مرصد مينا – ملفات
تعتبر قضايا حقوق المرأة واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الأردن سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي، وذلك على الرغم من وجود عشرات الجمعيات النسوية في البلاد والتي تعمل على دعم تلك حقوق وتمكين المرأة في المجتمع الأردني طيلة عقود ماضية.
من جهتها تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، والتي تعتبر من أكبر المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة، إلى أن المرأة الأردنية ومع كل الجهود المبذولة لحمايتها وحماية حقوقها لا تزال تعاني من جملة كبيرة من الانتهاكات، في مقدمتها العنف، لافتةً إلى أن حوالي 35 بالمئة من النساء الأردنيات في فترة ما من حياتهن تعرضن لأحد أشكال العنف.
وقفة مع التاريخ وأولى التحركات النسوية في الأردن
يعود النشاط النسوي الحقوقي في المملكة الأردنية الهاشمية إلى أواسط القرن الماضي، حيث يشير المدير التنفيذي لمعهد تضامن، “منير إدعيبس” إلى أن الحركة النسوية الأردنية بدأت بتأسيس الجمعيات الخيرية منذ عام 1944، مع الإشارة الى أن الجمعية الخيرية الشركسية أقدم جمعية خيرية تأسست في 16 أكتوبر 1932م تحت اسم “جمعية الإخاء الشركسية” في عمان، وقد شاركت فيها النساء بفعالية قبل تأسيس الفرع النسائي منها. وفي عام 1951، مضيفاً: “بعد استحداث وزارة الشؤون الاجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية، تم حل جميع الجمعيات وأعيد تأسيسها من جديد وذلك وفقا لقانون وزارة الشؤون الاجتماعية والذي بموجبه أصبحت جميع الجمعيات مرتبطة بها. وقد أعيد تسجيلها بإسم الجمعية الخيرية الشركسية، وتأسس الفرع النسائي للجمعية الخيرية الشركسية (سماور) عام 1972”.
كما يلفت “إدعيبس” إلى أنه في عام 1944 شكلت أول جمعية نسائية أردنية بدعوة من سمو الأميرة مصباح (جلالة الملكة مصباح لاحقاً) وحملت إسم “جمعية التضامن النسائي الاجتماعية” ، وهدفت الى العناية بالنساء الفقيرات غير القادرات على إتمام تعليمهن ومساعدتهن بالمال والعمل لتحسين ظروفهن، والتدريب على أعمال التدبير المنزلي وتربية الأطفال والخياطة، ورفع الوعي بين النساء من خلال المحاضرات. وبعد ذلك توقفت عن العمل دون سبب معروف.
في عام 1945 تأسست جمعية “الإتحاد النسائي الأردني” برئاسة سمو الأميرة زين الشرف (جلالة الملكة زين الشرف لاحقاً)، وحرصت في بيان تأسيسها التأكيد على تمسكهن بالشعائر الدينية ودفاعهن عن الحجاب واحترامهن للعادات والتقاليد، وكان من بين أهدافها الاهتمام بوضع النساء الاجتماعي ورفع مستواههن الثقافي الصحي، وتقديم المعونات للأمهات الفقيرات. وشاركت الجمعية بتأسيس الاتحاد النسائي العربي عام 1947 وضم في عضويته عدد كبير من المنظمات النسائية العربية. وعام 1948 تم تغيير إسم الجمعية الى “الجمعية النسائية الأردنية الهاشمية”، ومن ثم حلت الجمعية بعد فترة وجيزة وضمت الى جمعية الهلال الأحمر الأردني كفرع نسائي له.
مع تأسيس وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عام 1951، يرى “إدعيبس” أن تنظيم وإدارة أعمال الجمعيات القائمة كان قبل هذا التاريخ من مهام الوزارة الجديدة. وبصدور قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لعام 1953 أصبحت جميع الجمعيات مسجلة في الوزارة، ومن بينها جمعية الفتاة اللاجئة (1951)،
وفي عام 1954 سجلت جمعية الهلال الأحمر الأردني – الفرع النسائي – والجمعية الأرمنية للسيدات في عمان. وعام 1956 سجلت جمعية مبرة أم الحسين في عمان، وجمعية الشابات المسيحيات في الحصن، وجمعية سيدات الخليل الخيرية، وتوال بعد ذلك تسجيل العديد من الجمعيات النسائية التي تعنى بالعمل الخيري والتطوعي والاجتماعي.
وفي عام 1954 تأسس “اتحاد المرأة العربية” من قبل مجموعة من السيدات برئاسة الأستاذه أميلي بشارات، وشكل نقلة نوعية من الأعمال التطوعية والخيرية الى المطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن بين أهداف الاتحاد ما جاء في دستوره، مكافحة الأمية ورفع مستوى المرأة أدبياً واجتماعياً واقتصادياً، وإعدادها لتمارس حقوقها كمواطنة، وتوثيق أواصر التعاون بين النساء العربيات ونساء العالم وتوثيق عرى السلام.
ويوضح “إدعيبس” أن حكومة “سعيد المفتي” وتحديداً بتاريخ 2/10/1955 وافقت على بعض مطالب الحركة النسائية ، حيث صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع الإنتخاب الذي أعطى المرأة “المتعلمة” دون “الأمية” حق الإنتخاب لا حق الترشح فيما يحق للرجل سواء أكان متعلماً أم أمياً الإنتخاب والترشح، مبيناً: “بناءاً على هذا القرار رفع الاتحاد إلى مجلس الأمة الاردني مذكرة تطالب بالمساواة في ممارسة هذا الحق، وممهورة بمئات البصمات لنساء لم يحصلن على شهادة التعليم الابتدائي، حرمهن التعديل من ممارسة حقهن بالانتخاب، فيما يجيز القانون للرجل الأمي ممارسة هذا الحق”.
في سياق السرد التاريخي للنشاط النسوي في الأردن، يبين “إدعيبس” أنه وبسبب الظروف الداخلية غير المستقرة، أعلنت حكومة الرئيس إبراهيم هاشم الخامسة في عام 1957 حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وحل جميع منظمات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب والنقابات والمنظمات النسائية ومن بينها اتحاد المرأة العربية، لافتاً إلى أنها في عام 1961 أنشأ الاتحاد العام للجمعيات الخيرية وضم في عضويته جميع الاتحادات اللوائية بهدف التخطيط ووضع السياسات للعمل الاجتماعي والتنسيق بين مختلف الجمعيات، وبلغ عدد الجمعيات النسائية والمختلطة حينها (144) جمعية، ووصل عددها الى (269) جمعية عام 1966.
يذكر أنه في عام 1971، عدل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الاجتماعية لحذف كلمة “الخيرية” من تعريف الجمعية والواردة في القانون رقم (33) لعام 1966، وعليه سجلت أول جمعية بعد التعديل وهي “جمعية النساء العربيات” ، وهدفت الى مكافحة الأمية بين النساء وفتح مراكز تأهيل النساء ومساعدتهن لإيجاد عمل مناسب، وتقديم المساعدات لسكان المناطق المحتلة وسكان المخيمات مادياً ومعنوياً وتوثيق التعاون مع المنظمات والهيئات العربية والدولية، وتنظيم وتوحيد طاقات المرأة، ودعم روابط الأسرة.
اعتداءات وانتهاكات بالجملة
على الرغم من عمل جمعيات حقوق المرأة في الأردن إلا أن الكثير من الدراسات البحثية ذات الصلة ومجموعة كبيرة من الباحثين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان يعتبرون أن المراة في الأردن لا تزال تعاني من إجراءات تميزية تحد من حقوقها، حيث تشير الكاتبة والناشطة النسوية، “إيناس الفقهاء” إلى أن الأردن صادق على بعض الاتفاقيات والمعاهدات التي تنص على القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة إلا أنه في الوقت ذاته لم يُعمل هذه الاتفاقيات كلها في جميع قوانينه الداخلية التي احتوت في بعض نصوصها على تمييز ضد المرأة، خاصة في مجال منح الجنسية الأردنية لأولادها.
وتبين “الفقهاء” أن المرأة الاردنية وبموجب قانون الجنسية الأردنية رقم 6 لسنة 1954، فإن المراة الأردنية لا تستطيع ان تقدم جنسيتها لأبنائها المولودين من أب أجنبي، كما انه بموجب قانون الإقامة وشؤون الأجانب رقم 24 لسنة 1973 وتعديلاته، لا يسمح للأم الأردنية أو الاجنبية باعطاء ابنها او زوجها حق الاقامة في الأردن، لافتةً إلى أن قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته م 2/340 ميز أيضاً الرجل عن المرأة بان اقتصر عذرها المخفف على أن تكون حالة التلبس في مسكن الزوجية فقط.
