إلاّ نبيه بري

فرض اتفاق الطائف سيء الذكر، أن يكون رئيس مجلس النواب اللبناني من الطائفة الشيعية، وأذعن اللبنانيون لاتفاق الطائف، وجاءت الانتخابات البرلمانية اللبنانية لتقول كلمة إن لم تكن فاصلة، قاطعة، فأقله شبه هزيمة للثنائي الشيعي “أمل وحزب الله”، لينتقل اللبنانيون إلى معضلة جديدة:

ـ من سيكون رئيس المجلس النيابي اللبناني؟

سيكون شيعيًا.

ـ حسنًا ومن هو الشيعي المطلوب؟

ـ نبيه بري.

اما عن أعضاء البرلمان، فأقله بثلثيهم لايرتضون بنبيه بري، فلا القوات ترضى به، ولا الاشتراكي يرضى به، ولا المجتمع المدني وقوى التغيير ترضى به، وليس له من عاشق سوى حسن نصر الله باعتباره توأمه في السلاح، وميشال عون باعتباره مرغمًا، وهو مرغم بكل المقاييس، فحزب الله يفصّل، وميشال عون يلبس، وليس مهمًا إن كان “الترزي” سيخيط بذلة ضيقة أم فضفاضة على الجنرال الذي وبتحالفه مع حزب الله بات عاريًا اقله مسيحيًا.

واليوم، امام البرلمان اللبناني واحد من خيارين:

ـ إما تعطيل المجلس، أو القبول ببري كأمر واقع.

السؤال الفظ الذي يحمله هذا التطور يبدأ بـ:

ـ  الطائفة الشيعية التي انجبت موسى الصدر وهاني فحص ومهدي عامل ووضاح شرارة وتراث جبل عامل بما له من تراث، ألم يبقى لديها سوى نبيه بري؟

الإجابة صعبة إذا علمنا بأن الأمهات ينجبن، وأن التكاثر من مزيد إلى مزيد، وأن نبيه بري غرق بالفساد بما يتجاوز “كازية” في واشنطن ومزرعة في القرن الافريقي، وإذا علمنا انه بات أقرب الى المقبرة مما هو إلى الحياة الدنيا، وأن العالم كل العالم يتجه الى تتويج الشباب الأقرب إلى روح العصر ومنجزاته، وفوق هذا فالرجل قد تعفّن في كرسي الرئاسة حتى بلغت سنوات خدمته خلف المطرقة 32 عامًا وهي مدة كافية ليمله الكرسي، ولو كان يمتلك مايكفي من الحساسية لملّ الكرسي التي ملت منه.

بقاء نبيه بري في رئاسة المجلس يعني تخريب كل نضالات الشباب اللبنانيين على مختلف اتجاهاتهم، فهو “التعطيل” بما يعني التعطيل، لا تعطيل المجلس فحسب، بل تعطيل أية خطوة باتجاه استقلال القضاء، وتعطيل محاسبة اللصوص الذين ينتمي اليهم، ويشد من عضد “حزب الله”، ليكون نبيه بري الراكب والمركوب، فهو راكب على البرلمان، ومركوب من حسن نصر الله، وقد توافقا على تأجيل صراعهما الذي تفجّر ذات يوم بحرب “بساتين التفاح”، واستمر الورم تحت أسنان كل منهما، ليتوافقا على اللبنانيين، فيما الشيعة يتضورون جوعًا، وحنينًا إلى بلد مدني، ينتج للمدينة لا للثكنة، ويشتغل للدولة لا للعصابة، ويبني لللجيش لا للميليشيا، ويحتكم إلى برلمان ليس مخطوفًا.

لبنان إلى المرحلة التالية:

ـ التعطيل، أو تاجيل التعطيل.

الاول ممكن غدًا او بعد غد، والثاني ممكنًا في كل آن.

Exit mobile version