أغنية عن وهران تضع مغنياً جزائرياً في قبضة الأمن بتهم العنصرية والكراهية

مرصد مينا

تورط مغني الراي الجزائري الشهير سيدي أحمد الهواري، المعروف بلقبه الفني “الهندي”، في قضية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والإعلامية في البلاد، بعد أن أوقفته السلطات الأمنية بتهمة نشر خطاب الكراهية والتحريض على الجهوية (المناطقية) والعنصرية، عقب إطلاقه أغنية وصفت بأنها “مسيئة” لوحدة المجتمع الجزائري.

تعود تفاصيل القضية إلى قيام “الهندي” بنشر أغنية بمناسبة عيد الفطر، امتدح فيها مدينة وهران وجمالها خلال العيد، مشيراً إلى أنها بدت “أجمل وهي خالية من الغرباء”، في إشارة إلى الزوار القادمين من ولايات جزائرية أخرى، ما اعتُبر تحريضاً مباشراً على التمييز والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

وبعد تداول الأغنية على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تحركت مصالح الأمن في وهران لتوقيف المغني، حيث وُجهت إليه تهم تتعلق بـ”الدعوة إلى الكراهية، والتحريض على الجهوية والعنصرية”، وفقاً لما أكدته مصادر محلية.

غضب شعبي على مواقع التواصل

ولقيت الأغنية استياءً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبّر العديد من النشطاء عن صدمتهم من مضمونها، معتبرين أنها تروّج لخطاب إقصائي لا يليق بالفنانين الذين يخاطبون شرائح واسعة من المجتمع.

وكتب أحدهم مستنكراً: “ما الذي جعله يقدم على هذه الكلمات؟ إنها دعوة واضحة لنبذ الآخر، رغم أننا أبناء وطن واحد”، بينما رأى آخر أن “هذه التصرفات يجب أن تُردع، لأن الفنانين يؤثرون في الجمهور، وقد تتحول كلماتهم إلى ممارسات على الأرض”.

مغني الراي سيدي أحمد الهواري المعروف بـ”الهندي”

في المقابل، حاول البعض إيجاد تبريرات لما جاء في الأغنية، معتبرين أنها ربما كانت ناتجة عن “لحظة غضب أو شعور بالتهميش عاشه الفنان”، إلا أنهم لم يُعفوا من المسؤولية كل من ساهم في إنتاجها ونشرها.

انتقادات من الوسط الإعلامي والفني

من جانبه، وصف الصحافي المتخصص في الشأن الفني يحيى طبيش كلمات الأغنية بأنها “تحريضية وتمس بوحدة المجتمع”، مشدداً على أن “وهران، كغيرها من ولايات الجزائر، لا تخص أحداً بعينه، بل هي ملك لكل الجزائريين، ومن يدّعي غير ذلك إنما يزرع بذور الفرقة والانقسام”.

وأضاف طبيش في تصريحات صحافية اليوم الجمعة: “الأسوأ من مضمون الأغنية هو تشويه صورة وهران، المدينة التي عُرفت تاريخياً بكرم أهلها وترحيبهم بالزوار”، لافتاً إلى أن توقيت إصدار الأغنية قد يكون محاولة من المغني للعودة إلى الأضواء بطريقة مثيرة للجدل.

كما دعا طبيش إلى تأسيس نقابة وطنية للفنانين تكون لها سلطة تنظيمية ورقابية، للحد من مثل هذه الممارسات التي قال إنها “ترجع بعقود إلى الوراء”، مؤكداً أن “الجزائر تجاوزت مرحلة الجهوية، وأنه بات من الضروري الفصل بين الاعتزاز بالمكان والانتماء، وبين إثارة النعرات التي خلفها الاستعمار”.

وتعيد هذه القضية إلى الأذهان حادثة مشابهة وقعت في تسعينيات القرن الماضي، عندما أثار مغني الطابع “الشعبي” عبد المجيد مسكود جدلاً بأغنية بعنوان “العاصمة”، قال فيها إن “الزحف الريفي تسبب في مقدم الغرباء”، ما خلق حينها ضجة اجتماعية، لكنها لم تتطور إلى متابعات قانونية كما في حالة “الهندي”.

Exit mobile version