إذا ماخرجت الذئاب الرمادية من اوكارها

هاهي المانيا تخطو نحو حظر “الذئاب الرمادية” وكانت فرنسا قد سبقتها بخطوة، فقد سمح  البرلمان الألماني بدراسة حظر منظمة “الذئاب الرمادية” التركية اليمينية في ألمانيا، إذ صادق اليوم الأربعاء (18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020) بالأغلبية على طلب مشترك مقدم من أحزاب الائتلاف الحاكم والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) وحزب الخضر، يطالب الحكومة بدراسة حظر هذه المنظمة.

وكان السؤال:

ـ هل يتم فعليًا حظر هذه المنظمة في ألمانيا ؟

البرلمان الالماني بالغ الجدية في تطبيق الحظر، وهو وبمجمل أعضائه وأحزابه ينظر إلى هذه الحركة باعتبارها حركة قومية عنصرية، مرتبطة بالعدالة والتنمية التركي، وهي الناخب الأول للرئيس لتركي أردوغان، وواحدة من داعيمه الاساسيين.

كان البرلمان الالماني قد برر خطوته هذه  بأن “المنظمة عنصرية ومعادية للسامية ومعادية للديمقراطية وتهدد الأمن الداخلي في البلاد”. وقد رحب الطلب المقدم إلى البرلمان الألماني بالتصرف الفرنسي مع المنظمة “وربط ذلك بالأمل في أن تتبع دول أخرى النموذج الفرنسي”.

كانت الحكومة الفرنسية قد حلت منظمة “الذئاب الرمادية” قبل أسبوعين بدعوى أنها تثير التمييز والكراهية وضالعة في أعمال عنف. لكن الخارجية التركية نددت بالخطوة وطالبت بضرورة “حماية حرية التعبير والتجمّع للأتراك في فرنسا”

وجاء قرار الحكومة الفرنسية بعد تشويه نصب تكريمي لضحايا الإبادة الأرمنية قرب ليون بكتابات شملت عبارة “الذئاب الرمادية”.

وحسب تقرير لهيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية)، فإن ” الذئاب الرمادية” تحمل وتنشر الأفكار القومية اليمينية المتطرفة، ونوه التقرير إلى ان المنظمة لها علاقات بحزب الحركة القومية في تركيا والذي يشكل تحالفاً حكومياً مع حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (العدالة والتنمية).

وكان الجيش الألماني قد أعلن عن تحقيقات بشأن أربع وقائع تطرف داخل صفوف الجيش لها علاقة بجماعة “الذئاب الرمادية” المعروفة كذلك باسم “الشباب المثالي”. وقالت الحكومة إن إحدى هذه الحالات تثبت بأدلة موثقة “عدم ولاء للدستور في الحد الأدنى”.

جدير بالذكر أن جماعة “الذئاب الرمادية”، ليست مسجلة رسمياً في تركيا، وتأسست أواخر الستينيات، وهي تقوم على تمجيد الشعب التركي واستعادة أمجاده التاريخية، كما تساند بقوة الأطروحات الرسمية في موضوع الأرمن وكذلك في القضية الكردية. وتقول تقارير إن الحركة تساند بقوة تمدد تركيا في محيطها الجغرافي.

كانت فرنسا سبّاقة في ذلك فبعد يومين من فرض الحكومة الفرنسية حظراً على، أعلنت باريس حل جماعة “الذئاب الرمادية” التركية القومية.

الرد التركي لم يتأخر؛ إذ توعّدت أنقرة بـ”رد حازم” على الخطوة الفرنسية، واصفة إياها بأنها “استفزاز”، فبماذا سترد الحكومة التركية؟

الألمان كما الفرنسيون يتخوفون من إطلاق أعمال العنف في مدنهم، فالذئاب الرمادية كما اسمها، تنظيم قد يتسبب للأوربيين بـ “جروح خطرة” على حد وصف أستاذ جامعي ينحدر  من أصول تركية ويعيش في مدينة بون الألمانية،  وكان أن قامت هذه الجماعة في فرنسا   قبل أيام بتشويه نصب يحمل حكاية المجازر التركية التي وقعت بحق الارمن،  وعلى أعقاب هذا التخريب وقعت مساجلات حادة في فرنسا بين الجاليتين الأرمنية والتركية حول النزاع في ناغورني قره باغ، ليمتد إلى نزاع تدخلت قوات الأمن في ديسين شاربيو لمنع 250 فردا من الجالية التركية من خوض عراك مع الأرمن. وقبل ذلك بساعات قليلة، أدى عراك بين الجانبين إلى إصابة 4 بجروح، أحدهم جراحه كانت بالغة الخطورة.

بالنسبة للفرنسيين وكذا للألمان، تعد الجماعة شديدة التعصب للقومية التركية وهي ليست سوى جناح موال للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي دخل في نزاع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول قضايا جيوسياسية تتعلق بمناطق ساخنة، وأيضاً مؤخراً حول مواجهة فرنسا للإسلام المتطرف.

وترتبط جماعة “الذئاب الرمادية” بشكل وثيق مع حزب الحركة القومية التركي الذي يتزعمه دولت بهجلي، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان.

ويرى محللون أن دور حزب الحركة القومية حاسم لتمكين أردوغان من الاستمرار في بسط سيطرته على تركيا، حيث كان دعم بهجلي له عاملاً رئيسياً وراء فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2018.

في برلين، بات امرًا مسلّم به، أن هذه الجماعة سترتكب أعمال عنف وشغب، فالجالية التركية في المانيا بالملايين، وهي جالية لها مؤسساتها وتمويلاتها، وليس بالامر المستبعد أن تذهب الى حرب سكاكين في المدن الألمانية، وهو ماتتحسب السلطات الالمانية اليه، دون أن تجد مفراً من مواجهته وهو ماسينعكس على معظم الجاليات الاسلامية التي ستتحمل وزر وأعباء الذئاب الرمادية التي تتجهز لأعمال العنف، ما يستدعي شخصيات وازنة من المسلمين والمهاجرين العرب إلى التخوف مما ستجره أية أعمال عنف تقع في المدن الألمانية.

تدخلات االرئيس أردوغان، والمال القطري، ودعم الحركات المتشددة والعنصرية ستكون المرشد الأول لهذه اجماعات التي تلتقي مع جماعة الاخوان في الترويج للعنف، دون النظر الى الخلافات العقائيدة ما بين الجماعة والذئاب، فالاولى تستمد خطابها من التطرف لإسلامي، والثانية تستمد خطابها من التطرف القومي، والمتوقع أن تنتظم مع الحركتين حركات أخرى ممولة من ايران، لتشهد المدن الاوروبية رايات حزب الله الصفراء ورقصات الموت التي يحملها، استكمالاً لدائرة العنف التي يلتقي فيها القومي المتطرف، مع الاسلامين المتطرفين، الشيعي والسني.

توقعات كبيرة متشائمة تحيط اليوم بالمهاجرين من المسلمين في أوروبا.

الكل بانتظار ما سيكون عليه الرد التركي، والمتوقع على الدوام، إضرام نار الفتنة في بلاد احتوت مهاجرين فارين من قسوة بلادهم، لتتحول موانئ الغربة إلى مسالخ للدم والموت وايقاظ الحركات العنصرية على الجانب الآخر.

ـ كان الالمان قد دفنوا النازية عارية، والفرنسيون ورثوا ثورة المساواة والحريات، وهاهي الحركات المتطرفة القادمة من وراء أسوار أوروبا، قد تقود اوروبا الى إحياء مامات منهم.

ـ التطرف الذي يستولد التطرف المضاد.

Exit mobile version