أنقرة تلتف على قانون الحماية..شهادات مروعة لسوريين رحلتهم تركيا قسراً

ينتظر “محمد حسن” كغيره من مئات السوريين، في طابور طويل في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عقب ترحيله على يد السطات التركية فجأة وبدون سابق إنذار، ليجد نفسه في منطقة مصنفة، على أنها من الأماكن الأخطر في العالم.

برفقة شبان آخرين، عاد الشاب محمد مجبراً إلى بلده، بعد توقيفه في إسطنبول التركية، في حملة كبيرة بدأت بها تركيا بترحيل أي مهاجر لايحمل أوراق رسمية، بما فيهم السوريين في حال عدم حيازتهم على بطاقة الحماية المؤقتة”الكملك”.

وأفصح الشاب محمد المنحدر من مدينة حلب شمال سوريا في تصريحه لوكالة “فرانس برس” قوله “هذه أول مرة أعود فيها إلى سوريا منذ غادرت، بعد ترحيلي عنوة على يد قوات الأمن التركية، مضيفاً، “منذ سبع سنوات وأنا خارج سوريا ولا أعلم شيئاً عنها، الآن علي أن أبدأ حياتي من جديد فيها.

وكانت قوات الأمن التركية، قد ألقت القبض على محمد في مدينة إسطنبول، واحتجزته لمدة 10 أيام، بسبب عدم حيازته على بطاقة الحماية المؤقتة ” الكملك” ثم قامت بترحيله إلى محافظة إدلب، الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام التي تتعرض منذ خمسة أشهر للقصف بشتى أنواع الأسلحة من قبل الطيران الروسي والسوري.

يقول الشاب المرحل، وقد بدت عليه علامات العجز والحسرة “أهلي في حلب، ولا أستطيع أن أذهب إليهم، بعد سيطرة قوات النظام على المدينة نهاية العام 2016، مشيراً إلى أنه سيبقى عند أقربائه، ولن يعود إلى تركيا بعد الظلم الذي رآه.

خوف واضطراب

اللاجئ السوري “عدنان” يقول لـ “مرصد مينا”: ما سأقوله لكم يدركه الجميع، وهذا الجمع بات يخشى حتى من قول “أنقذوني”، فهو أي اللاجئ السوري- يعيش حالة من الاضطراب والرعب لم يعهد مثلها إلا عندما مخابرات النظام السوري تبحث عنه في المدن الثائرة وهي تفتش الأزمة والمنازل واحداً تلو الآخر حتى تعتقله وترميه في السجن.

ويضيف عدنان، اليوم نحن في اسطنبول وفي الجنوب التركي، نعيش كسوريين ذات الحالة، وكأن الزمن عاد بنا إلى الأشهر الأولى من عام 2011، كل اللاجئون خائفون لا يدركون أين المفر، وبعضهم يحاول تغييب هذا الخوف عن عائلته التي بدأت تعيش الرعب في المسير وفي المسكن، إذ أن الشرطة التركية تبحث في المباني وتفتش المنازل لاصطياد السوري، وفي الشارع بدأ السوري يخشى وأن غادر منزله لا يقين يملكه، هل سيعود إليه مساء أم ستحط به عجلات سيارات الترحيل على البوابة الحدودية.

يذكر بأن آلاف الشبان السوريين يخشون العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، إما لأن أغلبهم مطلوب للنظام بتهم مظاهرات أو غيرها، من التهم التي تلقي بهم في معتقلات النظام الوحشية، أو خوفا من سوقهم للخدمة الإلزامية.

وتسبب القصف المكثف من قبل الطيران الحربي الروسي والسوري، على المدن والبلدات السورية، بمقتل مئات الآلاف من السوريين، ونزوح الملايين، بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئيين السوريين بلغ 7 ملايين لاجئ يتوزعون حول العالم، بينهم 3,5 مليون في تركيا وحدها.

