مرصد مينا
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تغريدة له عقب لقائه الثنائي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه “من الرائع” اللقاء مرة أخرى مع الرئيس التركي.
جاء ذلك عقب لقائه أردوغان على هامش قمة حلف شمال الأطلسي “ناتو” التي تستضيفها العاصمة الليتوانية فيلنيوس يومي 11 ـ 12 يوليو/ تموز الجاري.
وأضاف بايدن أن قمة الناتو في فيلنيوس شهدت “خطوة تاريخية” بقرار تركيا بشأن انضمام السويد إلى الحلف.
والاثنين، أكد بيان ثلاثي بعد اجتماع الرئيس أردوغان وأمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، ورئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون، أن أنقرة ستحيل بروتوكولات انضمام السويد للحلف إلى البرلمان للتصديق عليه، وأن ستوكهولم ستدعم جهود إحياء عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
الرئيسان التركي والأمريكي سبق أن التقيا على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في بالي الإندونيسية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
الانعطافة التركية الجديدة جعل المحرر الدبلوماسي لصحيفة “الغارديان” باتريك وينتور، يرى أن الرئيس التركي استطاع تحقيق مكاسب،…، أي دارس لأساليب رجب طيب أردوغان التفاوضية، يعرف أن الرئيس التركي هو أستاذ في فن الاستفاذة من أوراق النفوذ، ينتظر حتى يكون محاوروه في أضعف حالاتهم، قبل أن يرمي ورقته الأخيرة”.
وأضاف: عادة ما تكون وسائلة قاسية ووحشية. ففي محضر اجتماع لقادة أوروبيين تم تسريبه عام 2015، ويتعلق بالمهاجرين السوريين، قال أردوغان: “نستطيع فتح الأبواب على اليونان وبلغاريا ويمكننا وضع اللاجئين في حافلات.. فكيف ستتعاملون مع اللاجئين إن لم تحصلوا على صفقة؟ هل ستقتلون اللاجئين؟”. وقال ساخرا من لوكسمبرغ التي جاء منها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إنها “تشبه بلدة صغيرة في تركيا”.
وفي سياق رفض الموافقة على عضوية السويد في حلف الناتو حتى عشية القمة في فيلينوس، فقد كان الأمر متوقعا. كان أردوغان يقاتل من أجل المصالح التركية على ثلاث جبهات: ملاحقة الأكراد- الأتراك في السويد، إزالة معارضة الكونغرس على صفقة طائرات اف 16. وفي تحرك مفاجئ للجميع، المطالبة بتقدم على ملف العضوية التركية في الاتحاد الاوروبي وتأشيرات تسمح للأتراك السفر بحرية في أوروبا.
أردوغان حقق تقدما على كل الجبهات بدون تحديد موعد تصويت البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو وحتى الآن لم توضع كل قطعة من قطع الجيكسو في مكانها بعد.
فقد عدلت السويد دستورها وغيرت قوانينها، ووسّعت التعاون ضد حزب العمال الكردستاني “بي كي كي”، واستأنفت تصدير السلاح لتركيا. ووافقت على تقديم خطة طريق تكون “أساسا لمواصلة محاربة الإرهاب في كل أشكاله وتمظهراته” وأكدت أنها لن تقدم الدعم لجماعات “واي بي جي” و”بي واي دي” الكردية في سوريا. وأكدت السويد، بطريقة لفظية أنها قدمت تنازلات، وأنها لم تقدم الدعم لمن تصفها تركيا بالحركة الإرهابية لفتح الله غولن، وهي كيان تراه الحكومة التركية شبكة سرية يقودها غولن.
ووافق الناتو على تشكيل منسق لمكافحة الإرهاب، والمهم هو أن المحاكم السويدية، باتت أكثر تشددا مع الأكراد السويديين الذين يخرقون القانون.
وفي موضوع طائرات أف-16، فقد تحدث وزير الدفاع التركي يشار غولر يوم الإثنين مع نظيره الأمريكي لويد أوستن. وفي بيان متوهج، قالت وزارة الدفاع إن الوزيرين “ثمّنا التاريخ الطويل من التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وتركيا، وثمّنا التعاون القريب والمستمر”. و”ناقشا المحادثات الإيجابية بين تركيا والسويد والأمين العام للناتو ستولتنبرغ، وكذا دعم وزارة الدفاع الأمريكية للتحديث العسكري التركي”.
وأكثر من هذا، بحسب الغارديان، فقد وافق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب ميننديز، ويعتبر من كبار أصدقاء اليونان، فيما إن كان سيرفع الفيتو عن صفقة أف-16، وعلق أن هناك حالة هدوء في النزعة التركية المحاربة لليونان، وعبّر عن أمله بأن يصبح هذا “واقعا دائما”. وكان مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان ينتتظر هذا، حيث كشف أن الصفقة التي توقفت منذ عام 2021 ستشمل بيع 40 مقاتلة، وكذا تحديث 79 أخرى في حوزة الجيش التركي. بحسب الغارديان.
ولا يعرف إن كان أردوغان قد حقق تقدما في موضوع عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي، لكن الرئيس التركي يعرف أن هذا موضوع العضوية، وربما كان يلوح لاتفاق الجمارك والسفر بدون تأشيرة، ومع زحف اليمين في إسبانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية، فالمعارضة لاتفاق كهذا ستكون شاملة.
وتحدث تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، وإن بدبلوماسية عن “لقاء جيد” مع أردوغان، مضيفا بدون أية التزامات أنه “بحث فرصا لإعادة تعاون الاتحاد الأوروبي- التركي إلى الأمام مرة أخرى وتنشيط علاقاتنا”.
ويعلق الكاتب أن قلة في الناتو يحبون طريقة أردوغان المتحمورة حول النفس والتعاقدية في التعامل، لكن عدم الاستلطاف لوسائله ليست مهمة طالما كانت هناك جائزة. ففي السويد سيكون هناك فرح. ففي استطلاع مركز أبحاث “بيو” وجد أن المواقف السويدية من روسيا تجعل السويد حالة خاصة، فهناك نسبة 98% عبّرت عن مواقف سلبية من روسيا، إلى جانب نسبة 79% عبّروا عن مواقف جيد من الناتو، و92% قالوا إنهم لا يثقون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقدرته على التعامل مع الشؤون الدولية.
لكل هذا احتفل رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون مع الرئيس أردوغان بعد يوم من المفاوضات الطويلة بنهاية الليل في فيلينوس.
لكن على أردوغان أن يعيد ضبط العلاقات مع روسيا الفاعلة في الملف السوري الحيوي بالنسبة لأنقرة وكذلك في ملف ملف العلاقات الاقتصادية مع موسكو، فروسيا لم تكن راضية عن انعطافة اردوغان وموافقته على انضمام السويد للناتو ووصفت هذه الخطوة بأنها “طعنة بالظهر”