الإنكليزي لا يعتذر

مرصد مينا

تسيبي حوتوفلي،  هي سفيرة إسرائيل في الإمبراطورية التي غابت شمسها ونعني بريطانيا، ويضاف إلى كونها سفيرة، أي أنها متدربة على اللغة الدبلوماسية، يضاف بأنها “أنثى” وقد درجت العادة على وصف المرأة بـ “الجنس الناعم” غير أن هذه “الناعمة” وفي لقاء مع محطة البي بي سي، ذهبت في الخشونة إلى حد الدعوة إلى ” تدمير كل مدرسة ومسجد ومنزل في غزة”.

وعندما سألها المذيع إيان دايل، الذي لا يخفي دعمه لإسرائيل، عما إذا كانت هذه دعوة فعلية لتدمير غزة، وكل بناية فيها، ردت عليه: “هل لديك حل آخر؟”.

أثارت تصريحات السفيرة الكثير من التعليقات، بمن فيها تعليقات لمناصري إسرائيل ومن بينهم كريس دويل، رئيس مجلس التفاهم العربي البريطاني، على حسابه على “أكس” واصفاً كلامها بـ “المرعب”.

لم تكن السفيرة وحدها من ناصرت “الإبادات الجماعية” فقد سبقها بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق وقد اعترض على قيام شرطة لندن بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، أقله هذا ما نقلته “الديلي تلغراف” وهي صحيفة داعمة لإسرائيل، وداعمة أيضاً لبوريس جونسون، ويأتي هذا ما بعد قيام شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية بوضع ملصقات في المطارات البريطانية تبلغ المسافرين بإخبار السلطات البريطانية عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وقد حملت الملصقات الصيغة التالية : “إذا كنت في إسرائيل وشهدت أو كنت ضحية للإرهاب أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، فيمكنك الإبلاغ عن هذا إلى شرطة المملكة المتحدة”.

في الأمر ثمة التباس، فهل ثمة تباينات ما بين شرطة بريطانيا ودبلوماسييها؟

حتماً، هذا ما تنبئ عنه حكاية الملصقات، غير أن الملصقات إياها لابد وستكون لزوم ما لايلزم، فما قيمة الإخبار عن جرائم إسرائيل إذا كانت سفيرة إسرائيل تعلن ومن قلب العاصمة البريطانية تلك المواقف الموثقة ومن بينها الدعوة إلى “إبادة غزة”؟

كل ما حدث ما بعد تصريحات السفيرة كان موقفاً بالغ الطراوة جاء على لسان ديفيد كاميرون وزير الخارجية البريطاني، مكتفياً بوصف أقوال السفيرة بـ “مخيب للآمال”.

ومن بعده قال :”في نهاية المطاف، أهتم بشدة بأمن واستقرار إسرائيل وأؤمن بإسرائيل كوطن للشعب اليهودي، وحقها في الوجود والازدهار والدفاع عن نفسها وكل ما تبقى منها، لكن أعتقد أن الأمن على المدى الطويل يتطلب أن تكون هناك دولة لفلسطين أيضًا”.

وأضاف: “لذلك لا أعتقد أنه ينبغي علينا أن نعطي أهمية كبيرة لتصريح واحد، علينا أن نمضي قدمًا ونفكر في كيفية المساعدة في تحقيق ذلك”.

بمنتهى الرطوبة كانت تعليقات الخارجية البريطانية، ولكن لو اشتغلنا على لغة الافتراض، وجاء على لسان سفير مصري، ليبي، جزائري، يمني، عراقي، ما يشير إلى الدعوة إلى “تدمير إسرائيل”، ما الذي سيكون عليه حال الخارجية البريطانية؟

هل كانت ستكتفي بجمع حقائب السفير ورميه خارج ممتلكات الملكة والمملكة؟

لم يسبق للبريطانيين أن اعتذروا، على العكس من أبنائهم الأمريكان.. الامريكان يتقنون الجريمة ومن بعدها يتقنون الاعتذار، ولو لم يكن لأمر كذلك لما عمّروا متحفاً لفروات رؤوس الهنود الحمر.

البريطانيون لن يفعلوا ذلك ولو فعلوه، ربما كان عليهم الاعتذار عن “وعد بلفور”.

Exit mobile version