تناولت العديد من الدراسات والتحاليل السياسية وكذلك المتخصصة في الجماعات الإسلامية والتنظميات المتطرفة، علاقة التنظيم بالمراة. وتوصلت جميعها الى ان التنظيم، كان قد فرض الحجاب والنقاب على النساء في المناطق التي سيطر عليها. ولم يكتفي بذلك بل وضع قائمة من الشروط والحدود التي لا يحق لها تجاوزها وإلا طبق عليها الحد. ومن بين تلك الشروط هي منع النساء من ركوب وسائل النقل العامة بدون أن يرافقها رجل من أقاربها الذين يحرم عليهم الزواج بها، وفي حال رغبت امرأة ما السفر دون وجود هذا المرافق فيجب عليها أن تتوجه إلى مكتب الإمارة لطلب إذن الأمير.
شروط داعش
وقد اطلق التنظيم العنان لمراقبيه ومتابعيه لالزام النساء بتطبيق شروطه تلك، من ذلك انه جعل سيارات “الحسبة” تتجول في الأسواق والشوارع للمراقبة وللبحث عن النساء غير الملتزمات بالقواعد التي فرضها التنظيم عليهن.
وساهمت هذه الممارسات التي يرتكبها التنظيم بحق النساء في المناطق التي يسيطر عليها في ترهيب السكان، فأصبحوا مجبرين على السير وفق الخطوط التي رسمها التنظيم دون أن يتجرأ أحد منهم على الاعتراض أو الاحتجاج.
بمجرد أن يبسط التنظيم سيطرته على أي منطقة، يبدأ في فرض شروطه وطريقته للحياة، ويقوم بتعليق لافتات كبيرة على الطرق الرئيسية والمناطق السكنية، خصص للمرأة حيزا كبيرا من تلك التعليمات والمحظورات، وحدد لها 7 شروط لخروجها من بيتها وطريقة لبسها وتحركاتها، حتى لا تقع تحت طائلة القانون “الداعشي” الصارم، وذلك كما حدث في المناطق التي استولى عليها في كل من سوريا والعراق وحتى ليبيا، وفي حال ما تجرأت إحداهن على مخالفة القوانين، فتسلط عليها أقصى العقوبات من جلد وحبس وقتل.
وقد حدد التنظيم كل ما يتعلق بشؤون المرأة الخاصة والعامة وحذر من مخالفته، وطالب التنظيم المرأة بارتداء الجلباب الفضفاض الذي يتكون من قطعتين لهما مواصفات خاصة، وغطاء رأس يتكون من ثلاث قطع، بحيث يغطي كامل جسمها وعدم التشبه بنساء الغرب في اللباس. كما أصدر التنظيم في وقت سابق منشورا وضع فيه شروطا صارمة لخروج المرأة من بيتها، حيث حظر عليها الخروج لما يسميها “بلاد الكفر” إلا للحالات المرضية ويستثني من قراره النساء اللواتي تجاوزت أعمارهن الخمسين عاماً، إذ يسمح لهن بالسفر داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم “من غير محرم”. وفيما يخص شروط الحجاب الشرعي الذي يفرضه التنظيم في كل المناطق التي يسيطر عليها، آخرها ليبيا التي علقت في إحدى مناطقها لافتة كبيرة تحمل شروط لباس المرأة، وهي أن يكون ثخينا لا يشف عن ما تحته وأن يكون فضفاضا وأن يكون ساترا لجميع البدن، وأن لا يكون لباس شهرة وأن لا يشبه ملابس الكافرات والرجال وأن لا يكون لباس زينة يلفت الأنظار وأن لا يكون معطرا.
