مرصد مينا
حذرت مسؤول استخباراتي أوروبي من أن إسرائيل قد تستدعي “مواجهة عسكريّة” مع إيران قبل تشرين ثانٍ/نوفمبر المقبل، فيما نقلت شبكة سي ان ان فجر اليوم الجمعة عن أجهزة استخباراتية أمريكية أن إيران رفعت من جاهزيّة بعض دفاعاتها الجويّة خلال الأيام الأخيرة الماضية.
الشبكة نقلت عن مسؤول أميركي قوله إنّ إيران رفعت تأهب منظومات صواريخ أرض – جو إلى الدرجة القصوى، “في إشارة إلى أنها ستطلقها تجاه أهداف جويّة تنظر إليها على أنها تهديد محتمل”.
ورفض المسؤول الأميركي الكشف عن كيفيّة حصول الولايات المتحدة على المعلومات الاستخباراتيّة.
في السّياق ذاته، حذّر مسؤول استخباراتي أوروبي لموقع “بزنس إنسايدر” الأميركي، في وقت متأخر من مساء أمس، الخميس، من أن إسرائيل قد تستفز إيران وصولا لعمل عسكريّ قبل الانتخابات الأميركيّة المقرّرة في تشرين ثانٍ/ نوفمبر المقبل.
وقال المسؤول الأوروبي إنّ التفجيرات الأخيرة في إيران تبدو وكأنها جزء من “الضغط الأقصى، والإستراتيجيّة الدنيا” في إشارة إلى سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه إيران عبر فرض عقوبات قاسية على الاقتصاد، ملمحًا إلى أنها تفتقد إلى أهداف إستراتيجيّة.
وأضاف المسؤول الأوروبي أن إيران قد تقدم على “ردّ متهور” على هذه التفجيرات، “بخلاف الصبر النسبي” الذي أبدته بعد اغتيال قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في كانون ثانٍ/يناير الماضي، بطائرة مسيّرة أميركيّة في بغداد.
المسؤول الأوروبي علل ذلك بالقول “إن إقناع المتشدّدين في إيران بالنظر إلى صورة أوسع في حادثة مثل اغتيال سليماني على ضوء تفشّي وباء كورونا حول العالم حينها شيء، والقيام بسلسلة عمليات عسكرية متسارعة دون أيّة إستراتيجيّة شيء آخر”، معربا عن خشيته من أن إسرائيل تستفزّ إيران “لاستدعاء ردّ إيراني يقود إلى تصعيد عسكري بينما ترامب فيه منصبه”، وشرح ذلك بالقول إنه في حال فوز المرشّح الديمقراطي، جو بايدن، بالانتخابات، فإنّ إدارته ستكون “أقلّ شهيّة لمغامرات وعمليات سرّيّة لتفجير المنشآت النووية الإيرانيّة”.
بينما قال مسؤول عسكري إسرائيلي سابق لموقع “بزنس انسايدر” إنّ الدوائر الاستخباراتيّة الإسرائيليّة تعرف أن “تفجيرًا واحدًا على الأقلّ” في إيران مؤخرًا كان من عمليات الاستخبارات العسكريّة، وقال إنه لا يعرف أي عمليّات تحديدًا شنّتها إسرائيل، وإنه لو كان يعرف فلن يخبر الموقع بها، “لأن النقطة برمّتها لجعل الإيرانيين يشعرون بالضغط الكبير لتحديد أيّ من التفجيرات قامت بها إسرائيل”.
وثارت شبهات عديدة حول طريقة تنفيذ الهجمات في إيران، خصوصًا هجوم نطنز. وبينما ذهبت التحليلات الأوليّة إلى هجوم سيبراني إسرائيلي نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول استخباراتي شرق أوسطي بارز (يرجّح أنه رئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين) أنه تم عبر قنبلة شديدة القوّة، قبل أن تضيف الصحيفة لاحقًا أنها وضعت قرب خطّ أنابيب غاز.
وشبّه خبراء هجوم نطنز، لناحية التأثير والتخطيط، بعمليّة القرصنة التي شنّتها إسرائيل والولايات المتحدة عن المنشأة النووية ذاتها عام 2009، ويعتقد بأنها “أعادت البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء”، بحسب الصحيفة، عبر تدمير قرابة 1000 جهاز طرد مركزي.
وألمحت الصحيفة إلى تنسيق أميركي – إسرائيلي مشترك، ضمن “الإستراتيجيّة المشتركة الجديدة” لمواجهة إيران، وأشارت إلى العلاقة الوطيدة بين وزير الخارجيّة الأميركي، مايك بومبيو، الذي كان في السابق رئيسًا لوكالة الاستخبارات المركزيّة (سي آي إيه) ورئيس جهاز الموساد، يوسي كوهين.
وتتضمّن هذه الإستراتيجيّة الهجوميّة سلسلة من الضربات السريّة بهدف إبعاد الضباط الأكثر قوّة في الحرس الثوري (في إشارة إلى اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني) وإعاقة المنشآت النوويّة الإيرانيّة.
واستشهدت الصحيفة بتصريحات المبعوث الأميركي الخاصّ إلى إيران، بريان هوك، الشّهر الماضي، قال فيها “رأينا تاريخيًا أنّ الخجل والضعف يستدعيان مزيدًا من العدوانيّة الإيرانيّة”، للدلالة على التصعيد تجاه إيران.
لكنّ محلّلين يحّذون من أن النهج الأميركي الجديد محفوف بالمخاطر على المدى البعيد، منها الدفع بالبرنامج النووي الإيراني إلى أن يكون أكثر سريّة وبالتالي أكثر صعوبة في اكتشافه، ولكن على المدى القريب، يراهن المسؤولون الأميركيّون والإسرائيليّون على أن الردود الإيرانيّة ستكون محدودة أكثر، مثلما حدث بعد اغتيال سليماني في كانون ثانٍ/يناير الماضي.