الأردن وقد “بلع” تخوفاته من إيران

ارتفعت لهجة العاهل الأردني عبد الله االثاني بمواجهة إيران، ثم انخفضت إلى ما بعد الهدوء.. في ارتفاعها كان يرى تهديدات إيرانية للأردن، ومع انخفاضها لم يقدم سببًا للانخفاض، وفي كلا الحالين لابد من أخذ مواقف الملك على محمل الجد، فالتهديدات الإيرانية للأردن قائمة، غير أن خطوة للملك باتجاه الإعلان عن عداء مع إيران لابد وتتكئ على حليف يحمي الخطوة، ومن سيكون هذا الحليف سوى الولايات المتحدة؟

حسب قراءات للصحافة الإسرائيلية فإنه “بالنسبة للولايات المتحدة، مثل زعماء عرب آخرين في قمة جدة، أخذ عبد الله انطباعاً بأن الأمريكيين لا يعتزمون الصدام مع إيران. وبناء على ذلك، في مقابلة مع صحيفة أردنية، أشار إلى أنه إذا غيرت طهران طريقها فثمة مجال للتقارب”.

ففي قمة جدة  كان للدول العربية سؤال لبايدن: ما الذي ستفعله مع إيران؟ هل تتخلون عنها وتريدون حلفاء في العالم العربي حيالها، أم تواصلون الاتفاق معها؟

لم يعطِ بايدن جواباً، وخاب ظنهم. سبب برودة تصرفهم مع بايدن أنه لم يقدم جواباً قاطعاً. حتى لو لم تصدق هذه الدول. وعليه، عادت الدول العربية إلى الألعاب السياسية. فهي ترى في إيران عدواً، لكنها لا تشد الحبل.

حسب الصحافة الإسرائيلية يحصي محللون أردنيون أربعة تهديدات إيرانية، معظمها محتملة: تسلل خلايا إرهاب إلى أراضي الدولة، والتعاون الاستخباري الذي نشأ بين ميليشيات إيرانية وشبكات تهريب المخدرات وجيش الأسد في منطقة الحدود السورية، وتفعيل خلايا إرهاب نائمة داخل الأردن، وظاهرة “الذئاب المنفردة”، من محبي الثورية الشيعية الإيرانية الذين من شأنهم أن يعملوا بإلهام منها. وتنضم إليها هجمات سايبر سرية منسوبة لـ “دول ومنظمات”.

أما الأردن فيكافح على الأرض تهديد التهريبات. هدف إيران تسريب سلاح ومخدرات إلى المملكة، تصل بداية إلى عصابات الجريمة، ثم تهز استقرار الحكم لاحقاً. في هذا السياق، يشرح الوزير الأردني لشؤون القضاء سابقاً، د. محمود الخربشي، بأنه إضافة إلى الطبوغرافية الجبلية للحدود التي تسهل التهريبات: “بعد مغادرة القوات الروسية التي تمترست على الحدود الشمالية مع الأردن، ستقوم الميليشيات الشيعية بملء الفراغ”.

لا تعد التهريبات على الحدود السورية أمراً جديداً، فقد علم في بداية السنة أن الجيش الأردني ضالع في المواجهات مع مهربي المخدرات من سوريا، لدرجة أن أطلقت عمان رسالة إلى نظام الأسد في دمشق ليأخذ الأمور في يديه. هذا محكوم بالفشل، بالطبع. فرجال الأسد، كما يذكر، هم جزء من المشكلة وبالتالي، فإن الرسالة تستهدف تهيئة التربة لتغيير تعليمات فتح النار على الحدود، بحيث تصل إلى درجة الموت. ومع ذلك، فإن التقرير الذي نشره المركز السوري لحقوق الإنسان في حزيران أشار إلى تعاظم الأعمال. وفي نظرة إلى الوراء، أشار عقيد أردني إلى أن أعمال التسلل والتهريب تضاعفت في السنوات الثلاث الأخيرة.

“يرى الأردنيون في هذا خطراً استراتيجياً أن يصبح الشباب الأردني مدمناً على المخدرات”، يشرح عنبري. فالوحدات السورية تهرب كميات هائلة من المخدرات إلى الأردن. وثمة تعزيز للجيش الأردني على الحدود لوقف تهريب المخدرات، الذي يتضمن حوامات – يسيرون الحوامات مع مخدرات وينزلونها في الأردن.

“انظر إلى التنظيم في جنين”، يضيف عنبري. “تلك عصابات جريمة، فتسللت إليها إيران فيما بعد عبر صالح العاروري، وهذا موجه ضد الجيش الإسرائيلي. ومع أن “المصلحة التجارية” للعصابات هي عدم الصدام مع الجيش الإسرائيلي، وإلا كيف ستعقد الصفقات. هذا النموذج يسري أيضاً على الأردن. السلاح يذهب أيضاً إلى عصابات الجريمة ستتحدى الأمن الأردني لاحقاً- تماماً نموذج جنين”.

إلى جانب ذلك، يعيش في الدولة أيضاً مئات آلاف اللاجئين الشيعة ممن تدفقوا إليها من العراق، والذين ينبع منهم على ما يبدو تخوف من خلايا نائمة و”ذئاب منفردة”. والتأييد لحمزة أصبح وجع رأس لعبد الله. “تآكلت قبائل في الشمال في حرب سوريا، وفر زعماؤها من سوريا، وانتقلت منطقة الحدود التي كانت تحت سيطرتهم إلى سيطرة الجيش السوري والإيرانيين الذين يستغلون هذا أيضاً للتآمر الشيعي”، يشرح عنبري. على هذه الخلفية، تطرح إمكانية تشكيل خلايا نائمة لـ”حزب الله” داخل الأردن نظراً لنصف مليون شيعي جاءوا إلى المملكة.

الملك الذي لم يخف عداءه وتخوفاته من إيران، بات اليوم يخاف ويخفي عداءه لها، وكلمة السر تبقّى في سياسات بايدن.

بايدن الذي لم يمنح حلفاءه فرصة للثقة به وبسياساته.

Exit mobile version