فصل العذروات عن المتزوجات
كما يقوم المتشددون من التنظيم بفصل العذراوات عن بقية النسوة اللواتي تم احتجازهن لغرض وحيد وهو تقديمهن كجائزة إلى مسلحي داعش الذين يشاركون بالقتال في الخطوط الأمامية. حالما يحصل المسلح على فتاته، فإنه يقوم بإجبارها على اعتناق الإسلام، إن كانت غير مسلمة، قبل تزوجها، وحين ينتهي منها يطلقها ليتزوجها مقاتل آخر. كما أن جل المقاتلين يفضّلون الفتيات العذراوات عن غيرهن من المتزوجات والحوامل والأمهات، مثلما حدث بالنسبة للنساء الأزيديات التي تم اختطافهن من طرف التنظيم، حيث تم التفريق بين العذراوات والمتزوجات منهن، قبل بدء عملية توزيعهن كسبايا. وعلى الرغم من محاولة قادة داعش إخفاء حقيقة شحنهم لـعبيد الجنس، إلا أنه تم الكشف عن هذه الممارسات على نطاق واسع، وكان تقرير الأمم المتحدة قد ذكر في وقت سابق، أن مقابلات مع شهود عيان أكدت أنه تم نقل أكثر من 150 مسيحية وإيزيدية إلى الرقة ليتم بيعهن كرقيق جنس.
وفي تقرير صادر له في الفترة الأخيرة، أكد مرصد الأزهر أن تعاليم الدّين الإسلاميّ الحنيف وتقاليد المسلمين في معاملة النساء ليست على هذا النحو الذي تدّعيه التنظيمات الإرهابيّة من الجبر والإهانة، ومن ثمَّ كان هذا النهج الذي انتهجته تلك التنظيمات في معاملة النساء من أبرز الدوافع التي زادت من هجوم الغرب على الإسلام، وجعلهم في حالة رفض للتّراث الدينيّ، ظنًّا منهم أنه سببٌ في جهل المرأة، وإنكار حقوقها واستعبادها، والإسلام من كل ذلك براء. وتابع المرصد فى تقريره :”لقد كرَّم الله سبحانه وتعالى المرأة، وأوجَبَ رعايتها واحترامها، وجعلها تتميّز عن الرجال بأمور خاصة، وذلك لطبيعتهن التي جبلهنَّ الله عليها، ليتسنى لها القيام بالدور المنوط بها في هذه الحياة، ونجد الدور الذي تقوم به المرأة يعتمد بشكل رئيس على مجموعة من الالتزامات والمعايير الاجتماعيّة التي تخضّع إلى العادات والتقاليد في المجتمع، وتتّسق كمال الاتساق مع تعاليم الدّين الإسلاميّ، وفي نفس الوقت تتناسب مع طبيعتها الأنثويّة، التي تمتاز بها من عاطفة رقيقة، ومشاعر دافئة تجعلها تصلح لقيامها بدور الأمّ الحانية بأبنائها، والابنة البارة بوالديها، والزوجة التي تعيّن زوجها على أمر دينه ودنياه، بما يحقّق المصلحة لأفراد الأسرة كلها على حدٍّ سواء، تلك طبيعة المرأة، وهذا هو دورها المنوط بها.
الطاعة العمياء
وسلط المرصد فى تقريره الضوء على صراع الأدوار الاجتماعيّة فى حياة المرأة في كَنف تنظيم “داعش” الإرهابيّ، فعلى الرغم من التحديد الاجتماعى لدور المرأة فى المجتمع، إلا أننا نجد التنظيمات الإرهابيّة دائمة البحث والتدقيق عن كل ما يُثير القلق النفسيّ للأفراد في صورة ترغيب حسن، مستعينة بالمشاكل الاجتماعيّة التي تواجه الأفراد في الحياة المعيشيّة، حتى تقع الفريسة في شِباك صائدها، ثم يسقط القناع البريء لتظهر الصورة الدّامية لذلك التنظيم الإرهابيّ.
وعموما سرعان ما تقع النساء في شباك تلك التنظيمات الدّامية، حيث يتمّ بيعُهنّ لأغراض عدّة، أو تقديمُهنّ كهدايا لكبار القادة بالتنظيم.
وأما عن قبول الدور أو رفضه، فيأتي القبول الذاتيّ للدور الاجتماعيّ للمرأة داخل تنظيم “داعش” الإرهابيّ عند التشبّع بالأفكار السوداء التي ينجح التنظيم في غرسها في عقولهن حتي يصلن إلى مبدأ السمع والطاعة العمياء.