مرصد مينا
يهدأ ولا يتوقف، هوذا حال الصراع الإيراني/ التركي، فتأجيله ممكن، غير أن إلغائه وشطبه من الحساب غير وارد، وهو صراع امتد عبر تاريخ طويل.
يوم أطلقت تركيا عملية عسكرية في شمال العراق 2021، قال السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، إن إيران “لا تقبل إطلاقاً بأن تتدخل تركيا أو أي دولة أخرى في العراق عسكرياً، أو أن تتقدم وتحظى بوجود عسكري فيه”، ورد عليه السفير التركي في العراق أيضاً، فاتح يلدز، عبر تغريدة على تويتر، بالقول إن إيران “آخر شخص يحق له إعطاء تركيا دروساً بشأن احترام حدود العراق”.
كان هذا في العراق، وحين يتصل الأمر بسوريا فقد يكون اكثر سخونة، ففي سوريا كانت الاحتمالات تشير إلى مواجهات عسكرية مباشرة ما بين الطرفين، وقد حدثت المواجهة فعلياً ولكن عبر الوكلاء.
واليوم، سيكون الحال اكثر تعقيداً، فلا الأتراك سيبددون تواجدهم في سوريا، وهو تواجد في الساحة الاحتياطية للصراع الإيراني /التركي، كما الكردي / التركي، ولا الإيرانيون سيتخلّون عن الخيط الاكثر أهمية في مشروع الهلال الشيعي الذي لم يغادر تطلعاتهم وقد أنجزوا منه الكثير، وهذا الصراع لابد ويضع بشار الأسد ما بين المطرقة التركية والسندان الإيراني، أو العكس، وفي كلا الحالين سيكون بشار الأسد مسلوب إرادة الاختيار.
أمام الأتراك فرصة واسعة لاستعادة “حلب” وريفها، إن لم يكن بالسيف فـ “بغيره”، ومن “غيره” إعادة اشعال حلب بالمعارضات التي يمكن الاشتغال على إعادة تأهيلها، وليس أمام الإيرانيون أية فرصة للقبول بخطوة تركية على هذا النحو، فطريق طهران إلى الهلال الشيعي لن يحتمل مثل هكذا خيار، والمؤشرات كل المؤشرات، أن الأسد المكبّل بالفاطميين والزينبيين والحرس الثوري الإيراني لابد ويبقى في القبضة الإيرانية، دون نسيان أن تصالحه مع (العرب)، لايتجاوز في حدوده ونتائجه ذاك الصلح ما بين المملكة وإيران، وهو صلح مشكوك بديمومته، وإن دام فلهذا معنى واحد وهو تخلّي الإيرانيين عن (ثورتهم) التي إن لم تتوسع في الإقليم فستسقط في إيران، وليس الخميني الميت، قد تخلّى ومن قبره عن حلم التوسع إرضاء للإمام الغائب الذي لايحضر إلاّ باستحضار الخراب.
اليوم وغداً، ثمة غطاء لنيران الصراع الإيراني / التركي، غير أن هذا الغطاء لابد سيرتفع، وسيكون مرجله في العديد من المناطق، أما لسوريا فستكون الحصة الأكبر منه.
بالشام ثمة نظام لايملك من قراره شيئاً.
كل ما سيمتلكه :
ـ الإذعان.
للمطرقة أو للسندان.