ابتسم أنت في حميميم

إذا كان فلاديمير بوتين، يُعامل بشار الاسد كـ ” فتّاحة أبواب”، فقد بدا واضحًا أن سيرغي شويغو وزير الدافع الروسي يُعامله كواحد من فريق حراسته، تلك كانت الصورة التلفزيونية التي بثت للقاء الأسد مع شويغو، دون نسيان أن “حميميم” تتجاوز الأسد كما تتجاوز زيارة لوزير الدفاع الروسي الأخيرة لقاعدة “حميميم” الروسية في سوريا.

حميميم، للعابرين من السوريين، وللمصطافين منهم على وجه التحديد، كانت مجرد منطقة لغز، لا أحد يدرك حقيقتها، فيما كان الككثيرون يعتقدون بأنها “مجرد باحة لمصطافي العائلة الحاكمة” وكان من الصعب عليهم تصور أنها ستتحول في يوم ما إلى مربط فرس الخلاف بين موسكو وحلف الناتو خصوصاً بعد استقبالها أخطر الطائرات والصواريخ”.

زيارة الوزير الروسي لابد وأنها أكبر من مجرد التقاط لصورة تذكارية مع الأسد دون وزير دفاعه، فالزيارة كما أوضحت الأحداث اللاحقة، جاءت للإشراف على أضخم مناورات روسية في البحر المتوسط من سوريا، تزامنًا مع تدريبات بحرية للناتو في المتوسط أيضاً.

التسريبات التي نقلتها وسائل إعلام تابعة للنظام في سوريا، أفادت بأن تلك الزيارة جاءت بعد رفض موسكو عرضاً أميركياً بـ”مقايضة سوريا مقابل أوكرانيا”.

ووفق التقارير، فإن هذه أول مرة يبرز فيها بالفعل دور حميميم التي لطالما نوّه مختصون إلى أهميتها، في اللعبة السياسية العالمية من سوريا.

فقد ربط شويغو خلال لقائه الأسد، الوضع في أوكرانيا بالجبهة السورية، مؤكداً أن توقيت المناورات يتماشى فعلا مع التوترات الأخيرة على الجبهة الأوكرانية.

إذ سحبت روسيا بعضاً من قواتها من شرقي أوكرانيا وردت باستعراض عسكري هائل غرب سوريا.

في التداعيات، عملت روسيا منذ أسابيع على إبعاد إيران تماماً عن ميناءي طرطوس واللاذقية، وفرض سيطرتها الكاملة عليهما، بل وربطهما بميناء القرم، لتحقق بذلك حلمها وتصل للمياه الدافئة بموافقة كاملة من النظام السوري، أقله بما  أفادت به تقارير إعلامية واحد منها حملته صحيفة “الشرق الأوسط”.

في بعض التفاصيل فقد غضت روسيا بصرها عن الغارات الإسرائيلية ضد مواقع إيرانية في سوريا، والتي كانت تجري بموافقة منها، فردت لها تل أبيب الجميل بأن امتنعت عن بيع كييف منظومة “القبة الحديدية”، وذلك خوفاً من غضب روسي يقيد أيديها في ملاحقة مصالح طهران في سوريا.

في الخلاصة لم تعد قاعدة حميميم مرتبطة فقط بـ”الحرب على الإرهاب” كما روج الروس والنظام بآن، بل تجاوز دورها ذلك بكثير لتكون رأس حربة عسكرياً في حوض المتوسط والاشتباك الدولي بين موسكو والناتو.

وحتى الوجود العسكري الأميركي شرق سوريا لم يعد لحرب داعش فقط، بات أضحى مرتبطاً أكثر بـ”الجبهة الأوكرانية”.

وأيضا ما يجري يفسّر “التعاون العدائي” بين موسكو وأنقرة في سوريا وأوكرانيا، فبوتين يسعى بعلاقته مع تركيا وتنازلاته لها شمال غربي سوريا لخلخلة تماسك الناتو الذي كان يعتبر قاعدة إنجرليك، جنوب تركيا أساساً، فيما يوسع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خياراته بشراء منظومة “إس 400” من موسكو وبيع كييف مسيرات “بيرقدار” ويقيم معها علاقات استراتيجية ويرفض الاعتراف بضم القرم.

يذكر أن قاعدة حميميم كانت أضحت روسية منذ التدخل العسكري نهاية 2015، وبعدما وقع النظام اتفاقا عسكريا مع موسكو لإقامة مفتوحة فيها بعد سنة تماما من أزمة أوكرانيا، وهروب الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، وقيام موسكو بضم شبه جزيرة القرم في 2014.

ولعل ذاك التاريخ كان نقطة الالتقاء بين أزمتي البلدين.

وشمل العرض الروسي في حميميم، مقاتلة “ميغ 31 – كي”، وصواريخ “كينجال” فرط صوتية، وقاذفة “تي يو 22 أم 3″، وصواريخها “كي إتش 22” الأسرع من الصوت والمضادة للسفن، و140 قطعة بحرية و60 طائرة و15 سفينة، ضمن ألف آلية و10 آلاف جندي في مناورات البحر المتوسط،وفقاً لبيانات رسمية روسية.لحرب

وهكذا باتت سوريا ملعبًا لحرب عالمية ثالثة إن وقعت، والثمن:

ـ كرسي السيد الرئيس.

هاتوا الكرسي ولتدخل البلاد، كل البلاد إلى الجحيم.

Exit mobile version