إدلب.. فيتنام سورية

بعد أن أنهك الطيران الروسي والسوري إدلب شمال سوريا في الشهرين الماضيين، حتى ان نهاية حزيران وبداية تموز كانت من أكثر الأيام دموية على المحافظة السورية ذات الكثافة المرتفعة بشهادات دولية.

تعمّد الطيران الحربي قصف المراكز الطبية والمشافي الميدانية، كما تعمد تكرار القصف على ذات الهدف بعد تجمع الناس لإنقاذ الأرواح العالقة تحت أنقاض المنازل، ما أدى إلى خروج نقاط طبية ومشافي ميدانية عن الخدمة، وفقدت هذه المرافق الخدمية بعض موظفيها.

إدلب فيتنام سورية

تسبب القصف العنيف الذي استمر طوال ثلاثة أشهر على الرقعة الجغرافية الضيقة التي يعيش فيها 3 ملايين سوري مقيم ونازح، إلى مقتل 740 مدني ونزوح 400 ألف، البعض منهم ينزح للمرة الرابعة أو الخامسة داخل حدود بلده.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن النظام وروسيا نفذا نحو 65 ألف ضربة جوية وبرية خلال ثلاثة أشهر من حملتهما العنيفة على منطقة خفض التصعيد.

تزامنا مع انعقاد جولة جديدة من مفاوضات أستانا حول سوريا، أعلنت دمشق موافقتها على هدنة مشروطة في إدلب وهو ما رحبت به حليفتها موسكو، من جانبه أمر الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء تحقيق في تدمير المنشآت المدنية هناك.

تدمير ممنهج

أصدر الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” يوم الخميس لأول من آب، أوامره بإجراء تحقيق في تدمير المستشفيات، والمدارس والمنشآت الأخرى في محافظة إدلب، الواقعة خارج سيطرة قوات النظام السوري.

وجاء في بيان صدر عن مكتب “غوتيريش”:” أن فريق تحقيق داخلي موسع سوف يقوم بالتحقيق في” تدمير أو إلحاق أضرار بالمنشآت المدرجة على القائمة الخاصة بتجنب الصراعات والمنشآت التي تدعمها الأمم المتحدة في المنطقة”.

وكان مجلس الأمن الدولي طلب في وقت سابق بإجراء مثل هذا التحقيق، دون ظهور أي بوادر للتجاوب معه.

وحث البيان أيضا كل الأطراف على التعاون مع فريق التحقيق بمجرد تشكيله، وأشار البيان الصادر عن مكتب “غوتيريش” إلى سلسلة من الحوادث في شمال غرب سوريا منذ توقيع روسيا وتركيا مذكرة في أيلول الماضي بشأن تحقيق الاستقرار في منطقة خفض التصعيد بإدلب.

وندّدت الأمم المتحدة الجمعة بـ”اللامبالاة الدولية” حياة تزايد عدد القتلى المدنيين جراء الغارات الجوية التي استهدفت مؤخراً “المرافق الطبية والمدارس وغيرها من البنى التحتية المدنية مثل الأسواق والمخابز”.

وقالت رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة “ميشال باشليه” في بيان “هذه الممتلكات مدنية، ويبدو من المستبعد جداً أن تكون قد ضُربت عرضاً نظراً إلى النمط المستمر لمثل هذه الهجمات”.

وشددت على أن “الهجمات المتعمّدة ضد المدنيين هي جريمة حرب، كما أن من أمر بتنفيذها أو نفّذها مسؤول جنائياً عن أعماله”.

هدنة ميتة

خرقت قوات النظام اليوم الجمعة 2 آب، اتفاق وقف إطلاق النار في ساعاته الأولى، فقد أكد لنا شهود من داخل ريف حماة أن قوات النظام قصفت مدينتي اللطامنة والزكاة في ريف حماة الشمالي، في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن منتصف ليل أمس الخميس 1 آب.

حيث خرقت قوات النظام المتمركزة في تلك ملح شماليّ حماة اتفاق وقف النار، مستهدفة ً صباح اليوم مدينتي اللطامنة والزكاة بريف حماة الشمالي، براجمات الصواريخ، من دون وقوع إصابات بشرية.

وكانت دمشق قد أعلنت مساء أمس الخميس 1 آب، موافقتها على هدنة في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا شرط تطبيق الاتفاق الروسي التركي القاضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محيطها، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، تزامناً مع انعقاد جولة جديدة من المحادثات في “نور سلطان”.

وعلى الفور رحبت روسيا بإعلان دمشق موافقتها على وقف لإطلاق النار، وقال الموفد الروسي الخاص إلى سوريا “الكسندر لافرنتييف” من عاصمة كازاخستان نور سلطان كما نقلت عنه وكالة إنترفاكس للأنباء “بالتأكيد، نرحب بقرار الحكومة السورية إرساء وقف لإطلاق النار”.

ويأتي التصعيد في إدلب رغم أنّ المنطقة مشمولة باتفاق روسي- تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018، ينصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل.

وتزامنا مع انعقاد جولة جديدة من المفاوضات في أستانا شكك الموفد الروسي في التزام الجهاديين “هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقا” بوقف إطلاق النار، لافتا إلى أن عددهم في إدلب “غير مسبوق”. وأضاف بحسب وكالات الأنباء الروسية “من غير المرجح أن يكفوا عن استفزازاتهم للقوات الحكومية ولكن إذا حصل ذلك، سنرى تطور الوضع على الأرض”.

اتفاقيات تساعد الأسد

مرصد مينا أجرى اتصالات مع السوريين في الشمال السوري المقصوف، والذي يعتبر المحور الرئيس في محادثات أستانا؛ إذ أكدت جميع الآراء التي تم الاستماع لها عبر مكالمات هاتفية أن النظام هو من يخرق وقف إطلاق النار، وأن الروس يقومون بنشر أخبار وأرقام كاذبة عبر صفحاتهم الإخبارية الرسمية بخصوص وقف إطلاق النار، وعودة المهجرين أيضاً حسبنا قال متابعين وشهود عيّان.

وقال أحمد سالم ناشط إعلامي في الشمال السوري لمرصد مينا: ” من يخرق الهدن ووقف إطلاق النار هو النظام السوري، وعناصر حزب الله الذي يتخفون تحت رايته، ومليشيات إيرانية أخرى، نحن هنا نرى ونعرف ما ذا يحدث بالضبط”.

وفي حديثنا مع الناشطين في الشمال السوري قال “وسام محمد” وهو مراقب للغارات الجوية التي ينفذها الطيران الروسي والسوري: ” النظام يكسب الكثير بمثل هذه الاتفاقات، فعادة ما تلتزم الفصائل للحفاظ على أرواح عوائلها هنا، ويخرق النظام الاتفاق، فنصبح نحن إرهابين والعالم يعرف الحقيقة بالطبع لكن روسيا هي من تدعم النظام”.

ويعمل النظام السوري المتهالك على كسب مزيداً من الوقت لإحراز تقدم على الأرض.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي

Exit mobile version