fbpx
أخر الأخبار

إثيوبيا من الداخل 3/3

مرصد مينا – هيئة التحرير

يعتبر سد النهضة أحد أبرز التحديات التي تواجه إثيوبيا سواء من ناحية القدرة على الاستمرار في إنشاء السد إلى مراحله الأخيرة، أو من ناحية الخلافات التي فجرها بين اديس أبابا وكل من القاهرة والخرطوم، والتي أنذرت باحتمالية قيام صراعات موارد بين دول حوض النيل.

يشار إلى أن سد النهضة يقع في نهاية النيل الأزرق داخل الحدود الإثيوبية في منطقة بني شنقول-قماز، وعلى بعد حوالي 20-40 كم من الحدود السودانية، خط عرض 6:11 شمالاً، طول 9:35 شرقاً، على ارتفاع حوالي 500-600 متر فوق سطح البحر. يصل متوسط الأمطار في منطقة السد حوالي 800 مم/سنوياً.

مشكلة تاريخية أبعد من المعلن

خلافاً لما يعتقده معظم المتابعين لتطورات بناء السد، فإن فكرة إنشاءه لا ترجع إلى العام 2011، وإنما هي مشروع تم طرحه منذ أواسط القرن الماضي، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن مكتب الاستصلاح الأمريكي خلال فترة حكم الإمبراطور الإثيوبي، “هيلا سيلاسي”، بين عامي 1956 و 1964، قام بتحديد الموقع النهائي لسد النهضة الإثيوبي على مجرى النيل الأزرق، ولكن بسبب الانقلاب العسكري عام 1974 توقف المشروع، إلى أن قامت الحكومة الإثيوبية بين أكتوبر 2009 وأغسطس 2010 بمسح موقع السد، وفي نوفمبر 2010 قدم “جيمس كليستون تصميمًا” للسد، لتبدأ من هنا أزمة السد مع كل من مصر والسودان.

كما تؤكد المصادر التاريخية أن صراعات الموارد بين مصر وإثيوبيا لم ترتبط فقط بإنشاء سد النهضة، إنما طفت تلك الصراعات منذ القرن 19، اتجه خديوي مصر إسماعيل لإقامة إمبراطورية مصرية كبرى في افريقيا تسيطر على القرن الإفريقي ومنابع النيل، لتندلع بين الجانبين معركتا غوندت وغورا، والتين تمكن فيها الإثيوبيين من تحقيق النصر على المصريين، حيث كانت حينها مصر والسودان مملكة واحدة.

في ديسمبر/كانون أول عام 1874 توجهت قوة مصرية قوامها 1200 جندي من ميناء كسلا تحت قيادة الضابط السويسري مونزينغر واحتلت كيلين، ولكن مع احتجاجات إثيوبيا انسحب الجيش غير أنه خلف حامية وراءه لحماية بعثة كاثوليكية رغم وجود تلك البعثة في المنطقة لأكثر من 40 عاما دون حماية.

وخلال شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 1875 احتلت قوة مصرية بقيادة الكولونيل الدنماركي سورن آريندوب منطقة غيندا وأرسل مبعوثا إلى ملك إثيوبيا يوحنا السادس يطالبه بترسيم الحدود، وقد اعتبر الملك الإثيوبي الرسالة بمثابة تهديد فسجن الرسول، وفي 23 أكتوبر/تشرين أول أعلن ملك إثيوبيا الحرب على مصر.

بعد هزيمة غونديت جرد الجيش المصري حملة أكبر قوامها 20 ألف جندي على إثيوبيا عام 1876 بقيادة محمد راتب باشا والجنرال الأمريكي وليام لورينغ، حيث تقدم المصريون إلى غورا وأقاموا حامية هناك.

وفي 5 و 6 نوفمبر/تشرين ثاني شن الجيش الإثيوبي، وكان قوامه 200 ألف مقاتل، هجوما على القوات المصرية.

وكان راتب باشا يريد المبادرة بمهاجمة الإثيوبيين غير أن الجنرال لورينغ فضل التحصن في المعسكر الذي كان محاطا بتلال اعتلتها القوات الإثيوبية التي فتحت نيرانها على من في المعسكر المصري.