أوضاع المرأة الأردنية والانتهاكات التي تتعرض لها، لا يمكن تناولها بشكل كامل دون التطرق إلى ظاهرة العنف وحالات القتل التي تتعرض لها الأردنيات عموماً، حيث تؤكد “تضامن” على أن النساء الأردنيات لا زلن يواجهن تحديات في مجال العنف القائم على النوع الاجتماعي ، لذا فإن من الأهمية بمكان أعداد إستراتيجية وطنية لتغيير الصورة النمطية للنساء المبنية على الهيمنة الذكورية، بمشاركة جميع الجهات المعنية وعلى كافة المستويات، وتعزيز العمل على مكافحة جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتشجيع النساء للتخلي عن ثقافة الصمت على العنف والإبلاغ عنه، وبناء قدرات وتدريب جميع العاملين من أخصائيين إجتماعيين وضابطة عدلية وأعوان القضاء والقضاء على كيفية التعامل مع قضايا العنف القائم على النوع الإجتماعي.
وفي تقرير صادر عن منظمة الأسكوا اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا، يظهر التركيز على عنف الزوج وخاصة على تكاليفه الإقتصادية بهدف نشر المعرفة القائمة على الأدلة من خلال تحليل الروابط بين هذا العنف والعوامل الإجتماعية والإقتصادية والصحية، وأهمية تقدير كلفة العنف كأداة للتصدي له، فتشير “تضامن” الى أن التقرير الذي شمل عدد من الدول ومن بينها الأردن، وفي إطار رصد عنف العشير (الزوج / القرين) إعتمد على ثلاث مراجع تناولت موضوع العنف ضد المرأة في الأردن، وأهمها مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2012 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
وفقاً لما تعرضه دراسات رسمية أردنية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة بين عامي 2017 و 2019 فإن العنف ضد المرأة برتبط بجرائم القتل بشكل مباشر، حيث تشير الدائرة إلى أن عدد جرائم القتل الأسرية بحق النساء والفتيات خلال الربع الاول من العام 2019 وصل الى 21 جريمة، وبإرتفاع نسبته 200% مقارنة مع ذات الفترة من عام 2018، حيث وقعت 7 جرائم قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال أول 10 أشهر من عام 2018.
في ذات السياق تلفت جمعيات نسوية وهيئات حقوقية إلى أهمية الإعتراف بظاهرة العنف ضد النساء والعنف الأسري بإعتباره الخطوة الأولى في سبيل القضاء على العنف ومنعه، وكيف لا ونحن أمام إعتراف أممي بأن جميع دول العالم بدون إستثناء فشلت في القضاء على العنف ومنعه، بحسب دراسات بحثية منشورة عام 2020، والتي تبين أن 25.9% من الزوجات اللاتي أعمارهن ما بين 15-49 عاماً تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من قبل أزواجهن، في مقابل تعرض 1.4% من الازواج الذين أعمارهم ما بين 15-59 عاماً للعنف الجسدي من قبل زوجاتهن.
وتشير أبحاث جمهعية “تضامن” الى أنه من بين كل 100 زوجة فإن 26 زوجة تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي من قبل أزواجهن، مقابل ذلك فإن من بين كل 100 زوج فإن زوج واحد تقريباً تعرض للعنف الجسدي من قبل زوجته، الأمر الذي يدعو الى نبذ العنف ضد الذكور والإناث على حد سواء، مع التأكيد على أن الإناث يتعرضن له أضعاف ما يتعرض له الذكور، ويرتب آثاراً جسدية ونفسية واجتماعية تلازمهن مدى حياتهن.
حرمان الميراث وجاهلية القرن الحادي والعشرين
في سياق تعداد مجموعة الانتهاكات التي تعاني منها المرأة الأردنية، يقول الكاتب الأردني ” طارق ديلواني” في بحث منشور في صحيفة إنديبندنت العربية بتاريخ 9 كانون الأول 2019: “تواجه المرأة الأردنية أشكالاً عديدة من التمييز ضدها في المجتمع، لكن أبرزها ما يسميه نشطاء اليوم جاهلية القرن الحادي والعشرين المتمثل بحرمان عدد كبير من النساء الأردنيات من حق الميراث”، مبيناً أن بعض العادات الاجتماعية، تُحرم آلاف النسوة في الأردن من حقهنّ، خصوصاً في المدن والقرى البعيدة عن العاصمة التي تقل فيها هذه الظاهرة، حيث تكشف بيانات مسح رسمي أن معاملات تنازل الإناث بشكل طوعي عن الإرث في العام 2017 بلغت 5108 معاملة.
