مرصد مينا
تحول في الموقف التركي تجاه الناتو يبدو أن لغة المصالح والمكاسب تحكمه، وجدت فيه روسيا “طعنة في الظهر” هذا عبر عنه رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف، إلا أن الأمر لم يقتصر عليه، إذ انضم المتحدث باسم باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إلى منتقدي الموقف التركي وقال إن “على شركائنا الأتراك ألا ينظروا إلى مسألة انضمام بلادهم للاتحاد الأوروبي بنظارات وردية، فلا أحد من الأوروبيين يريد رؤية تركيا بينهم”.
وأضاف بيسكوف في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء: “يمكن لتركيا أن تتوجه نحو الغرب، نحن نعلم أنه في تاريخ جمهورية تركيا كانت هناك فترات من التوجه الكبير نحو الغرب، بالمقابل كانت هناك مراحل فتور في ذلك، لكننا نعلم أيضا ولنسمي الأشياء بمسمياتها، لا أحد يريد أن يرى تركيا في أوروبا، أعني الأوروبيين.. ربما لا ينبغي على شركائنا الأتراك ارتداء نظارات وردية” في تعاملهم مع مسألة الانضمام الاتحاد الأوروبي، بمعنى ألا يعولوا كثيرا على ذلك.
وبصدد دعم أنقرة لانضمام السويد إلى الناتو، قال بيسكوف إن تركيا عضو في الحلف ولديها التزامات أمامه وروسيا تعي ذلك، مشيرا إلى أن: “تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي ولديها التزاماتها أمامه. نحن نعلم ذلك جيدا، ولا ننظر إلى ذلك عبر نظارات وردية”.
ولفت المتحدث باسم الرئاسة الروسية إلى أن دول الناتو ترى روسيا عدوا وخصما لها، ومن هذا المنطلق ستعقد المناقشات في قمة الحلف في فيلنيوس، بينما ستراقب موسكو عن كثب ما يحدث هناك وسيكون لهذا موضوع بحث معمق لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان أمن بلادنا”.
وتابع: “فحوى التصريحات عشية هذه القمة أظهرت موقفا قويا معاديا لروسيا، تجسد في كلمات ممثلي الدول الأعضاء في الحلف”.
من جهة أخرى كتبت صحيفة Haberler نقلا عن مسؤول تركي رفيع، أن تركيا حظيت بدعم غربي كامل يشمل رفع العقوبات وتحرير نظام التأشيرة، بعد إعلان أنقرة إحالة طلب انضمام السويد للناتو إلى البرلمان.
وأشار موقع الصحيفة نقلا عن المصدر التركي إلى أنه خلال الاجتماع بين تركيا والسويد وحلف شمال الأطلسي، أعلنت السويد أنها ستدعم بنشاط عملية حصول تركيا على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، وتحديث الاتحاد الجمركي مع أنقرة، وتحرير التأشيرات.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ أعلن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وافق على دعم محاولة السويد للانضمام إلى الحلف العسكري إلى أن الرئيس التركي سيحيل طلب السويد إلى البرلمان في أنقرة و”يدعم تصديقه”. في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون: “أنا سعيد جدا، إنه يوم رائع للسويد”
إعلان ستولتنبرغ جاء بعد ساعات من إعلان الرئيس أردوغان يربط الدعم التركي لمسعى السويد للانضمام إلى الناتو بإعادة فتح محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي المجمدة منذ فترة.
لكن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي سارعوا إلى رفض مطالبة أردوغان باستئناف تلك المفاوضات، مؤكدين أن (انضمام السويد إلى الناتو وانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي) قضيتان منفصلتان.
الناتو أصدر بيانا – عقب الإعلان عن هذا الاتفاق – جاء فيه أن السويد ستدعم بقوة جهودا “تستهدف حلحلة عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي”، بما في ذلك “تحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وتيسير إصدار التأشيرات المتبادلة”.