سد النهضة في التاريخ الحديث

على الرغم من أن صراع المياه والموارد بين إثيوبيا ومصر هو صراع تاريخي، إلا أن قضية سد النهضة بشكلها الحالي لم تظهر إلا بعد أن وافقت الحكومة الأمريكية على الطلب الإثيوبي في إمكانية التعاون معه للقيام بدراسة شاملة لحوض النيل الأزرق، خاصة بعد عزم مصر على انشاء السد العالي في ذلك الوقت، وجرى التوقيع على اتفاق رسمي بين الحكوميتن في 9 أغسطس 1957، ثم كلف مكتب الاستصلاح الأمريكي التابع لوزارة الداخلية الأمريكية للمشاركة في المشروع المشترك بعنوان “البرنامج التعاوني للولايات المتحدة الأمريكية وإثيوبيا لدراسة حوض النيل الأزرق”.

استمرت تلك الدراسة المكثفة للمشروع لمدة خمس سنوات بين عامي 1958-1964 وكان ذلك إبان قرار مصر اللجوء للاتحاد السوڤيتي، لبناء السد العالي في مصر (1960-1970) وفي أعقاب انهيار مبدأ أيزنهاور في الأزمة السورية 1957.

وانتهت تلك الدراسة بتقديم تقريراً شاملاً عن الهيدرولوجيا ونوعية المياه، شكل سطح الأرض، والجيولوجيا والموارد المعدنية، والمياه الجوفية، استخدام الأرض، وأخيراً الحالة الاجتماعية والاقتصادية لحوالي 25 حوض فرعي وأعلنت الدراسة من خلال 7 مجلداات مكونة من تقرير رئيسي بعنوان “الموارد الأرضية والمائية للنيل الأزرق” 6 ملاحق عام 1964.

وقام المكتب الأمريكي بتحديد 26 موقعاً لإنشاء السدود أهمها أربعة سدود على النيل الأزرق الرئيسي: كارادوبي، مابيل، مانديا، وسد الحدود (النهضة) بإجمالي قدرة تخزين 81 مليار م³. وهو ما يعادل جملة الإيراد السنوي للنيل الأزرق مرة ونصف تقريباً. بعض الدراسات الحديثة زادت من السعة التخزينية لسد ماندايا من 15.9 مليار م³ إلى 49.2 مليار م³، وسد النهضة من 11.1 مليار م³ إلى 13.3 مليار م³، وألغت سد مابيل واقترحت سد باكو أبو بدلاً منه.

في شباط العام 2011 أعلنت الحكومة الإثيوبية عزمها إنشاء سد بودر على النيل الأزرق، والذي يعرف أيضاً بسد حداسه، على بعد 20-40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16.5 مليار م³، واسناده إلى شركة ساليني الإيطالية بالأمر المباشر، وأطلق عليه مشروك إكس، وسرعان ما تغير الاسم إلى سد الألفية الكبير، ووضع حجر الأساس في 2 أبريل 2011، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة في نفس الشهر ليصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير.

رحلة طويلة من المفاوضات

بعد إعلان إثيوبيا عزمها إنشاء السد، انطلقت سلسلة جولات من المفاوضات بينها وبين الجانب المصري والإثيوبي، على اختلاف الأنظمة التي حكمت البلدين خلال تلك الفترة، والتي لم تتمكن حتى الآن من التوصل إلى اتفاق شامل للأزمة بين أطرافها الثلاثة.

فيما يلي جدول زمني لتطور المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا:

في سبتمبر/ أيلول 2011 اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية، تدرس آثار بناء سد النهضة، وفي مايو/ أيار 2012بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الهندسية الإثيوبية، ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان، في مايو/ أيار 2013 أصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها، بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب. وقد توقفت المفاوضات بعدما رفضت مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب.

وفي يونيو/ حزيران 2014 اتفقت السلطات في مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى، في سبتمبر/ أيلول 2014 عقد الاجتماع الأول للجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان، للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية، والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2014 اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين، أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد.

مع حلول مارس/ آذار 2015 وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني، عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة”، والتي تضمنت 10 مبادئ أساسية، تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.

في سبتمبر/ أيلول 2015 انسحب المكتبان الاستشاريان لـ”عدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات بحيادية، وفي ديسمبر/ كانون الأول  2015 وقع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة الخرطوم، التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.

