”،  فيما كتب السياسي من الحزب الديمقراطي الحر، ألكسندر غراف لامبسدورف على تويتر”إن احتمال طرد عشرة سفراء “سيكون عملاً غير حكيم وغير دبلوماسي وسيضعف تماسك تحالف الناتو”. مؤكدا أنه لا يتوقع أن يكون أردوغان مهتما بذلك”.

شيء ما يذكّرنا بصدام حسين، فقد كان لصدام حسين “المدفع العملاق”، وقد ظهر لاحقًا أنه مدفعه ليس أكثر من أنبوب تصريف ماء، وكان لديه وزيره الصحاف، وثبت لاحقًا أن القوات الأمريكية التي احتلت بغداد ليست من “العجول” بل من القوى الضاربة، كما ثبت أن ” الهاتفين” لصدام حسين لابد وينغقلبون عليه، أو “يخونونه” بدءًا من تسليمه على يد أقرب الأصدقاء.

مشكلة الدكتاتوريات أنها لاترى سوى في المرآة، فالعالم هو ما يظهر في المرآة.. فقد مايظهر في المرآة والنتيجة؟

ـ النتيجة أن المرايا تتكسر وتتحول الى نثرات زجاج.

أردوغان مازال يعتقد بأنه “الامبراطور”.

امبراطور على من؟

ستكون تركيا مجرد سجن.. سجن للضحايا كما سجن للسجان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى