افتحوا الطريق للثعبان وإلاّ

ثلاثة سيناريوهات على الأقل لكيفية إنهاء الحرب الروسية الاوكرانية، ولكل منها نتيجة عواقب جيوسياسية ضخمة.
السيناريوهات الثلاثة يقترحها المفكر الروسي اندريه كورتونوف، فـ :
إذا هُزمت موسكو بشكل حاسم في هذه المواجهة الملحمية، فسنرى على الأرجح إحياء لـ”أحادية القطب” في السياسة العالمية،على الرغم من معارضة بكين الوازنة لمثل هذا التطور، وللإياضح فإن انتصارًا مقنّعًا لأوكرانيا سيجعل من الممكن أخيراً حسم الإشكالية التي كافح الغرب من أجلها من دون جدوى لأكثر من 30 عاماً، وهي “ترويض” و “تدجين” روسيا ما بعد الشيوعية، كما أن حل هذه المشكلة، بدوره، سيسمح للغرب بزيادة الضغط بشكل حاد على الصين، التي في مثل هذه الحالة ستظل العقبة الجدية الوحيدة أمام فرض الهيمنة الليبرالية العالمية و”نهاية التاريخ” التي طال انتظارها.
ذاك سيناريو أول، أما إذا انتهى الصراع بحل وسط سياسي، وإن كان غير كامل ولكنه مقبول للطرفين بين موسكو وكييف، وكذلك بين روسيا والغرب، فسيتم تأجيل النتيجة النهائية للصراع بين نموذجي التنمية الروسي والأوكراني مرة أخرى، وستستمر المنافسة بين نموذجي التنظيم الاجتماعي بلا شك، ولكن بشكل أقل حدة، إذ يمكن أن تتبع التسوية البعيدة عن المثالية بين الغرب وروسيا تسوية أكثر أهمية وأكثر جوهرية بين الغرب والصين.
إذا كان نوع من الاتفاق بين القادة الغربيين وفلاديمير بوتين لا يزال ممكناً، فإن أي اتفاق لاحق سيتبعه مع شي جين بينغ سيشكّل امتداه المنطقي.
ومما لا شك فيه، أن الصفقة بين الصين والغرب تتطلب قدراً كبيراً من الوقت والطاقة والمرونة السياسية من جانب جميع الأطراف. لكن نتيجة هذه الصفقة ستغير العالم، بما في ذلك إصلاح النظام العالمي، مع إحراز تقدم كبير في نظام الأمم المتحدة، وتحديث القواعد القديمة للقانون الدولي العام، وإعادة هيكلة صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية والمؤسسات الأخرى المتعددة الأطراف.
وفي السيناريو الثالث إذا افترضنا أن الصراع في أوكرانيا في المستقبل المنظور لن ينتهي بأي اتفاقيات على الإطلاق، وسيستمر في الخوارزمية المألوفة كـ”التصعيد، استنزاف الأطراف، الهدن الهشة، تحشيد القوات، وجولات جديدة من التصعيد”، عندها قد يتحول إلى عامل مساعد للانهيار النهائي للنظام الدولي الحديث. كما أن المؤسسات الدولية والإقليمية غير الفعالة ستفقد دورها في السياسة العالمية، وسوف يتسارع سباق التسلح بشكل حاد، وسيبدأ رد فعل متسلسل لانتشار الأسلحة النووية، وستبدأ الصراعات الإقليمية في التكاثر، وسيزدهر الإرهاب الدولي.
إن من شأن هذه التغيرات أن تؤدي إلى عدم الاستقرار العام وحتى الفوضى في السنوات القادمة، وبعد ذلك بوقت طويل فقط، ومن خلال عدم الاستقرار والفوضى هذه، ستبدأ براعم النظام العالمي الجديد في الظهور.
ثلاثة سيناريوهات، ولكل منها تداعياته، ولكل منها استعاصاءاته، وكل منها نوافذه لإخراج العالم من فخ الانهيار، والاكيد ان العالم ماقبل ايّ منها ليس كما بعده.
عاقل واحد من سادة الاسترتيجيين في هذا العالم الممتلئ بالرؤوس الحامية يعرف حقيقة ماستؤول اليه الامور، غنه هنري كيسنجر، وكان قد قدّم للعالم مقترحاته في منتدى دافوس الاخير، ومقترحاته كانت تقول:
ـ افتحوا الطريق للثعبان.
بما يعني أنزلوا بوتين عن الشجرة، و:
ـ وإلاّ.

Exit mobile version