كما يوضح “ديلواني” ما يشار إليه قانونيا بمصطلح “التخارج”، وهو ما يعني حرمان الإناث من الميراث، وهو ما يعتبره المشرعون تصالحاً قانونياً بين الورثة أو أحدهم على إخراج بعضهم من الميراث مقابل جزء معلوم من التركة، مضيفاً: “في حالات كثيرة تحصل النساء على مئات أو آلاف من الدنانير، مقابل التنازل عن حصصهنّ من التركة التي قد تصل قيمتها إلى مئات الآلاف. وفي أحيان كثيرة، تلوذ بعضهنّ بالصمت خجلاً من إخوتها من دون أن تحصل على شيء.
في ذات السياق، يقول “ديلواني”: ” لظاهرة التي تخفي بين طياتها حرماناً للعديد من حقوقهنّ بحجة أن “مال العائلة يذهب للغريب”، تكشف وفق ناشطات أن نحو 90 في المئة من الأردنيات يخجلن أو يخشين المطالبة بحصتهنّ في الميراث”.
وبحسب المصلحات والنواحي القانونية فإن مصطلح “التخارج” ينقسم إلى نوعين، الأول عام يشمل كامل أعيان التركة أي التنازل عن الورث بشكل كامل، والثاني خاص يتعلق بمال معيّن من موجودات التركة، لكن القوانين الأردنية تمنع تسجيل أيّ تخارج إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على وفاة المورّث سعياً منها إلى منع التنازل عن الحقوق.
ظاهرة التخارج أو الحرمان من الميراث وفقاً لما يتناوله البحث، لا تقتصر فقط على المسلمين في الأردن، إذ تعاني النساء المسيحيات تمييزاً ضد النساء في “قانون الميراث للمسيحيين”، وتستند كنائس الأردن إلى الشريعة الإسلامية وقواعدها الفقهية في تقسيم الميراث وإشراك أقرباء أحد الزوجين في تقاسم ميراثه إن لم ينجبا ذكراً.
من جهتها، ترى مؤسسة تضامن لحقوق المرأة أن حرمان النساء من الميراث سواء بإجراء عمليات التنازل من جانب الآباء لأبنائهم الذكور أو بإجراء التخارج بالتودد والتخجيل أو بممارسة الضغوطات العائلية والتهديد والإكراه للتنازل عن حقوقهن الإرثية، إضافة إلى جهل النساء بحقوقهنّ، يرسخ ما يعرف بـ”تأنيث الفقر” الذي يزيد أعداد النساء الفقيرات والمهمشات وغير القادرات على إعالة أنفسهنّ وأسرهنّ.
وتلاحظ مؤسسة تضامن حرمان النساء من الحصص الإرثية أحد أبرز أوجه التمييز ضد المرأة والعنف الاقتصادي ضدهنّ، على الرغم من وضع قيود على معاملات “التخارج”.
زواج القاصرات.. ظاهرة لا يوقفها القانون
تبين دراسة متخصصة حول تزويج القاصرات في الأردن، والمنشورة في اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، أن ظاهرة تزويج القاصرات واحدة من أبرز الانتهاكات التي تواجه النساء في الأردن، لافتةً إلى أن أعداد حالات تزويج القاصرات لا زالت على ذات المستوى منذ عدة سنين وفقا للأرقام والإحصاءات الرسمية، رغم الجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لمحاربة هذا الظاهرة.
وتظهر الدراسة أن الزيادة في عدد حالات تزويج القاصرات هي زيادة طردية مع الزيادة التي حصلت في العدد السكاني الأردني، وأن الأزمة السورية لم تساهم في زيادة عدد الحالات كما حاول البعض تفسيرها، مشيرةً إلى أن بعض حالات تزويج القاصرات قد ترقى لجريمة الاتجار بالبشر؛ حيث أظهرت أن ‘تزويج القاصرات يعود بالمصلحة بالدرجة الأولى على المتعاقدين الممثلين بولي الفتاة وزوجها دون النظر إلى مصلحة الفتاة أو حتى موافقتها، حيث لا يُحصل عليها في كثير من الأحيان، أو يتم الحصول عليها من خلال أساليب جذب خادعة، تؤدي إلى موافقة الفتاة قبل أن تتفاجأ بواقع الزواج وآثاره مما يتركها بوضع ضعيف بسبب صغر سنها وقلة وعيها ويجعلها عرضة الاستغلال لجريمة الاتجار من عنف وآثار نفسية واجتماعية وصحية أخرى ناتجة عن هذا التزويج’.
وتذكر الدراسة، استنادا إلى تقارير صادرة عن دائرتي قاضي القضاة والإحصاءات العامة حول الزواج خلال العام 2017، أن 10434 حالة تزويج قاصرات حصلت العام الماضي؛ منها 846 حالة كان فارق العمر بين الزوجات القاصرات والأزواج فيها 15 عاما وأكثر؛ حيث تم رصد 29 عقدا منها تجاوز فيها فارق العمر 33 عاما، و9 عقود منها تجاوز الفارق 50 عاما.
إلى جانب ذلك، تبين الدراسة أن أرقام العام 2016 تظهر 10907 حالة تزويج قاصرات حصلت خلاله، منها 170 عقدا كان فارق العمر أكثر من 22، و 8 عقود زواج تجاوز فيها الفارق 37 عاما، وعقدان كان فارق العمر أكثر من 42 عاما، و12 عقدا تجاوز فارق العمر 47 عاما، معتبرةً أن ما تقدم من أرقام، يمثل انتهاكا واضحا للتعليمات التي تنص على ‘ألاّ يتجاوز فارق السن بين الطرفين 15 عاما’، بينما تنص المادة 11 من قانون الأحوال الشخصية 2010 على أنه ‘يمنع إجراء العقد على امرأة إذا كان خاطبها يكبرها بأكثر من عشرين سنة إلاّ بعد أن يتحقق القاضي من رضاها واختيارها’.
وتبين الداسة أن قانون الأحوال الشخصية الأردني في صيغته الحالية، ورغم التعديلات التي حصلت عليه، لا يزال غير مقيد بالشكل الكافي، حيث تخالف المادة 3 من التعليمات لعام 2017 المتعلقة بزواج القاصرين والقاصرات والتي تنص: ‘يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل 15 سنة شمسية من عمره ولم يكمل 18 عاما إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة وفقا لأحكام هذه التعليمات’، الفقرة ب في المادة 10 من قانون الأحوال الشخصية فيما يتعلق ‘بموافقة قاضي القضاة’ على قرار القاضي بمنح القاصرات إذن الزواج، حيث اشترطت المادة موافقة قاضي القضاة على قرار القاضي بمنح الإذن بزواج القاصرة، وأن المادة 3 من التعليمات أزالت عبارة ‘بموافقة قاضي القضاة’، الأمر الذي يجعل عمل القاضي مقيدا بالشروط الواردة في القانون بتزويج القاصرات بعيدا عن رقابة قاضي القضاة، اضافة أن مواد التعليمات وعددها 13 لم تشر إلى الآثار الخاصة المترتبة على عقد زواج الفتاة القاصر في حال تم تزويجها من القاضي بشكل يخالف النصوص الواردة في القانون.
وتوصي الدراسة بأهمية تعديل قانون الأحوال الشخصية بحيث تقيّد الاستثناءات التي تُعطى لمنح الإذن بالزواج، وتغليظ العقوبة لمن يعقدون قران من هم تحت سن ال 18 خارج المحكمة، وتعديل قانون منع الاتجار بالبشر، خاصة المادة 3 منه بحيث لا يتم حصر أشكال الاستغلال، بل يقوم بعرضها كأمثلة بحيث يفسح المجال لإضافة أنواع أخرى من الاستغلال، إضافة لإدراج الزواج القسري شكلا من أشكال الجريمة.
في ذات السياق، تشير مديرة مركز تمكين لدعم وتمكين المرأة، “لندا كلش” إلى أن العديد من حالات تزويج القاصرات إلى أسباب اقتصادية تمر بها العائلات، أو لأسباب تتعلق بالتعليم من ضمنها رفض بعض العائلات إكمال تعليم بناتهن، مشيرة إلى وجود علاقة واضحة بين ارتفاع نسبة التسرّب من المدارس للفتيات وبين تزويجهن وهن قاصرات بسبب عدم وجود فرص أخرى لهنّ في ظل الظروف الحالية، وعدم إدراج هذه الفئة في برامج التدريب المهنية حيث تستهدف هذه البرامج من هنّ في عمر 18 عاما أو أكبر.
إلى جانب ذلك، تبين دراسة ” زواج القاصرات في الاردن” الصادرة عن المجلس الاعلى للسكان عام 2017 أن ابرز العوامل والاسباب التي دعت الأسر لتزويج فتياتها هي الفقر والظروف المادية للاسر ، موضحةً أن محافظة المفرق احتلت النسبة الاكبر (24.5 بالمائة) تلاها محافظة الزرقاء وبنسبة 18.8 بالمائة ومن ثم محافظة اربد بنسبة 17.7 بالمائة ، في حن لم تتعد المحافظات التسعة الباقية المستوى الوطني حيث تراوحت النسب لباقي المحافظات ما بين 13.3 بالمائة في محافظة العاصمة و 5.6 بالمائة في محافظة الطفيلة .