الاستثمار في الخوف.. اسألوا الخميني

عبرت مؤخراً غواصة الصواريخ الأمريكية “يو إس إس جورجيا” الخليج العربي، وكان ذلك في نهاية 2020 ولم تقع حرب أمريكية ـ إيرانية، والكثير من المتابعين ذهبوا إلى الاعتقاد بأن الحرب بين لحظة ولحظة، وعبرت الغواصة الإسرائيلية “دولفين 2” قناة السويس إلى البحر الأحمر، ربما متجهة إلى المياه القريبة من إيران أو حتى الخليج العربي نفسه، والكثيرون اعتقدوا أن الحرب بين لحظة ولحظة، ولم تقع.

. ومن المرجح أن تحاول إيران اتخاذ إجراءات متعددة من أجل منع السفينة الإسرائيلية من دخول مضيق هرمز. وقد يكون الهدف من عمليات الانتشار غير المعتادة للبحرية الأمريكية والإسرائيلية هو ردع الهجمات الإيرانية في الخليج.

السفن الأمريكية من أرفع السفن الحربية فالغواصة “يو إس إس جورجيا” SSGN 729)) التي تعمل بالطاقة النووية عبرت مضيق هرمز ودخلت المياه الضحلة للخليج العربي. وهذه السفينة الضخمة هي واحدة من أربع غواصات فقط تابعة للبحرية الأمريكية جرى تحويلها لتحمل 154 صاروخاً تقليدياً جوالاً للهجوم البري من طراز “توماهوك” – حوالي نصف قدرة الضربة الصاروخية التكتيكية لقوة بحرية كاملة، بمدى يتراوح من 1300 إلى 2500 كيلومتر.

الإيرانيون مازالوا يهددون بالثأر لمقتل قاسم سليماني ولم يثأروا حتى اللحظة ومازال دونالد ترامب في البيت الأبيض، فهل تنازلوا عن الثأر، أم تركوه ليكون من حصة الرئيس المقبل جو بايدن؟

لدى البحرية الأمريكية تقليد طويل الأمد في عدم الكشف عن مكان وجود غواصاتها، ولكن يُعتقد أن الإبحار إلى الخليج العربي وفي المساحات الضيقة في الخليج ومضيق هرمز غير ملائمة لعمليات الغواصات الكبيرة بسبب أعماقها الضحلة نسبياً، والتيارات المائية القوية، والعديد من خطوط الأنابيب تحت الماء، والمرافق البحرية، وطرق الشحن المزدحمة للغاية، وتقنيات الكشف الحديثة.

وبالفعل، أثبتت مخاطر الاصطدام أنها كبيرة. ففي كانون الثاني/يناير 2007، اصطدمت الغواصة الهجومية من فئة لوس أنجلوس “يو إس إس نيوبورت نيوز (SSN-750)” بناقلة عملاقة يابانية أثناء مغادرتها لمضيق هرمز وهي تحت الماء. وبعد ذلك بعامين، اصطدمت السفينة “يو إس إس هارتفورد (SSN-768)” من فئة لوس أنجلوس بسفينة دعم برمائية أثناء قيامها بعبور المضيق وهي تحت الماء ليلاً.

يقابل ذلك الاعتقاد بأن إيران تَعتبر غواصاتها الثلاث الروسية الصنع من فئة “كيلو” وغواصتها الأصلية من فئة “فاتح” (كلاهما تعملان بالديزل والكهرباء) كخط دفاعها الأول ضد غواصات العدو وأن  بإمكان إيران اكتشاف أنشطة الغواصات المشبوهة في المياه القريبة – خاصة في الأعماق الأكثر ضحالة التي توفر القليل من الحواجز الحرارية الصوتية أو لا توفر أي حواجز حرارية (على سبيل المثال، الخط الحراري) للغواصات للاختباء تحت تلك المياه. وفي الوقت نفسه، فإن الدفاعات الجوية الإيرانية قادرة على اعتراض بعض صواريخ كروز على الأقل تلك التي تُطلق على منشآتها الحساسة.

كلها دراسات حربية، تحكي عن الحرب باعتبهرها تحت النظر، مرفقة بخطابات من طهران تدعي أنها ماتزال مصممة على توجيه ضربة مؤلمة بما يكفي لإرغام القوات الأمريكية على الرحيل النهائي من الشرق الأوسط.

تهديدات تطال اسرائيل، كما تطال القوات الأمريكية، وآخرها تصريحات عن وزارة الدفاع الايرانية تفيد بأنه في حال اقتراب الغواصات الإسرائيلية من المياه الإيرانية، فإن  إيران سترد بطريقة دراماتيكية، غير أن إسرائيل اختارت التخلي عن أي عنصر من عناصر المفاجأة من خلال الاستغناء عن الرحلة الطويلة حول أفريقيا وإرسال غواصاتها عبر قناة السويس وهي عائمة، ربما لأنها أرادت وجود رادع في البحر العربي عاجلاً وليس آجلاً. ومهما كانت الحالة، من المرجح أن تحاول إيران اتخاذ إجراءات متعددة من أجل منع السفينة الإسرائيلية من دخول مضيق هرمز، مثل الإعلان عن أن هذا الإجراء سيتجاوز خط أحمر، ورفض السماح للسفينة بالمرور البريء، وإجراء تدريبات عسكرية في المنطقة، وزيادة دورياتها لتحديد موقع الغواصة واعتراضها. وعلى الرغم من أن طهران قد تمتنع عن اتخاذ إجراءات من شأنها إشعال فتيل حرب دامية، إلا أن مثل هذه المواجهات تترافق مع خطر كبير بالتصعيد.

كل ما سبق هو التهديد بالحرب، ولكن هل ستقع الحرب فعلاً؟

آخر ما يمكن وقوعه هو ما يهدّد بوقوعه وتلك قاعدة.

إذن الى أين ستمضي حالة التصعيد هذه، ومن سيجازف بحرب قد تحرق البحر بملحه ورمله؟

ما من مؤشر واحد يقول بالحرب، واذا كان الأمر كذلك فما معنى هذا التصعيد الإعلامي؟

ربما لهذا التصعيد سبب واحد:

ـ زرع الخوف.

فالخوف والحاجة وحدهما مايلويان ذراع أحدهما، وعلى المنطقة كل المنطقة أن لاتحرم من الخوف، الذي ستتلوه الحاجة.

ـ الحاجة الى الاحتماء .

ـ الحاجة الى التسلح.

وعند الايرانيين ثمة قاعدة:

ـ العدو وراء الأسوار، ولولا هذه القاعدة، لما مكث علي خامنئي في سدة السلطة.

لا.. لولاه، لما كان من ثمة ضرورة للإبقاء على عمامة الخميني.

Exit mobile version