أن تكون منطقة محترقة، ذاك هو مطلب التوأمين الشيعيين في لبنان ونعني بهما حركة أمل وحزب االله، ليس في لبنان وحده، وإنما في المنطقة برمتها، أقّله عبر النفخ بحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، كما عبر تقويض أيّة صيغة لأي تسوية في اليمن.
في لبنان، بدت المساعي الفرنسية غاية في الجدية، وقد تظهّرت جديتها في زيارتين متتاليتين للرئيس الفرنسي، وكانتا تعملان على تسوية لبنانية ـ لبنانية، تسمح بالحيلولة دون الانهيارين الأمني والاقتصادي، والرجل كان قد جهّز مؤتمر سيدر ليمنح اللبنانيين من المساعدات مايخرج لبنان من الحافة، دون نسيان العلاقة العاطفية مابين لبنان وفرنسا كمضاف للمصالح الفرنسية التي ترى في مرفأ بيروت نافذة على المتوسط.
ماكرون، الذي اشتغل على استيعاب واحتواء الصيغة اللبنانية برؤوسها المتعددة، بمن فيها رأس حزب الله عبر الاجتماع مع قيادييه، بل وتخصيص وقت لـ “محمد رعد” الذي يشبه الحائط، عمل على ذلك ربما مذعنًا لصيغة لبنانية إذا خرجت من اليد فلا تعني سوى دمار ما تبقى، وكان رد حزب الله:
ـ المزيد من العنجهية.
وكان رد حركة أمل تعطيل امكانية وزارة لبنانية خارج أطياف الأحزاب، تلك الأحزاب التي امتحنت وفشلت وخرّبت وأوصلت البلد إلى ماوصل اليه، ما جعل حركة أمل تقامر بالبلد كل لبلد بوزارة المال، وهي الوزارة التي امتلكتها الحركة لخمسة أعوام كانت نتائجها الفساد والإفساد، وهاهو اليوم يعود للمطالبة بها وإلاّ.
ـ وإلاّ ماذا؟
وإلاّ التعطيل.
والتعطيل يعني محو كل احتمال لإخراج لبنان من مآزقه، ونفاذ صبر الفرنسيين، وبالتالي ترك لبنان لمصيره.
هذا في لبنان.. على المستوى الآخر، يتباهى حزب الله ومشغّله الإيراني بمبادرات أمريكية باتجاه الحوار مع إيران، ويعتبرون المبادرات الأمريكية نقطة ضعف الأمريكان، حتى يهيؤ لهم بأن الآلة الأمريكية العملاقة، قد باتت تحت مرمى السلاح الإيراني، وبالنتيجة يعطلون أية مساع لحوار يمكن أن يحد من إنمكانيات اشعال المنطقة إذا ما أشعل الخليج العربي بالحماقات الايرانية.
وحين يأتي الأمر الى فلسطين، فهاهم يحثون الخطى نحو ضرب واعاقة أية مجهودات سلام، وذلك عبر دفع حماس والجهاد الإسلامي الى مواصلة الاشتباك مع القوات الاسرائيلية، وهو اشتباك لم تكن نتائجه سوى المزيد من دمار غزة، فلا الجهاد الإسلامي على كفاءة بمواجهة القوات الاسرائيلية ولا حماس كذلك، أما عن ملالي طهران فلم يكونوا في يوم من الأيام خصومًا لإسرائيل، بقدر ماكانوا منافسين لها على النفوذ في الشرق الأوسط، وهو تنافس على حساب شعوب هذه المنطقة، وهي المنطقة التي امتحنت الحروب ومحنتها، وكان على شعوبها أن تختار السلام، أقلّه لأنها امتحنت فجائع الحروب.
اليوم، تشتغل ايران كما أذرعها من مثل حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله على تقويض مصر، واللعب بأزقتها وساحاتها، مستثمرين بالاخوان المسلمين الذين ينامون في السرير التركي ويطلقون محطاتهم وخطاباتهم واعلامهم من هناك لاشعال مصر، وبالنتيجة، مامن لعبة يتقنها هذا المحور سوى لعبة ايقاد النيران.
ثمة مالايمكن تجاهله، وما لايمكن تجاهله هو الموقف الأمريكي الرخو من المسألة الإيرانية، فالحديد لايفله سوى الحديد، أما دبلوماسية تويتر هي محض هراء.
على الأمريكي الخروج من تويتر، وإلاّ ما معنى كل مايخزّنه الأمريكي من سلاح؟