fbpx
أخر الأخبار

ابتسم.. أنت في زمن طالبان

هل نستبعد ذاك القول:

ـ لقد بتنا في زمن طالبان؟

قد يكون من المبكر هذا الكلام، غير أن الاحتمالات التي لامهرب منها لابد وأن نراها في أربعة عناصر قد تأخذ شكل الأسئلة (مؤقتًا) وقد لاتتأخر عنها الاجابات:

ـ أولاً، ماهي قدرة طالبان على  تعبئة المقاتلين الأجانب؟

ـ ثانيًا، ماهي  طريقة تفاعل الجماعات المتطرفة الأخرى مع سيطرة “طالبان”؟

ـ ثالثًا، ماهي هوية  السجناء المحرَّرين في أفغنستان؟

وأخيرًا،  إلى أي درجة ستعود الشخصيات الرئيسية في تنظيم “القاعدة” إلى الساحة الأفغانية.

الأسئلة الأربعة إياها، وكما هو ملحوظ تتصل بما سيكون عليه العالم مابعد سطوة طالبان على أفغانستان، أما عن حياة الأفغان في ظل هؤلاء فقد تكون الاجابة لاحقة.

أرون زبلين، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى اشتغل على الإجابات، فبالنسبة إلى العنصر الأول، تغيرت الخصائص السكانية الجهادية في أفغانستان بشكل كبير منذ أن بدأ تنظيم “القاعدة”  للمرة الأولى بجذب اهتمام الرأي العام في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. وبخلاف تركيبتها الأولى المؤلفة من أكثرية عربية، يتألف أعضاؤها اليوم بأغلبهم من الأفغان المحليين وأفراد من شبه القارة الهندية والدول المجاورة وجنوب شرق آسيا.

أما بالنسبة إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (“داعش”)، فهو يُبقي مجموعةً من المقاتلين الأجانب في أفغانستان منذ عام 2015 وإن كان أصغر بكثير من تنظيم “القاعدة”،  وقد تحاول “داعش”، وهي العدو التاريخي لحركة “طالبان”، أن تستفيد الآن من مكاسب خصمها فتسعى إلى تكثيف حملة التجنيد عبر تقديم نفسها بصورة “الدولة الإسلامية الأفغانية” الشرعية صاحبة الحق..  بعبارة أخرى، لا مفر من حملة تعبئة جهادية أخرى – والسؤال الذي يُطرح ليس ما إذا كانت هذه الحملة ستحدث، بل إلى أي مدى ستكون كبيرة. ويبدو منذ الآن أن قوات “داعش” تكثف هجماتها على وحدات ” طالبان” كما رأينا في ولاية ننجرهار قبل سقوط كابول بوقت قليل.

في ما يتعلق بردود فعل الحركة الجهادية عموماً، سبق لعدة جماعات وعناصر أن أشادوا بنجاح “طالبان” ، وفي حين جاء محتوى تلك التصريحات المهنّئة متفاوتاً (على سبيل المثال، أعربت الجماعة السورية “هيئة تحرير الشام” عن رغبتها في تكرار عملية الاستيلاء على كابول في دمشق)، ردّدت بمعظمها الفكرة الرئيسية نفسها، ألا وهي أن انسحاب القوات الأمريكية المتزامن مع انهيار مؤسسات الدولة يدلّ على قيمة “التقوى” الجهادية والمثابرة.

لكن الاستثناء الملحوظ لسيل الدعم هذا هو شبكة “القاعدة” التي بقيت حتى الآن صامتة بشأن كابول، أقله على قنواتها الرسمية. ومن الممكن أن يكشف التنظيم عن معلومات أدق عن مواقفه وعن مكان وجود الزعيم أيمن الظواهري خلال الأسابيع المقبلة.

من ناحية تحرير السجناء، حررت “طالبان” على تحرير أعدادٍ كبيرة من الجهاديين المتواجدين داخل السجون. وحتى الآن، لم تحدد الحكومة الأمريكية هوية الأفراد الذين تم إطلاق سراحهم، لذلك من المعقّد تقدير كيف ستستفيد الجماعات الجهادية من تحرير السجناء.