واصلت أزمة سد النهضة تصاعدها في مايو/ أيار 2016 حيث أعلنت إثيوبيا أنها على وشك إكمال 70 في المئة من بناء السد، وفي مايو/ أيار 2017 كان الانتهاء من التقرير المبدئي حول سد النهضة، واندلاع خلاف بين الدول الثلاث على التقرير.

في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 أعلنت مصر موافقتها على التقرير المبدئي، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 أعلنت وزير الري المصري عدم التوصل لاتفاق، بعد رفض إثيوبيا والسودان للتقرير المبدئي، والحكومة المصرية تعلن أنها ستتخذ ما يلزم لحفظ “حقوق مصر المائية”.

بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2017 اقتحت مصر على إثيوبيا مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان، وفي يناير/ كانون الثاني 2018 أعلن رئيس وزراء اثيوبيا، هايلي مريم ديسالين، رفض بلاده دعوة من مصر لتحكيم البنك الدولي في النزاع على سد النهضة، ليعقد

الاجتماع التساعي الأول لوزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة المخابرات، في مصر والسودان وإثيوبيا في إبريل / نيسان 2018، يعقبه تصريحات بعدم الوصول إلى اتفاق في تلك الجولة من المفاوضات .

وفي يونيو/ حزيران 2018، تعهد رئيس الوزراء الإثيوبي، “آبي أحمد”، شفهيا في مؤتمر صحفي بالقاهرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن بلاده لن تلحق ضررا بالشعب المصري، بسبب سد النهضة، ومع حلول سبتمبر/ أيلول من العام ذاته، عقد وزراء الري من البلدان الثلاثة اجتماعا للجنة الفنية، بخصوص سد النهضة في أديس أبابا، وأعلنوا عدم التوصل لنتائج جديدة وإرجاء المفاوضات إلى وقت لاحق.

صعوبة المفاوضات دعت زعماء الدول الثلاثة إلى الاجتماع على هامش القمة الأفريقية، المقامة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فبراير/ شباط 2019، وأعلنت الرئاسة المصرية إنهم توافقوا على عدم الإضرار بمصالح شعوبهم، كأساس تنطلق منه المفاوضات، وكذلك التوافق حول جميع المسائل الفنية العالقة.

في 13 و14 و 15 يناير / كانون الثاني 2020، استضافت العاصمة الأمريكية واشنطن وفود الدول الثلاث، لتقييم نتائج الاجتماعات الأربعة السابقة، وخرجت المفاوضات بتوافق مبدئي على إعداد خارطة طريق، تتضمن 6 بنود أهمها بالنسبة لمصر تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.

في 20 يونيو/حزيران 2020 طلبت مصر رسميا تدخل مجلس الأمن بسبب أزمة سد النهضة، ليعلن الاتحاد الأفريقي في 26 يونيو/حزيران 2020 رعايته لمفاوضات سد النهضة، يتبع ذلك، إعلان مجلس الأمن الدولي في جلسة لبحث أزمة سد النهضة دعمه لجهود الاتحاد الأفريقي لتسوية النزاع.

مع حلول 9 يونيو/حزيران 2021 عقد وزراء الخارجية والري في مصر والسودان اجتماعا حول سد النهضة، وهو الاجتماع الذي قال فيه مسؤولو البلدين إن المفاوضات وصلت “إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي”، لتعلن الجامعة العربية في 15 يونيو/حزيران 2021 دعم موقف مصر والسودان وتدعو مجلس الأمن لبحث أزمة سد النهضة.

أهداف السد 

بحسب  ما تعلنه الحكومة الإثيوبية، فإن الغرض الأساسي من إنشاء السد هو توليد الكهرباء لتعويض النقص الحاد في الطاقة في إثيوبيا، ولتصدير الكهرباء إلى البلدان المُجاورة. من المُتوقع أن يكون السد أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وسابع أكبر محطة في العالم بسعة مُخططة تبلغ 6.45 جيجاواط.

إلى جانب ذلك، وبما أن النيل الأزرق هو نهر موسمي للغاية، فإن السد سيقلل من الفيضان، بما في ذلك 40 كم من داخل إثيوبيا، فمن ناحية، سيقوم السد بالحد من الفيضانات وهو مفيد لأنه يحمي المستوطنات من الأضرار الناجمة عن الفيضانات.