توثيق الانتهاكات

وذكرت منظمات غير حكومية سورية، أن السلطات التركية أوقفت أكثر من 600 سوري، جلهم يحملون بطاقات حماية مؤقتة صادرة عن ولايات أخرى، ثم رحّلتهم إلى سوريا، علماً أن الواجب، كان يحتم عليها أن ترسلهم إلى الولايات المسجلون فيها، وفقا للقرار الذي أصدرته في وقت سابق.

من جهته نفى وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” الأسبوع الماضي ترحيل لاجئين إلى سوريا، في تصريح لقناة تلفزيونية، قائلا “عندما نقبض على سوريين غير مسجلين نعيدهم إلى مخيمات للاجئين”، مشيرا بذلك إلى المخيمات التي تقع جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية التركية.

وأبدت العديد من المنظمات قلقها، بعد توارد معلومات عن إجبار اللاجئين على توقيع وثائق موافقة على العودة إلى سوريا مكتوبة باللغة التركية، دون أن يعرف الشخص الموقع مضمون الوثائق، بالتزامن مع رفض الشرطة التركية وجود مترجمين.

وأشار محمد، إلى أنه حاول عدة مرات، الحصول على بطاقة حماية مؤقتة في إسطنبول لكنه لم ينجح، بسبب إيقاف السلطات منحها.

وأوضح الشاب السوري، أنه بعد توقيفه طلبت منه قوات الأمن التركية، أن يبصم على وثيقة، قالوا له أن الهدف منها هو منحه إقامة في اسطنبول، إلا أنهم “كذبوا علينا، ففي صباح اليوم التالي، وضعونا في حافلات وأرسلونا إلى سوريا”.

وندّدت منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان لها، السبت الماضي، هذه الإجراءات، معتبرة أن تركيا “تدعي مساعدة السوريين على العودة الطوعية إلى بلادهم، إلا أن تهديدهم بالسجن حتى يوافقوا، وإجبارهم على التوقيع على وثائق، ورميهم في منطقة حرب، ليس أمراً طوعياً أو قانونياً.

بدوره قال مدير العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى “مازن علوش” لفرانس برس” إن “السلطات التركية ترحّل بشكل يومي السوريين المخالفين، وغالبيتهم ممن دخلوا تركيا بطرق غير شرعية، مشيرا إلى أنه تم ترحيل 4400 شخص على الأقل خلال ثلاثة أسابيع من شهر يوليو الحالي، مقابل 4300 في حزيران الماضي.

وأثارت هذه الإجراءات انتقادات واسعة في صفوف اللاجئين والشخصيات السياسية الحقوقية السورية.

وفي هذا الصدد قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة “أنس العبدة”، في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول، الخميس الماضي، أنه تلقى ضمانات من الجانب التركي بعدم ترحيل المخالفين لنظام الحماية المؤقت إلى سوريا، في حال عدم ارتكابهم أي مخالفات جرمية، داعيا جميع السوريين في تركيا إلى تسوية أوضاعهم بالسرعة الممكنة.

وفي معبر باب الهوى، وجد شاب سوري آخر ” لؤي” نفسه مجبراً على العودة إلى سوريا بعد أربع سنوات من الفرار منها، بعد إلقاء القبض عليه من قبل قوات الأمن التركية وإحتجازه ثم ترحيله.

يروي لؤي كيف اقتادته الشرطة من مشفى كان قد إصطحب إليه صديقه المصاب بجروح، جراء شجاره مع شبان أتراك في مدينة أنطاليا، قائلا “نقلوني إلى المخفر، وقالوا إنني سأكون شاهداً على الحادثة، بيد أنه وجد نفسه بعد ساعات، في سجن يضم نحو 350 شخصاً من جنسيات مختلفة، بينهم أفغان وسوريون، مضيفا، أنه”عند منتصف الليل رحلونا، ووصلنا صباحاً إلى باب الهوى.

“عائلتي ليست هنا، أنا غائب عن سوريا منذ أربع سنوات، ولا أعلم كيف سأبدأ حياتي فيها من جديد”. بهذه الكلمات ختم لؤي كلامه.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي

Exit mobile version