يبدو في المرحلة المقبلة أن تنظيم “القاعدة” هو التنظيم الذي ينبغي مراقبته بعد صعود “طالبان”، فبفضل الأحداث الأخيرة، أصبح التنظيم في وضعٍ يخوّله إعادة تكوين نفسه مع أنه يصعب تقدير عدد العناصر الذين بقوا داخل أفغانستان وهويتهم، بالرغم من توفر بعض المعلومات عن شخصيات بارزة، فإلى أي مدى ستحاول شبكة «القاعدة» الدولية المنتشرة معاودة دخول البلاد بعد أن وصلت “طالبان” إلى السلطة؟

ربما يعود العناصر المنتمون إلى تنظيم “القاعدة في سوريا على الأقل” أولئك الذين نجوا من حملة القمع التي شنتها “هيئة تحرير الشام” والضربات التي نفذتها الولايات المتحدة بواسطة الطائرات المسيّرة- إلى أفغانستان. وربما يعود سيف العدل، المرشح خلفاً للظواهري، إلى هناك من إيران. مهما حدث، من المرجح أن تكون قدرة واشنطن على اعتراض المؤامرات الإرهابية في وقت باكر محدودة إلى حدٍّ ما بسبب افتقارها إلى المعلومات الاستخباراتية من الأرض، بالرغم من التطور الكبير في الآليات الأمريكية الراهنة لمكافحة الإرهاب.

كل ما سبق يعني:

ـ المستقبل رهينة بيد صراعات قوى “الكهوف” مع “قوى المغاور”، وأي كان المنتصر، سيكون العالم إما للكهف وإما للمغارة، ومن بعدها على الدنيا ماذا؟

ـ هل نقول :

على الدنيا السلام؟

قد يأتي يوم ونقول ذلك، ويكفينا مايحدث في أفغانستان الداخل اليوم للقول بهذا الكلام، فما الذي يحدث في الايام القليلة المعدودة لحكم طلبنان ولم يمض على استيلائهم على السلطة سوى بضعة أيام؟

مايحدث لخصته صحيفة التايمز البرطانية على لسان مكاتبها  تشارلي فوكنر عبر تقرير من قندهار يقول فيه إن النساء يختبئن في معقل حركة طالبان.

فـ “ليس من الضروري أن تمارس المرأة الرياضة، ما زاد من المخاوف بشأن حريات المرأة”.

وقد أعلنت الجماعة الأحد الفائت منع النساء من الدراسة جنبا إلى جنب مع الرجال وإجبارهن على ارتداء الحجاب.

ونقل المراسل عن شاب يدعى يونس قاسمي، وهو عامل فندق، خوفه بشكل خاص على مستقبل شقيقاته.

وقال قاسمي “لقد أخبرتهن للتو أنه يجب عليهن الاستمرار في الدراسة، بغض النظر عن أي شيء، عليهن مواصلة تعليمهم. أنا لست خائفا، لقد نشأت في الحرب وسأموت في الحرب – رأيت ضابط شرطة يُقتل أمامي برصاص طالبان في السوق عندما كان عمري 14 عاما. كل ما يهمني هو أخواتي”.

ويقول فوكنر إن “قندهار كانت محافظة متشددة حتى قبل سيطرة طالبان، حيث كان من الشائع أن تغطي النساء وجوههن في الأماكن العامة، لكنهن كن يخرجن إلى الشوارع. الآن مشهد المرأة في الأماكن العامة نادر. والأشخاص الوحيدون الذين يستمتعون بالمطاعم أو التنزه هم مجموعات من الرجال، وسوق النساء يكاد يكون خاليا من الزبائن”.

وينقل المراسل عن امرأة أفغانية تدعى فريبا وتبلغ 31 عاما قولها إنها كانت “تعمل في ميرسي كوربس قبل إرسال جميع الموظفين إلى منازلهم الشهر الماضي”.

وتقول السيدة: “أغلق السوق في الأسبوع الأول بعد سيطرة طالبان، لكننا تحدثنا إلى المسؤولين الذين منحونا الإذن بمواصلة عملنا حتى نفتح أبوابنا مرة أخرى ولكن لا يوجد زبائن”.

ويقول المراسل إن “السوق الداخلي الصغير ولكن المحبوب للغاية اعتاد أن يعج بالنساء اللواتي يأتين لقص شعرهن أو الاستمتاع ببعض التسوق أو شرب الشاي مع الأصدقاء. الآن تخشى الكثيرات مغادرة منازلهن”.

وأعربت فريبا وغيرها من العاملات في السوق عن قلقهن بشأن تشكيل مجلس الوزراء الذي يقتصر على الرجال وإغلاق وزارة شؤون المرأة”.

من جهة أخرى، يقول مراسل التايمز إن السكان في منطقة بانجواي التي تعتبر الموطن الروحي لطالبان “سعداء برحيل قوات الشرطة المحلية الفاسدة”.

وأشار إلى ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال الذي يعد قضية بارزة جدا في جميع أنحاء أفغانستان، ولا سيما بين قوات الأمن في المناطق الريفية. ويوضح المراسل أن “الممارسة التي تسمى باشا بازي راسخة جدا في الثقافة. إنه ليس الأب الوحيد الذي تحدث عن اختفاء هذا التهديد” مع سيطرة حركة طالبان التي تحرم بشدة هذه الظاهرة.

مرة ثانية.. أيها العالم ابتسم أنت في زمن طالبان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى