مرصد مينا
تظاهر آلاف الأكراد في مدينة لوزان السويسرية بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لمعاهد لوزان التي أبرمت في هذه المدينة السويسرية ورسّمت حدود تركيا الحديثة، مندّدين بتداعياتها على الأكراد.
المعاهدة بحسب المركز الثقافي الكردستاني توزيع الشعب الكردي على أربع دول هي تركيا والعراق وإيران وسوريا، وهي دول فاشلة ديموقراطيا إلى حد كبير. وفق المركز، ففي تركيا تخلّت القوى الكبرى عن الأكراد “لدولة تركية قومية وعنصرية”، ما أدى إلى قرن من المجازر وعمليات التهجير القسري وسياسات القمع والاستيعاب”، بحسب المركز الثقافي الكردستاني.
يعود تسمية معاهدة لوزان إلى مدينة لوزان بسويسرا أين وقع اتفاق دولي في 24 يوليو 1923. وهي معاهدة وقعتها تركيا والدول الانتصارية في الحرب العالمية الأولى، ألمانيا، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، واليابان، لحل المشاكل المتعلقة بالإمبراطورية العثمانية بعد انهيارها.
تعتبر معاهدة لوزان خاتمة للحروب التي أدت إلى انهيار الإمبراطورية العثمانية والتي بدأت عام 1912 مع الحرب الإيطالية العثمانية، واستمرت خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وحرب التحرير التركية (1919-1922). وقد أدت هذه المعاهدة إلى ترسيم الحدود الجديدة لتركيا الحديثة وتأكيد استقلالها كدولة علمانية.
يُشارُ إليها أحياناً باسمِ «معاهدةِ لوزانَ الثانيةِ» مقابلَ معاهدةِ أوشي عامَ 1912م التي تُعرفُ بمعاهدة لوزانَ الأولى، وتمخضتْ عنْ مفاوضاتِ مؤتمرِ لوزانَ الذي افتتحَ في نوفمبرَ/تشرينَ الثاني منْ عامِ 1922م بينَ ترْكيا منْ جهةٍ، وبينَ بريطانيا وفرنسا-الجمهوريةِ الثالثةِ ومملكةِ إيطاليا (وكانَ بينيتُّو موسوليني قدْ وصلَ إلى السلطةِ عامَ 1922م)، واليونانِ بشكلٍ رئيسيٍّ ومعها بقيةُ دولِ الحلفاءِ يوغوسلافْيا ورومانْيا واليابانِ منْ جهةٍ أخرى.
تعثّرتِ المفاوضاتُ عدةَ مراتٍ وفي الرابعِ من فبرايرَ/شباطَ من العامِ 1923م رفضَ الوفدُ التركيُّ برئاسةِ التوقيعَ ورئيسُ الوفدِ البريطانيِّ لوزانَ وبدا أنَّ المفاوضاتِ انهارتْ. في النهايةِ أُبرمتْ معاهدةُ لوزانَ في الرابعِ والعشرينَ منْ يوليو/تموز 1923م كمعاهدةِ سلامٍ، وبمقتضاها ألغيَتْ معاهدةُ سيفرَ ( لعامِ 1920م التي أُجْبرتِ الدولةُ العثمانيةُ على توقيعِهَا بوصفِهَا إحدى الدولِ الخاسرَةِ في الحربِ العالميةِ الأولى.
تمَّ بموجبِ «معاهدةِ لوزانَ» إقرارُ تسويةٍ نهائيّةٍ لوضعِ الأناضولِ وتراقيا الشرقيةِ (القسمُ الأوروبيُّ من تركيَّا الحاليّةِ) في الدولةِ العثمانيةِ، وذلكَ كنتيجةٍ لحربِ الاستقلالِ التركيةِ بينَ قواتِ الحلفاءِ في الحربِ العالميةِ الأولى والجمعيّةِ الوطنيّةِ العُليا في تركيَّا المسيطر عليها منْ قبلِ الحركةِ القوميّةِ التركيّةِ بقيادةِ “مصطفى كمال”. أفضتِ المعاهدةُ إلى اعترافٍ دوليٍّ بالجمهوريةِ التركيّةِ التي استُحدِثتْ على أراضي الإمبراطوريّةِ العثمانيّةِ في الأناضولِ وتراقيا الشرقية.
أحد أهم أهداف معاهدة لوزان كان ترسيم حدود تركيا الحديثة. تم التوصل إلى اتفاق بين تركيا والدول الانتصارية لتحديد الحدود، وبناءً عليه تم تحديد الحدود الحالية لتركيا مع دول اليونان وبلغاريا وسوريا والعراق وإيران.
كما نصت المعاهدة على احترام حقوق الأقليات داخل تركيا. إذ تم تأكيد المبدأ الذي ينص على أن جميع المواطنين هم متساوون أمام القانون دون تمييز على أساس الدين أو العرق. تعهدت تركيا بحماية حقوق الأقليات، وقد تم تحديد حقوق الأقليات الغير مسلمة بما في ذلك الأرمن واليونانيين واليهود.
أما في ما يتعلق بالبعثات الدبلوماسية فقد تم استعادة حقوق تركيا السيادية والقضاء على القيود التي كانت مفروضة عليها في السابق.و تم تحديد تعويضات محددة للدول التي تضررت بسبب الحروب السابقة، بما في ذلك ألمانيا والنمسا.
المعاهدة نصت على وجوب التخلص من نظام الخلافة العثمانية وتحويل تركيا إلى جمهورية علمانية. لذلك تم إلغاء منصب السلطان وتم منح مصطفى كمال أتاتورك الرتبة العسكرية الأعلى في الجيش التركي بدلا منه.
وبحسب بعض المهتمين بالشأن الدولي فإن معاهدة لوزان كانت تاريخية بالنسبة لتركيا وللنظام الدولي بأسره. ساهمت في تحديد مسار تركيا . كما وحدود دول المنطقة.