لم تتوقف دولة الاحتلال إسرائيلي منذ نشأتها في أربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم عن ممارسة التطرف والعنصرية اتجاه الآخرين واتجاه نفسها، ما جعلها تبدأ بالتآكل من الداخل.
تحاول الدولة متطفلة البروز بوجه غربي متحضر وسط شرق أوسط رجعي متخلف، مارست دعايات إعلامية وبربغندا وحشية قدمت من خلالها نفسها للعالم بوصفها الدولة المتقدمة علمياً وأخلاقياً وثقافياً، دولة متنوعة الأعراق متقبلة للآخر المختلف.
لكن الصورة الهزيلة للدولة المحتلة تهتز كل فيّنة وأخرى، فمن فضيحة الأطفال اليمنيين “فئران التجارب” في المختبرات الإسرائيلية، إلى التصنيف الداخلي للمواطنيين الإسرائيليين على أساس العرق واللون، ومن ثم العنصرية البغيضة التي يمارسها الكيان المحتل ضد أصحاب الأرض “الفلسطينيين”، ولأن الحق يعلو ولا يعلى عليه فإن الفضائح تسرب من الداخل الإسرائيلي على أيد يهود اشمأزوا من زيف دولتهم المزعومة.
كشف مدون يساري إسرائيلي يدعى “يائير نهوراي” أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعتمد في الإعداد العقائدي لجنودها في الجيش الإسرائيلي الرسمي، على حاخام عنصري يروج في محاضراته لنظرية تفوق العرق اليهودي، ناشراً مقترحاً حول جعل العرب عبيداً عند اليهود.
ويوضح المدون والناشط اليساري الإسرائيلي، أن رئيس الكلية الحاخامية في مستوطنة “عالي” التي تقدم محاضرات للجنود الحاخام “اليعازر كاشتئيل” ما زال يروج لنظريته العنصرية في محاضراته معللا ذلك بالقول: ” إن هناك صفات وراثية لدى الشعوب، هذا يتطلب من اليهود تقديم مساعدة حقيقية للعرب لا من باب الاستعلائية لأنهم يدركون أن العبودية جيدة لهم”.
وأكد “نهوراي” الخميس أن المدرسة الحاخامية في “عالي” واصلت اعتماد محاضرة رئيسها “كاشتئيل”، ونشرها على موقعها الرسمي في الانترنت رغم ادعائها بعد النشر الأول قبل شهور بأن هناك أخطاء وسوء فهم وإخراج الكلمات من سياقها.
حملت المحاضرة عنوان “العبودية ومكانة العبيد في الشرع اليهودي” وفيها يقر الحاخام المتطرف بالعنصرية بعدما سبق وقال قبل شهور إن أدولف هتلر محق بالنازية، وسارع للتوضيح والتنصل.
واشتهر الحاخام العنصري “كاشتئيا” بمقولة: “نعم نحن عنصريون طبعا، فهناك صفات وراثية عند كل شعب وشعب وهذا يقتضي أن يفّكر الشعب اليهودي كيف يمكن مساعدة بقية الشعوب لأن وجود شعب أدنى منك لا يعني أن تقوم بسحقه بل مساعدته” والمساعدة التي ينبغي أن يقدمها اليهود للشعوب الذين هم أدنى منهم تتمثل في استخدامهم كعبيد.
وتلقى المدون الإسرائيلي اليساري دعوة قضائية رفعتها المدرسة الدينية في “عالي” ضده، على خلفية انتقاده نشره لمحاضرات “كاشتئيل” العنصرية، كما تم إنذاره ليلة أمس الأربعاء 7 آب الحالي، وأبلغته صرورة تعويضها بمبالغ مالية عن ما سمته “سرقة حقوق نشر” هذه المرة لقيامه بتعميم محاضرة “كاشتئيل” في مدونته التي اقتبسها من موقع المدرسة الحاخامية.
ويقول “كاشتائيل” مخاطباً العرب: “تعالوا وكونوا عبيداً عندنا وشريكا للنجاحات فمن واجبنا مساعدتكم فأنتم أدرى بوضعكم الراهن. عندما ترى دولة مزدهرة دولة أخرى فاشلة فإنها تحولها لسلة قمامة وهذه هي الحالة اليوم فهناك دول في إفريقيا متخلفة وتقوم الدول العظمى بتعميق تخلفها. إذا كان الاحتلال يعني إهانتك وسحقك وتدميرك فهذا أمر سيء ولكن إن كان يعني فرصة لأعلمك النجاح وتكون شريكا به فهذا ليس احتلالا بل ضما وإشراكا ومن مصلحتكم كعرب أن تكونوا عبيدا وعندها ستلاحظ أي مستوى معيشة روحانية وقيمية”.
ليس كاشتائيل وحده في هذا الميدان المليء بالعنصرية العلنيّة منها والسريّة، فالحاخام “باروخ غولدشتاين” كان قد حلل قتل غير اليهود وبخاصة المسلمين كما قام بنشر كتاب “توراة الملك” والذي يعد من أكثر الكتب عنصرية لدى اليهود، وبالرغم من جهره بالخطابات التي تحض على العنصرية والقتل إلّا أن الحكومة الإسرائيلية قررت تكريمه، وقدمت له وزارة المعارف والتعليم الإسرائيلية جائزة “التوراة والحكمة”.
على الرغم من سعي دولة الاحتلال إلى تقديم نفسها على اعتبارها دولة مدنيّة، إلا أن مسؤولوها السياسيون لا يفوتون فرصة للتعبير عن يهوديتهم قلباً وقالباً.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي