مرصد مينا
في تصعيد جديد للأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، ردّ البرلمان الجزائري بقوة على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتعلقة بسجن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، الذي يعاني من مشاكل صحية استدعت نقله إلى المستشفى قبل أسبوعين.
وأصدر مكتب “المجلس الشعبي الوطني” الجزائري بياناً ليل أمس الاثنين، أكد فيه أن تصريحات ماكرون تمثل “تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر”، مشدداً على أن ما جاء في تصريحاته يعد مساساً بسيادة الجزائر وكرامتها.
وأضاف البيان أن هذا التصرف هو محاولة “مكشوفة لتشويه صورة الجزائر ومؤسساتها السيادية”، وأن الشعب الجزائري يرفض أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية.
وأكد البرلمان الجزائري رفضه القاطع لأي دروس في حقوق الإنسان والحريات من أي طرف خارجي، مشيراً إلى أن الجزائر عانت من أبشع الانتهاكات خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
كما دعا البيان البرلمان الفرنسي إلى الالتزام بقواعد العلاقات الدولية التي تقوم على الاحترام المتبادل.
وكان الرئيس ماكرون قد وصف خطاب له أمام الدبلوماسيين الفرنسيين في “الإليزيه”، صنصال بأنه “محتجز بشكل تعسفي” من قبل السلطات الجزائرية، وطالب بالإفراج عنه فوراً، معتبراً أن الجزائر “تسيء إلى نفسها” بعدم إطلاق سراحه.
وأضاف أن منع الكاتب من تلقي العلاج في وحدة علاجية لا يتناسب مع مكانة الجزائر، التي تربطها بفرنسا علاقات تاريخية وثقافية عميقة.
وتعود قضية سجن صنصال إلى تصريحات أدلى بها في وقت سابق، حيث قال إن بعض المناطق في الغرب الجزائري كانت تاريخياً جزءاً من المغرب، وهو ما أثار غضب الحكومة الجزائرية.
بدوره، ردّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأول مرة في 29 ديسمبر الماضي على قضية صنصال، واصفاً إياه بـ”دجال مجهول الهوية”، ملمحاً إلى أن تصريحاته حول الوحدة الترابية الجزائرية كانت مدفوعة من قبل فرنسا.
وفي السياق نفسه، انتقد حزب “جبهة التحرير الوطني” الجزائري تصريحات ماكرون، معتبراً إياها انعكاساً لحالة التخبّط التي تعيشها الحكومة الفرنسية بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة في البلاد.
واعتبر الحزب أن ماكرون يتزعم دولة تعتمد على “الكيل بمكيالين” في تعاملها مع القضايا الدولية.
كما دافع وزير الاتصال محمد مزيان عن موقف الجزائر، منتقداً ما وصفها بـ “الادعاءات الفرنسية” التي استخدمتها لتبرير احتلال الجزائر، وقال إنها “أراجيف وبهتان”، حسب قوله.
وأشار إلى أن “فرنسا الكولونيالية” قد أظهرت “نكراناً للجميل” في التعامل مع الجزائر، وهو ما أكده “معظم المؤرخين الموضوعيين”، كما قال.
جدير بالذكر أن هذا التصعيد يأتي في ظل الأزمة المتجددة بين الجزائر وفرنسا، والتي بدأت في يوليو 2024 عندما أقر الرئيس ماكرون بأن الصحراء الغربية هي جزء من السيادة المغربية، ما فاقم التوترات بين البلدين.