مرصد مينا
اليوم بوسع الرئيس بشار الأسد الردّ على مذكرة التوقيف الفرنسية بحقه وحق شقيقه ماهر، وهي مذكرة حملت تهمة “جرائم حرب”.. بوسعه ذلك وبالفم الملآن، فعلى ذراع من عاصمته، يشتغل بنيامين نتنياهو على “القتل” وصولاً لما يمكن تصنيفه بـ “جرائم الحرب” بل وأكثر من ذلك تصنيفه ووصفة بـ “الإبادة”.
بمقدور الأسد أن يقول : “لست وحدي”، هذا إذا اضطر للكلام، وثمة ما يُفصِح أنه “لن يُرغَم” على مثل هذا الكلام، فالمحاكم الدولية لن تطاله ، أقلّه وهو محمي بجدار إيراني من جهة، وآخر روسي من الجهة الأخرى، فيما حركات الاعتراض السورية مشلولة، تمزّقها الولاءات للعواصم التي بدورها لن تعير انتباهاً للمقتلة السورية، هذا إذا لم تفتح بواباتها لبشار الأسد، لممارسة الخطابة على أرضها، وهو على غاية من الاطمئنان بأنه لن يُطال، فاللعبة الدولية لن تكون حريصة على دماء الناس ولا على أرزاقهم، أقلّه والعالم يُقاد بـ “الرسن” الأمريكي، فيما أمريكا تعبث بمصائر الأمم وصولاً لخوضها عبر مئتي عام من عمرها، ما يزيد عن 186 حرباً ارتكبت فيها أشنع الفظاعات وليست قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما سوى وسيلتي إيضاح عن “الأمريكاني”، وعلى من تُسعفه الذاكرة أن يعود لمشاهدة “القيامة الآن”، ليشهد على العراة الفيتناميون وهم يتلقون حرائق قنابل النابالم، ومن بعدها، يبحثون عن الإجابة على سؤال:
ـ من جلب بشار الأسد إلى قصر المهاجرين في سوريا؟ دون نسيان من سبق وأنجب أبيه، فالثاني وصل بمباركة الإنكليز، أما الأول فلابد من استذكار ذاك الاحتضان والأمومة التي مارستها مادلين اولبرايت يوم جنازة حافظ الأسد ومن ثم خلوتها ببشار وإرضاعه في تلك الخلوة، بما سمح للولد الأقل شأناً في حياة السوريين أن يحمل لقب رئيس، ومن ثم يضاف إلى اللقب “إلى الأبد” ومن بعدهما “او نحرق البلد”، وكلّه تحت بصر وعين الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وكان باراك أوباما قد فضّل مداعبة كلبه على الحديث عن إسقاط بشار الأسد في حضرة من معارضين سوريين ذهبوا إليه آملين أن يفعل لبشار ما فعل سابقه بصدّام، فلم يحدث سوى المزيد من التبني، فيما الحصار لا يحاصر سوى المزارع السوري، والميكانيكي السوري، والأمهات السوريات، أما الرئيس فمازال يوزع ضحكاته متنقلاً ما بين ضحكة من الزلزال، وثانية من القمم العربية، وفي كل الحالات برفقة مستشارتيه اللتين باتتا عالمه، كل عالمه، فيما جيشه متشظّي إلى عصابات، والعصابات تدير البلاد، والكل مرتهن للإيراني “المدعوم” امريكياً، أقلّه وقد أُفلِت الملالي من أيّة عوائق وصولاً لتعويضهم عن ودائعهم المفقودة في المصارف الغربية، وإطلاق أيديهم في اليمن ولبنان والعراق، دون أن يزعجهم الامريكاني بما يزيد عن تصريحات لا تخلو من الدعابة.
هوذا الحال، ومادام الحال على هذا النحو، فما هي قيمة قرار قضائي يصدر عن المحاكم الفرنسية؟
سيقول للفرنسيين:
ـ بللوه واشربوه.
سيكون الحال على هذا النحو، فالشأن بالنتيجة هو شأن سوري، وفي علوم “الحِكّة” لا يحكّ جلدك سوى ظفرك، ما يعني أن الرهان على “تعتير” النظام لن يأتي من الخارج، فالخارج يشتغل لحساب الخارج، ولهذا فقد أطال الرئيس الفرنسي غزله بحزب الله، وما الافتراق ما بينه وبين الحزب اليوم، سوى افتراق مؤقت، ينتهي بانتهاء وقائع حرب غزة، ومن يغازل حزب الله، ما الذي يمنعه من “مضاجعة” بشار الأسد؟
ـ ولا شيء.. غزل هناك ومضاجعة هنا.
والكل فرح مزهو بالنتائج.