اتحاد شبيبة الثورة، أسسه حزب البعث الحاكم لتدعيم سلطة “حافظ الأسد” والد رأس النظام السوري “بشار الأسد”، ليكون بمثابة مركز استقطاب للشباب والناشئة، ومركز مراقبة للتحركات الشبابية، مرتبط بشكل مباشر بالمدارس الثانوية، والإعدادية، وهو المسؤول عن النشاطات الطلابية المتعلقة بالتعبئة الحزبية.
لم يخرج الاتحاد منذ نشئته عن الخط المرسوم له، والذي أوجد من أجله، وهو التعبئة الشبابية لصالح حزب البعث والسلطة الحاكمة، لكن اليوم وجَّهَ الاتحاد ولاءه نحو إيران، بعد أن تبين أن سلطة الأسد تتلاشى بانتظام، فبات اليوم اتحاد شبيبة الثورة وخاصة في المناطق الحدودية أحد الأذرع الإدارية الإيرانية، والتي مهمتها ضبط حركة الشباب باتجاه النشاطات الإيرانية فقط، وزيادة المتطوعين من الشباب الصغار بالسن في الأنشطة الإيرانية الفكرية ومن ثم العسكرية.
مراكز تعبوية
افتتحت إيران في المناطق النائية من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق، مراكز لمحو الأمية، وجمعيات خيرية تقدم للأهالي سلات غذائية، إضافة للحسينيات التي ما تزال صغيرة وفقيرة، لكن تعتبر هذه المراكز الإيرانية بمثابة نقاط استقطاب للأهالي، وأكثر فئتين مستهدفتين من هذا العمل هما، النساء، والمراهقون الذين هم في السن الـ15 وحتى الـ 18 عاماً.
تعمل مراكز محو الأمية على بناء إيديولوجية فكرية شيعية لدى النساء الملتحقات بها، على أمل تأسيس جيل يؤمن بالأفكار الشيعية ويعمل من أجلها خدمة للمصالح الإيرانية، معتمدين على تأثير الأم على أطفالها، لذا فإن الجمل والدروس التي يتم تناولها في هذه المراكز، لا تخلو من الإشارات الدينية الشيعية، والتي هي غريبة عن بيئة دير الزور السنيّة.
كما أن الحسينيات تعمل على زرع الفكر الشيعي في أذهان الشبان الصغار، ويستهدف الإيرانيون على وجه الخصوص الشباب الأقل من 20 عاماً، حيث تتركز لدى هذه الفئة من المجتمع المشاعر الهياجة والعاطفة الجامحة، والقدرة البدنية العالية والرشيقة، ما يسهل الزج بهم في المراكز العسكرية، وجبهات القتال.
“الكشافة” التعبئة الشيعية عبر الترفيه
“كشاف لجنة الأصدقاء السورية الإيرانية”، لا يشير الاسم إلى وجود أي رغبة إيرانية في السيطرة على سوريا، وإنما الرابط بين الطرفين هو “الصداقة”، إلاّ أن الممارسات الإيرانية داخل هذه المجموعات التي يتم جذب الأطفال والناشئة إليها أحياناً بالترهيب، بدأ يقلق الأهالي، إذ إن اللباس داخل هذه المقرات هو لباس شبيه بالعسكري، ويتم وضع إشارات شيعية على الملابس، إضافة لترديد جمل وشعارات توحي بأنها شيعية ذات مغزى عسكري موجه، ما دفع الأهالي للتعبير عن خوفهم بصمت، عبر بث هذه الهموم لأصدقائهم الموجودين خارج دير الزور، عبر المكالمات، وبشكل مقتضب جداَ.
مركز الكشاف، ومراكز محو الأمية، والجمعيات الخيرية، والحسينيات، يتلخص فيها عمل اتحاد شبيبة الثورة كونه صلة الوصل بين الأهالي وهذه المراكز.
الابتزاز المالي
تفرض إيران على التجار وأصحاب الأعمال من أهالي دير الزور ضرائب وأتاوت، ومن الممكن جداً أن تُستوفى هذه الضرائب من الشخص ذاته أكثر من مرة، وعبر أكثر من جهة، بتبليغات رسمية.
وتستخدم المليشيات الإيرانية وأذرعها هذه الأتاوت والضرائب في تمويل حركاتها وتحركاتها في المنطقة.
وفي حال لم يتواجد مع التاجر ما يدفعه من ضرائب للمرة الثانية أو الثالثة، فيتم اختيار أحد أبنائه للخدمة ضمن الوحدات القتالية التابعة للمليشيات، حتى يتم السماح له بمتابعة أعماله التجارية.
كما أن الرواتب العالية التي تعرضها المليشيات الإيرانية والتابعة لها على الشباب، تعد أحد أساليب الإغراء للالتحاق بهم والقتال إلى جانبهم، لكن ما دفع المليشيات إلى الوسائل الجديدة يشير إلى فشلها في أساليب الجذب القديمة.
لماذا دير الزور؟
دير الزور هي المنطقة الحدودية مع العراق، حيث مليشيات الحشد الشعبي والفصائل المنضمة لها تتمتع بقوة على الطرف العراقي، ما يعني أن الظهر الإيراني في تلك المنطقة محمي بشكل جيد، وتمتلك المليشيات الإيرانية في المناطق الحدودية مراكز دعم ومساندة عديدة وقوية، كما بنت هناك جنوب دير الزور مصانع لتصنيع الصواريخ البالستية تعرضت للقصف الإسرائيلي مرات عدة الأشهر الماضية.
ترغب طهران في السيطرة على الطريق الواصل من الحدود العراقية إلى الحدود اللبنانية، مروراً بالبادية السورية، لتأمين خطوط الإمداد العسكري لمليشياتها؛ فعلى طول الخط الواصل إلى لبنان، وفي داخل لبنان – مليشيا حزب الله-.
وأقامت طهران على طول ذلك الخط مراكز وقواعد مساندة ودعماً لها، مكنها من إدخال أسلحة، ومواد أخرى للضاحية الجنوبية من العاصمة اللبنانية “بيرت”، حيث معقل مليشيا حزب الله.