إيران في الشرق الأوسط .. جهود 17 عاماً تضيع في أشهر

مرصد مينا – هيئة التحرير

تغير في المزاج الحكومي العراقي ومجلس “شعب” جديد في سوريا بلا صقور النفوذ الإيراني وحكومة حزب الله المحاصرة في لبنان، ثلاثة معطيات دفعت مصدر سوري، فضل عدم الكشف عن هويته، إلى التأكيد خلال حديثه مع مرصد مينا، على أن المشروع الإيراني في الشرق الأوسط يمر في أصعب لحظاته، لافتاً إلى أن إيران فقدت خلال العام الحالي، كامل قوتها المؤثرة في المنطقة، والتي عملت على إنشائها منذ مطلع الألفية الحالية.

صقور إيران خارج مجلس “شعب” سوري

البداية من سوريا، وآخر تطورات نتائج مجلس الشعب، حيث يذهب المصدر، إلى أن خروج الشخصيات الاقتصادية النافذة المدعومة إيرانياً من مجلس الشعب، مثل ضربة موجعة للنفوذ الإيراني في بلد كان النظام الإيراني قبل عدة سنوات يطلق عليه اسم المحافظة الثانية والثلاثين، لافتاً إلى أن الوجود الروسي بات المسيطر الأكبر على سير ومجريات الأمور في الملف السوري، ميدانياً وسياسياً.

وكانت انتخابات مجلس الشعب قد شهدت مفاجأتين من العيار الثقيل، الأولى تمثلت بانسحاب رجل الأعمال، “محمد حمشو” من السباق الانتخابي، قبل ساعات قليلة من الانتخابات، والثانية خسارة رجل الأعمال، “فارس الشهابي” لمقعده البرلماني، وهما الشخصيتين المعروفتين بولائهما للنفوذ الإيراني.

ربط خسارة “الشهابي” وانسحاب “حمشو” بالصراع الروسي – الإيراني، يلخصه المصدر، بأن الجميع يعلم طبيعة الانتخابات السوري، وأن صقور الاقتصاد والسياسة، يتم فوزهم أو خسارتهم أو استبعادهم بقرار من دوائر النظام العليا وليس بالتصويت، لافتاً إلى أن إفراغ مجلس الشعب من تلك الشخصيات، يتزامن مع حملة أمنية واسعة بمشاركة روسية تستهدف الموالين لرجل الأعمال “رامي مخلوف”، داخل الجيش وفي المؤسسات الاقتصادية، ما يعني استهداف مباشر وعام للاقتصاديين المقربين من إيران، على حد وصف المصدر.

وكانت الأنباء القادمة من سوريا قد أشارت إلى احتجاز أكثر من 70 شخصاً تابعين “لمخلوف”، بدفع من لاقيادة الروسية، الراغبة بتجميد أنشطة كافة الفعاليات الاقتصادية المقربة من إيران.

توجه عراقي مزعج نحو الخليج

على الرغم من خسارتها الواقعية والفعلية في سوريا، إلا أن مأساة إيران في العراق، كما يراها المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، “حسام يوسف” كانت أكبر وأعظم، مع وصول “مصطفى الكاظمي” إلى الحكم في العراق، وتغير المزاج الدبلوماسي العراقي ليتجه أكثر نحو العمق العربي وترسيخ العلاقات مع المملكة العربية السعودية.

وكانت العلاقات السعودية العراقية قد شهدت انتعاشة غير مسبوقة منذ عقود، خلال الأسابيع الماضية، حيث كان من المقرر أن  يجري “الكاظمي” زيارة رسمية إلى الرياض، إلا أنه تم تأجيلها، بسبب الحالة الصحية للملك “سلمان بن عبد العزيز”.

آلام إيران في العراق، لم تنحصر بالجانب الدبلوماسي فقط، يقول “يوسف”، مؤكداً أن الضربات الحقيقية تكمن في خطة “الكاظمي” بتطهير أجهزة الدولة من وجود الشخصيات الموالية لإيران بشكلٍ تام، وعلى رأسها المؤسسات الأمنية، التي مثلت طيلة 17 عاماً، مركزاً مهماً في إدارة وتسهيل التوغل الإيراني في العراق والسيطرة على قراره السيادي، مؤكداً أن نجاح “الكاظمي” في مهمته يعتمد على قدرته في تحقيق خطة التطهير تلك.

وكان “الكاظمي” قد أصدر عدة قرارات تاريخية للحد من نفوذ إيران، أبرزها إقالة “فالح الفياض” من رئاسة الاستخبارات الوطنية ومنصب مستشار الأمن الوطني، والسيطرة على المنافذ الحدودية مع إيران ومنع أفراد الأحزاب السياسية وأبناء العشائر في البصرة من حمل السلاح، بالإضافة إلى منع قائد فيلق القدس الإيراني، المسؤول عن إدارة الميليشيات العراقية، “إسماعل قاني” من دخول العراق إلا بموجب تأشيرة رسمية وضمن وفود رسمية.

زيارة ظريف ومنعطف التاريخ

حقيقة الوضع الجديد في العراق وتطورات النفوذ الإيراني، تكشفها زيارة وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف” الأخيرة إلى العراق، والتي تكشف مصادر عراقية مطلعة في حديثها لوسائل إعلام عربية، بأن لقاءات “ظريف” في العراق، شهدت تفاصيل هي الأولى من نوعها منذ 17 عاما، لما فيها من ندية على حد قول المصادر.

وكان “ظريف” قد أجرى، أمس الاثنين، زيارة للعراق استمرت لعشر ساعات، التقى خلالها كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية ورئيس السلطة القضائية.

كما تكشف المصادر، أن وزير الخارجية حمل مطالب ثلاثة للحكومة العراقية، الأول هو لعب وساطة لتحسين العلاقات بين طهران والرياض، والطلب الثاني إقناع واشنطن بتخفيف حدة العقوبات على إيران، أما الطلب الثالث فتخفيف حدة الإجراءات العراقية على المنافذ الحدودية مع إيران لتسهيل دخول البضائع الإيرانية إلى السوق العراقية، مؤكداً أن طلبات “ظريف” لم تجد التفاعل المأمول من قبل الجانب العراقي.

حزب الله المحاصر وحكومة لبنان

حال إيران في لبنان، لا يختلف كثيراً عن ما هو عليه في العراق، خاصة مع رفع سقف مطالب المتظاهرين إلى إسقاط سلاح حزب الله، حيث يشير الكاتب الصحافي، “علي عمر البدوي” إلى أن الدولة والمجتمع يواجهون تبعات قاسية ربما تمثل الحلقة الأخيرة من مسلسل ارتهان الحكومة لسيطرة ميليشيا حزب الله وارتهانها لسيطرته.

وكانت عدة دول عربية وغربية قد أعلنت عن عدم التعامل مع حكومة “حسان دياب” بوصفها حكومة خاضعة للحزب وللمشروع الإيراني، ما أدى إلى وقف المساعدات المالية وفرض حصار مشدد على الحزب ومؤسساته وشخصياته الفاعلة داخل وخارج لبنان.

حكم تراجع قبضة حزب الله على الدولة اللبنانية، يستخلصها “البدوي” من تصريحات وزيرة الدفاع في الحكومة اللبنانية، التي أقرت خلالها بإقفال المجتمع الدولي أبوابه في وجه لبنان نتيجة لعدم ثقته فيه، معتبراً أن تلك التصريحات تنذر بتعميق الفشل وزيادة الإحباط وانفجار الأوضاع في وجه الراعي الأول للحكومة في لبنان وولائه الكامل لإيران.

ويعيش لبنان على وقع أزمة اقتصادية خانقة، تمثلت بارتفاع معدلات الفقر إلى 50 في المئة، والبطالة إلى 35 في المئة، ما دفع خمسة لبنانيين إلى الانتحار احتجاجاً على تلك الأوضاع، في حين حذرت الأمم المتحدة من أزمة جوع وشيكة ستضرب البلاد، وأن نصف الأسر اللبنانية باتت بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة.

في السياق ذاته، يذهب المحلل “يوسف” إلى المقارنة بين وضع حزب الله في 7 أيار 2008 وبين وضعه في 2020، لافتاً إلى أن الأوضاع تغيرت كثيراً بين التاريخين، سواء على الساحة اللبنانية أو الإقليمية أو الدولية، فنظام “الأسد” في سوريا بات منهاراً وإيران محاصرة، على المستوى الإقليمي، في حين أن الحزب يواجه حرباً على الساحة الدولية، والتي كان من آخر فصولها، تحديد موعد جلسة النطق في الحكم في قضية اغتيال “رفيق الحريري”، التي يتهم فيها عناصر من حزب الله، بالإضافة إلى إدراج الحزب ضمن قوائم الإرهاب في عدة دول.

على الساحة الداخلية اللبنانية، يشير “يوسف” إلى أن تناول سلاح الحزب بشكل علني من قبل المتظاهرين وتحميله مسؤولية مآسي لبنان، ودعوات العديد من السياسيين لترسيخ مبدأ حياد لبنان، يعكس بشكل مباشر أي وضع يعيشه “نصر الله” ومن خلفه إيران، لافتاً إلى أن النظرة العامة على كل من الدول الثلاث، سوريا ولبنان والعراق، تعطي نتيجة مفادها، بأن ما تعبت لأجله إيران خلال أكثر من 17 عاماً ضاع خلال أشهر قليلة.

Exit mobile version