السد أيضاً يمكن أن يكون بمثابة جسر عبر نهر النيل الأزرق، وليستكمل الجسر الذي كان تحت الإنشاء في عام 2009 من مجرى النهر. تقييم مستقل يقدر أن 5,110 شخصا على الأقل سيتم إعادة توطينهم ونقلهم من منطقة الخزان ومنطقة المصب، كما من المتوقع أن يؤدي السد إلى تغيير كبير في مصايد الأسماك. ووفقاً لباحث مستقل أجرى أبحاثا في المنطقة حيث يجري بناء السد، سيتم نقل 20,000 شخص. ووفقا لنفس المصدر، فهناك خطة لنقل هؤلاء الذين نُقلوا، وتم إعادة توطينهم، وإعطائهم أكثر مما كان متوقعاً في التعويض.

كما يبني جميع السكان المحليين أملهم في أن يجلب المشروع شيئا من المنافع لهم وذلك من حيث التعليم والخدمات الصحية أو إمدادات الكهرباء وذلك على أساس المعلومات المتاحة لهم، على الأقل، فبعض المجتمعات الجديدة بالنسبة لأولئك سيكون نقلهم في منطقة مناسبة وبعيدة عن منطقة الخزان ومنطقة عازلة بمسافة 5كيلومتر وذلك لمكافحة الملاريا التي لن تكون مناسبة للإقامة.

وعلى الرغم من جود المنافع المنتظرة سواء من ناحية التنمية أو المستوى المعيشي، إلا أن بعض الدراسات، تشير إلى وجود آثار سلبية للمشروع على إثيوبيا على اعتبار أنه سيقلل نسبة الزراعة بسبب انحسار الفيضانات في وادي النهر للمصب، وبالتالي سيحرم الحقول من الماء.

أما عن العقبات التي تؤثر على سرعة إكمال المشروع، فإلى جانب الأزمة الإقليمية، تظهر مشكلة التمويل، حيث تبلغ تكلف سد النهضة نحو 4,8 مليار دولار أمريكي، والتي من المتوقع أن تصل في نهاية المشروع إلي حوالي 8 مليار دولار أمريكي للتغلب علي المشاكل الجيولوجية التي سوف تواجه المشروع، وهو المبلغ الذي يعتبر كبيراً بالنسبة لدولة مثل إثيوبيان بحسب ما تراه بعض الدراسات.

الحكومة الإثيوبية من جهتها أعلنت أنها تعتزم تمويل كامل لتكلفة السد بنفسها بعد اتهامها مصر بأنها تحرض الدول المانحة بعدم المشاركة، وقد أصدرت سندات تستهدف الإثيوبيين في البلاد والخارج لهذه الغاية. التوربينات والمعدات الكهربائية المرتبطة بها من محطات الطاقة الكهرومائية تكلف حوالي 1.8 مليار دولار أمريكي ويقال أن التمويل سيتم من قِبِل البنوك الصينية. وهذا من شأنه ترك 3 مليارات دولار أمريكي يتم تمويلها من قِبَل الحكومة الإثيوبية ومن خلال وسائل أخرى.

تُقدر تكلفة البناء بـ 4.8 مليار دولار أمريكي، وهذا على ما يبدو باستثناء تكلفة خطوط نقل الطاقة الكهربائية، وذلك يتوافق مع أقل من 15٪ من ناتج إثيوبيا المحلي الإجمالي البالغ 41.906 مليار دولار في عام 2012.

في سياق الحديث عن عقبات إنشاء السد، يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة: “إثيوبيا لن تستطيع بدء المرحلة الثانية لملء السد قبل عام، وتحديداً عند موسم الفيضان المقبل،  ما تعلنه عن أنها أنهت المرحلة الأولى لتبدأ المرحلة الثانية غير دقيق فنياً”، لافتاً إلى أن الملء الأولي للسد بلغ 5 مليارات متر مكعب ولا تستطيع إثيوبيا حتى الآن تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء، كما لا تستطيع أن تقوم بتخزين ما يكفي من المياه اللازمة لتشغيل التوربينات (أي 8 مليارات متر مكعب) قبل مارس/آذار المقبل. وأشار إلى أن “ما يمكن لإثيوبيا تخزينه حتى نهاية مارس/آذار المقبل نحو 3 مليارات أخرى من أمتار المياه المكعبة، يُمكن الحصول عليها من بحيرة تانا وبعض ما يطلق عليه اسم “بقايا موسم الفيضان” الحالي الذي ينتهي نهاية سبتمبر/أيلول المقبل”.

