أزمة الوقود تتفاقم بمناطق النظام.. لماذا لا تزود روسيا حليفها؟

منذ أكثر من أسبوع تعاني مناطق النظام السوري من أزمة وقود حادة، أدت لشلل شبه كامل لحركة المركبات بالعاصمة دمشق، في حين يشير مشهد اصطفاف مئات السيارات أمام محطات الوقود بأن الأزمة تبدو أكثر من مؤقتة، وهذا ما يؤكده وزير النفط التابع لحكومة النظام حين قال أمس إنه منذ 7 أشهر لم يتم تصل أي ناقلة نفط للبلاد.

ويأتي هذا في وقت لا تستطيع فيه إيران تزويد النظام بالوقود مع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، ومما زاد من الأزمة شروع الولايات المتحدة بمحاصرة النظام كبداية لتطبيق عقوبات مشددة عليه، من خلال فيما بات يعرف بقانون” سيزر”، هذا الحصار كان من خلال منع وصول أي ناقلة نفط للسواحل السورية.

لكن الكثير تساءل عن سبب عدم تزويد روسيا لحليفها (بشار الأسد) بالوقود بعد أن وصلت الاوضاع كما تقول تقارير من داخل دمشق إلى حد” الخطورة”.

أجاب على هذا التساؤل الخبير الاقتصادي الروسي المستقل ومؤلف مشروع “جميع الاقتصاديات” أنطون شابانوف وفق ما نقلت عنه وكالة “سبوتنيك” الروسية أمس: “لا توجد خطوط أنابيب للنفط، والبنية التحتية (في سوريا) بأكملها بعد الحرب في حالة سيئة، والنقل الجوي مكلف للغاية، وكذلك عن طريق البحر أيضا مكلفة، سيكون نفط ذهبي”.

وأضاف شابانوف: “نعم، يمكن لروسيا أن توفر النفط والمنتجات النفطية، لكنها ستكلف 20- 30 مرة أكثر من متوسط السعر في سوريا. من سيشتريها؟ والبيع بخسارة، هذا لم يعد تجارة !”، موضحاً أنه “من المستحيل الآن توفير النفط الروسي لأسباب فنية واقتصادية”.

وكانت صحيفة “الوطن” السورية المقربة من النظام قد ذكرت الخميس، أن آثار الحصار الاقتصادي الأمريكي بدأ يظهر بشكل جلي حين أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بتاريخ 25 آذار/ مارس الماضي، آخر العقوبات التي فرضتها واشنطن على النظام، والمتعلقة بقطاع النفط.

وتقول الصحيفة إن تلك العقوبات طالت الطرق التي كان يلجأ إليها النظام لإيصال النفط متجنبة العقوبات الاقتصادية، كما شملت أرقام جميع السفن التي قدمت إلى سوريا بالتفصيل منذ عام 2016، وحتى يومنا هذا.

وفاقم من آثار الوضع للنظام السوري في مجال تزويده بالطاقة، إيقاف الخط الائتماني الإيراني، بتاريخ 15 آذار/ مارس عام 2018، الذي كان يزود مناطق النظام بجزء كبير من احتياجاته النفطية، حيث وبحسب وزارة النفط التابع لحكومة النظام فأنه ومنذ ذلك التاريخ لم تصل سوريا أية ناقلة نفط خام.

كذلك فإن منع واشنطن إرسال النفط من المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال شرق سوريا والتي كانت قد زودت النظام في فترات سابقة حتى شباط/ فبراير الماضي، زاد من تفاقم أزمة النظام.

أيضا فأن النظام كما يقول بعض المحللين وفقا لتقارير كشفتها واشنطن عام 2017، فأن النظام كان يعتمد خلال السنوات الماضية في جزء كبير من احتياجاته النفطية على تنظيم الدولة “داعش” من خلال عقود بيع بين الطرفين كانت تتم عبر شركة “القاطرجي”.

ويقول المحللون إن مجموعة “القاطرجي” التي تمّ الإعلان عن تأسيسها مطّلع العام 2012 شكّلت طوق النجاة الأمثل لحكومة النظام التي شهدت انهيارات واسعة على المستوى الاقتصادي منذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، من خلال تسهيل حركة التبادل التجاري بين مناطق سيطرة الأخير والمحافظات الخارجة عن سيطرته لاسيما التي تتواجد فيها حقول النفط والتي كانت تشهد انتشار مقاتلي تنظيم داعش، فضلا عن القوات الكردية.

لكن اليوم تنظيم داعش فقد سيطرته على جميع المناطق السورية والتي كانت تتواجد فيها معظم حقول النفط، واصبحت بيد القوات الكردية والتي تتعرض لضغوط من قبل الولايات المتحدة بعدم إرسال أي نقطة نفط للنظام، في وقت تحدثت فيه تقارير الاسبوع الماضي عن استهداف الطائرات الأمريكية لصهاريج كانت تحمل نفط اثناء توجهها من مناطق قسد نحو النظام.

وتحتاج مناطق النظام في سوريا يومياً إلى ما لا يقل عن 7 آلاف طن من الفيول، و1200 طن من الغاز، بالإضافة إلى 6 ملايين ليتر من المازوت و4.5 ملايين ليتر من البنزين.

وتبلغ تكلفة تأمين هذه الاحتياجات نحو 4 مليارات ليرة سورية، أي ما يعادل 8 ملايين دولار أمريكي، وبالتالي فإن القيمة تصل إلى 200 مليون دولار شهرياً.

ويعادل إنتاج النظام حالياً من النفط 24 ألف برميل يومياً، في حين تحتاج البلاد يوميا 136 ألف برميل، أي أن لدى النظام من المحروقات محليا ما يعادل 16 % من احتياجات مناطقه فقط.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

Exit mobile version