إيران تلوّح بإغلاق مضيق هرمز… تهديد رمزي أم خيار عسكري محتمل؟

مرصد مينا

نقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية، اليوم السبت، عن القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني، اللواء إسماعيل كوثري، أن خيار إغلاق مضيق هرمز مطروح حالياً على طاولة البحث داخل دوائر صنع القرار في طهران.

وأكد كوثري أن بلاده ستتخذ القرار الأنسب في الوقت المناسب وبحزم، في إشارة إلى احتمال استخدام هذا الإجراء كورقة ضغط استراتيجية في سياق التصعيد الإقليمي المستمر.

أضاف المسؤول الإيراني أن طهران ستواصل السعي لمعاقبة إسرائيل، مؤكداً أن “الرد العسكري الأخير لم يكن سوى جزء من الرد”، مشيراً إلى أن إيران لا تزال تملك أوراقاً مفتوحة لمحاسبة ما وصفه بـ”العدو”.

أهمية مضيق هرمز وتأثير إغلاقه

يُعد مضيق هرمز من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يربط الخليج العربي ببحر العرب، ويُعتبر شرياناً حيوياً لصادرات الطاقة العالمية.

ويمر عبره يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط ومشتقاته، ما يمثل نحو خُمس الإمدادات النفطية العالمية. وبالتالي، فإن أي تهديد بإغلاقه يُثير مخاوف واسعة من اضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية.

مع ذلك، ترى العديد من التحليلات أن إغلاق المضيق بالكامل غير مرجح من الناحية العملية، بل وربما مستحيل فيزيائياً.

وفي هذا السياق، قالت إلين والد، رئيسة شركة “ترانسفيرسال كونسلتينغ”، في تصريحات لشبكة “CNBC”، إن “لا جدوى حقيقية من عرقلة مرور النفط عبر المضيق”، لافتة إلى أن البنية التحتية النفطية الإيرانية نفسها لم تكن هدفًا مباشراًُ في الهجمات الأخيرة.

وأوضحت والد أن أي تحرك من هذا النوع قد يؤدي إلى ردود انتقامية إضافية ضد إيران، خصوصاً من قبل شركائها التجاريين، وفي مقدمتهم الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني.

وأشارت إلى أن بكين “لا ترغب في تعطيل تدفق النفط من الخليج العربي بأي شكل من الأشكال، ولا في ارتفاع أسعار النفط عالميًا، وبالتالي فإنها قد تستخدم قوتها الاقتصادية للضغط على إيران إن قررت المضي في هذا الاتجاه”.

وتستورد الصين أكثر من 75% من إجمالي صادرات إيران النفطية، ما يجعلها شريكاً اقتصادياً حيوياً لطهران، إضافة إلى كونها الشريك التجاري الأكبر لإيران على الإطلاق، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة على الاقتصاد الإيراني.

تحذيرات من تداعيات الإغلاق

بدوره، قال أنس الحجي، الشريك الإداري في شركة “إنرجي آوتلوك أدفايزرز”، إن تعطيل الملاحة في مضيق هرمز قد يُلحق أضراراً جسيمة بإيران نفسها أكثر من أعدائها، مشيراً إلى أن معظم السلع الاستهلاكية اليومية التي تعتمد عليها البلاد تمر عبر هذا الممر البحري.

وأضاف: “أصدقاؤهم سيتضررون أكثر من أعدائهم… لذلك من الصعب جدًا تصور حدوث ذلك فعليًا”.

وأوضح الحجي أن “معظم المضيق لا يقع ضمن السيادة الإيرانية، بل ضمن المياه الإقليمية لسلطنة عُمان، كما أن عرضه الجغرافي لا يتيح لإيران القدرة على إغلاقه بالكامل”.

في السياق نفسه، أكدت إلين والد أن السفن التجارية التي تمر حالياً عبر المياه الإيرانية في المضيق يمكنها استخدام طرق بديلة ضمن المياه الإقليمية لدول أخرى، مثل الإمارات وسلطنة عمان، مما يُضعف من فعالية أي محاولة لإغلاقه من جانب طهران.

من جانبه، صرّح فيفيك دهار، مدير أبحاث الطاقة والمعادن في بنك الكومنولث الأسترالي، بأن “أي حصار للمضيق من قبل إيران سيكون بمثابة الملاذ الأخير، ويرتبط على الأرجح باندلاع مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة”.

احتمال ضعيف… لكنه مطروح

ورغم أن التقديرات الغالبة ترجح أن إغلاق المضيق يظل احتمالاً بعيداً، إلا أن تصاعد التوترات في المنطقة يدفع بعض المحللين إلى أخذ هذا السيناريو على محمل الجد، ولو على سبيل الاحتياط.

وفي هذا الإطار، قالت أمينة بكر، رئيسة تحليلات الشرق الأوسط وتحالف أوبك+ في شركة “كبلر”، إن “إغلاق المضيق يظل سيناريو متطرفاً، لكنه غير مستبعد في ظل واقع إقليمي متوتر واستثنائي”، مضيفة: “لهذا السبب يجب أن نضع هذا الخيار في الحسبان”.

Exit mobile version