يشار أن تركيا ظلت لعدة أشهر تعرقل انضمام السويد إلى حلف الناتو، متهمة ستوكهولم باستضافة ميليشيات من الأكراد. وكونها واحدة من 31 عضوا في حلف شمال الأطلسي، فإن لتركيا حق النقض الذي يمكنها أن تستخدمه ضد انضمام أي دولة جديدة إلى التحالف العسكري.
في السياق نفسه قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، تعليقا على هذه الأخبار، إنه يرحب بالتزام الرئيس أردوغان بالمضي قدما في “التصديق السريع” على عضوية السويد في بيان أصدره البيت الأبيض في هذا الشأن: “أنا على استعداد للعمل مع الرئيس أردوغان وتركيا لتعزيز الدفاع والردع في المنطقة الأوروبية الأطلسية. وأتطلع إلى الترحيب برئيس الوزراء كريسترسون والسويد كحليفنا الثاني والثلاثين في الناتو”.
كما نشرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك تغريدة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، قائلة: “عندما نبلغ اثنين وثلاثين عضوا، نكون جميعا في أمان أكثر”. أما رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فقال إن انضمام السويد إلى حلف الناتو “سيجعلنا جميعاَ في أمان أكثر “.
وكشف ستولتنبرغ النقاب عن الاتفاق في وقت متأخر الاثنين في العاصمة الليتوانية فيلنيوس حيث من المقرر أن تفتتح قمة الناتو الثلاثاء. وجاء الاتفاق نتيجة لجلسة محادثات انعقدت بين الزعيمين التركي والسويدي.
ووصف الأمين العام للناتو الاتفاق بأنه “خطوة تاريخية”، لكنه شدد على أنه لا يمكن تحديد “موعد واضح” لانضمام السويد إلى التحالف العسكري – لأن ذلك يعتمد على البرلمان التركي.
وقال إن البلدين تعاونا من أجل تبديد “المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا”، وهو تحقق بعد أن عدلت السويد دستورها وغيرت قوانينها ووسعت نطاق عملياتها لمكافحة الإرهاب ضد حزب العمال الكردستاني – المحظور في تركيا – كما استأنفت صادرات الأسلحة إلى تركيا.
وبعد إعلان تركيا دعمها طلب السويد عضوية الناتو، تظل المجر الدولة التي لم توافق بعد على طلب عضوية السويد الانضمام إلى الناتو.
في سياق ليس بعيد قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، الثلاثاء، إن الرئيس جو بايدن كان “واضحًا بشكل لا لبس فيه” في دعمه لبيع طائرات F-16 إلى تركيا، مضيفًا أن الرئيس “لم يضع أي محاذير أو شروط” على ذلك في تعليقاته العامة والخاصة خلال الأشهر القليلة الماضية.
بايدن وفي مقابلة مع سي ان ان قبل قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أعاد بايدن التأكيد على دعمه لعملية شراء تركيا لهذه المقاتلات، لكنه ألمح إلى أن الهدف الأكبر من هذه العملية هو تقوية القدرات العسكرية للحلف.
وقال بايدن: “تركيا تسعى لتحديث مقاتلات الـ”F-16″، وتابع: “ولذلك، ما أحاول، بصراحة، أن أشكله هو نوع من التحالف هنا، حيث نقوم بتعزيز القدرة العسكرية في الناتو لكل من اليونان وتركيا وإفساح المجال للسويد للانضمام، لكن الأمر لم ينته بعد”.
سوليفان أك أن إدارة بايدن كانت على تواصل مع السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والذي دعا إلى وقف عملية بيع المقاتلات لأنقرة بسبب مخاوف من إمكانية استخدام تركيا هذه الطائرات لتهديد اليونان العضو في حلف شمال الأطلسي أيضا.
وقال مسشار الأمن القومي الأمريكي للصحفيين: “سأترك السيناتور مينينديز يتحدث عن نفسه، لكن نعم، بالطبع، لقد كنا على اتصال بالسيناتور مينينديز لأنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والتي من خلالها سيتم نقل أي طائرات F-16”.
وأضاف سوليفان: “لقد تواصلنا أيضا مع رؤساء آخرين ومسؤولين رفيعي المستوى في لجان العلاقات الخارجية بمجلسي الشيوخ والنواب”.