لماذا ترفض مصر والسودان مشروع السد؟

تربط مصر والسودان رفضهما ومعارضتهما لإنشاء السد بعد أسباب تتعلق بالأضرار الكبيرة التي قد تلحق بهما،  ففي السودان تحذر المصادر الرسمية من أنه في حال انهيار سد النهضة ستختفي معه معظم السدود والمدن والقرى السودانية،.

كما تقول الخرطوم أن نحو 50 ألف فدان من أصل 100 ألف فدان تعتمد على الري الفيضي يقع أغلبها في ولايات نهر النيل والنيل الأزرق وسنار، ستتأثر سلبا بشكل مباشر بعد اكتمال السد، بالإضافة إلى تهديد ما يقدر بنحو 20 مليون نسمة في 3 مواسم زراعية بعد اكتمال السد، مشيرةً إلى أن انخفاض منسوب المياه في نهر النيل الأزرق سيحول الري بالراحة إلى الري بالرفع بتكاليفه العالية وخاصة مع نقص الكهرباء والمواد البترولية في البلاد.

كما سيتسبب السد بحجز الطمي أمام السد سيحرم السودان من المغذي الطبيعي لأراضيه مما يتطلب استخدام الأسمدة الصناعية سواء بالاستيراد أو بالتصنيع الذي يتطلب كميات من الكهرباء أكبر من التي سيحصلون عليها من سد النهضة، بالإضافة إلى أن ـ حجز الطمي أمام سد النهضة سيوقف صناعة الطوب الأحمر.

إلى جانب ذلك، فإن بحيرة سد النهضة ستغمر غابات شجرية مما يمثل خطرا بيئيا على الثروة السمكية، كما ان أي نقص في تدفق النيل الأزرق ستكون تبعاته خطيرة على السودان لعدم توفر سدود تخزينية كبيرة بها تستطيع تعويض هذا العجز المتوقع.

وبملء سد النهضة يتأثر قطاع نهر النيل الأبيض بين منطقتي الجبلين في جنوب السودان إلى جبل أولياء جنوب العاصمة الخرطوم، ما يؤدي لتقليص مساحات الجروف والمراعي بسبب عدم التفريغ الكامل لبحيرة سد جبل أولياء، وـ ستقل كميات المياه في قطاع نهر النيل الرئيسي من الخرطوم إلى مدينة عطبرة شمالي الخرطوم، كما تنخفض المناسيب بصورة واضحة.

كما أن غياب المعلومات والبيانات وعدم التوصل إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل سد النهضة بسبب رفض الجانب الإثيوبي سيؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على تشغيل خزان الروصيرص.

أما على الجانب المصري، فإن مخاطر السد تتمثل في الجفاف والجفاف الممتد وكذلك في حالة التعبئة السريعة لخزان سد النهضة، وهذا ما يفسر تمسك مصر بضرورة أن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم للتعبئة والتشغيل وأن يكون ذلك وفق قواعد ثابتة ومحددة لا يمكن تغييرها من جانب واحد.

كما سيقود السد إلى تآكل الرقعة الزراعية بنسب تتفاوت وفقا لبعض الدراسات وتقديرات الخبراء تصل إلى نحو ثلث الرقعة الزراعية المصرية.

وبحسب دراسة نشرتها ليترز إنفيرومنتال ريسرش الأمريكية،  فإن الرقعة الزراعية المصرية مهددة بالتراجع بنسبة مقلقة تصل 72% في أحد أسوأ السيناريوهات، لافتةً إلى أن كل 5 مليارات متر مكعب من المياه تنقص من حصة مصر يعني بوار مليون فدان من إجمالي مساحة الرقعة الزراعية في مصر البالغة نحو 8.5 ملايين فدان.

وترى الدراسة الأكاديمية الأميركية المشار إليها أن موارد مصر المائية مهددة بالتراجع بمقدار 31 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يعادل أكثر من ضعف حصة مصر السنوية من مياه النيل والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، وذلك في حال تمسكت إثيوبيا بالتعبئة السريعة لخزان السد الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب، كما ترى الدراسة أن الخسارة قد تصل إلى 43 مليارا في حال تمت التعبئة في 3 سنوات فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى