تتعدد ويلات الحروب وتتنوع، ففي كل مواجهة أو صراع أو حرب لا يخرج أحد منتصراً بشكل فعلي فالجميع خاسر بشكل ما وهذا ما يتمثل بخسارة الأرواح والممتلكات فتتدمر البنية التحتية وتفقد منطقة الصراع معالم الحياة.
ويمكن القول إن الخسارة البشرية هي الخسارة الأبرز والأهم في أي حرب.. بين قتل ونزوح وتحرك كتل بشرية كبيرة تحمل معها مآسيها وهمومها.. والهمّ الأبرز والأكثر ألمــاً قتل الأطفال وتشريدهم، وهذا حال أطفال سورية عمومـًا وأطفال إدلب خصوصـاً.
وانعكست آثار الحملة الشرسة التي يشنها النظام السوري بدعم الطيران الروسي على محافظة ادلب ومحيطها، على المدنيين الذين فقدوا بيوتهم ومتاعهم ونزحوا بأطفالهم دون أي غذاء أو دواء أو حتى أبسط الاحتياجات الأساسية متوجهين نحو المجهول.
الأمم المتحدة وتقديرات مرعبة: أصدرت منظمة حماية الطفولة والأمومة ” يونيسيف ” يوم أمس السبت الأول من فبراير / شباط تقريراً أكدت فيه حاجة ما يقارب مليون ومئتي ألف طفل سوري وبشكل كبير ومستعجل للغذاء والدواء والماء في سورية.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” يونيسيف “إن نحو ستة آلاف و500 طفل يفرون يوميًا خلال الأسبوع الماضي، نتيجة المعارك الدائرة في شمال غربي سوريا (إدلب وحلب).
ووصل العدد الإجمالي للأطفال النازحين في المنطقة إلى أكثر من 300 ألف طفل منذ أوائل كانون الأول 2019.
من جهتها، حذرت منظمة ” أنقذوا الأطفال ” الحقوقية التي تعمل في مختلف أٍجاء العالم، أمس الجمعة، من أنّ نحو نصف النازحين الذين بلغ عددهم قرابة 400 ألف شخص جراء الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية السورية والروسي على ادلب ومحيطها، هم من الأطفال، ووصفتها بأنّها موجة نزوح مختلفة تماماً عن أي موجة نزوح شهدتها الحرب في سورية.
وتسارعت وتيرة الهجوم في الأسبوعين الأخيرين، وتمكنت القوات الحكومية من الاستيلاء على مدينة معرة النعمان المطلة على الطريق السريع.
هذا وقدّرت الأمم المتحدة من جهتها، أنّ 390 ألف شخص نزحوا خلال الشهرين الماضيين. وبحسب منظمة “أنقذوا الأطفال”، فإنّ نصف أولئك النازحين من الأطفال، حيث قالت المنظمة أنّه طوال الشهر الجاري، أجبر ما لا يقل عن سبعة وثلاثين ألف طفل على الفرار. وفي أسبوع واحد، في أوائل يناير/ كانون الثاني الجاري، لقي أربعة وثلاثون طفلاً وثلاث عشرة امرأة حتفهم، بحسب الأمم المتحدة.
تقارير سابقة ومشابهة: نشر تقرير أممي سابق حول أوضاع الأطفال السوريين، جاء فيه أنه قُتل أو جُرح أكثر من 500 طفل خلال الأشهر التسع الأولى من عام 2019، وقُتل أو أصيب 65 طفلاً خلال شهر كانون الأول/ديسمبر فقط.
وجاء في تقرير الصادر عن مدير اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ” تيد شيبان ” أن اشتداد العنف في المناطق المكتظة بالسكان في معرة النعمان، دفع بآلاف المدنيين إلى الفرار باتجاه الشمال.
وأضاف التقرير أنه منذ 11 كانون الأول/ ديسمبر نزح أكثر من130 ألف شخص، بما فيهم 60 ألف طفل من جنوب إدلب وشمال حماة وغرب حلب بسبب الأعمال الحربية. كما ووصف التقرير العنف الذي يتعرض له الأطفال السوريون بأنه عنف لا يمكن تصوره.
حلول ومقترحات لا تف بالغرض: دعت وأكدّت “منظمة الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بين أطراف الحرب في شمال غرب سوريا، بغية حماية الأطفال وعائلاتهم من آثار الحرب، واستئناف إيصال المساعدات الضرورية.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف ” هنرييتا فور ” في بيان رسمي، إن الأزمة في شمال غرب سوريا “تحولت إلى أزمة حماية أطفال على نطاق غير مسبوق”، مشيرة إلى ان القصف والغارات المتتالية، أجبرت عشرات آلاف الأطفال على النزوح.
وشددت المديرة التنفيذية لليونيسف، على أن تقديم المساعدات المنقذة للحياة في شمال غرب سورية، أمر بالغ الأهمية ويجب أن تستمر لإنقاذ حياة الأطفال وعائلاتهم.
لجوء عشوائي وأطفال ونساء متضررون: نقل بيان الأمم المتحدة، ان الأطفال وعائلاتهم، يلجؤون إلى المرافق العامة والمدارس والمساجد والمباني غير المكتملة والمحلات التجارية، هروبا من القصف والغارات.
كما وأكدت ان الكثير منهم “يبيت في العراء، بما في ذلك الحدائق، وسط الأمطار الغزيرة والبرد القارس، كما أن الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والمياه ومياه الصرف الصحي محدودة أو معدومة بشكل كلي”.
وأشارت الهيئة الأممية، إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع السكان الذين يحتاجون إلى المساعدة في إدلب، هم من النساء والأطفال.
وأفادت أن “الأزمة تسببت في خسائر فادحة في أرواح الأطفال، إذ أكثر من 75% من الأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب الصراع في العام الماضي كانوا من شمال غرب سوريا، وسجلت إدلب أكبر عدد من الضحايا الأطفال من بين 900طفل قتلوا في ذلك النزاع”.