مرصد مينا – ليبيا
أكد رئيس البرلمان العربي، “عادل بن عبد الرحمن العسومي” رفضه التام لتصريحات عدائية وتهديدات أطلقها وزير الدفاع التركي، خلال زيارته الأخيرة إلى ليبيا والتي وصفت بالاستفزازية، ومن قبلها إقرار البرلمان التركي إبقاء الجنود الأتراك في ليبيا لمدة 18 شهرًا.
واعتبر رئيس البرلمان العربي، أمس الاحد، زيارة وزير الدفاع التركي تعدياً مباشراً على سيادة دولة ليبيا وانتهاكاً صارخاً لأمنها القومي، وخرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح وإرسال المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى دولة ليبيا.
وقال رئيس البرلمان إن الزيارة والتهديدات التي أطلقها الوزير خلالها، وتصعيد تركيا من تدخلاتها السافرة في الشأن الداخلي الليبي، تأتي في وقت يستمر فيه تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا فضلاً عن إتمام أول عملية لتبادل الأسرى بين الأطراف الليبية السبت الماضي، وهو ما يكشف عن النوايا التركية الخبيثة لعرقلة كافة جهود حل الأزمة سياسياً في ليبيا، وإصرارها على إفشال المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة وإبقاء الصراع الليبي مفتوحاً إلى أجل غير مسمى بما يتماشى مع أطماعها في ثروات ومقدرات الشعب الليبي.
ضمان سيادة ليبيا
وطالب رئيس البرلمان العربي، مجلس الأمن الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لإيقاف التدخلات التركية المتكررة في الشؤون الداخلية الليبية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لطرد المرتزقة والمقاتلين الأتراك والأجانب من الأراضي الليبية، ضماناً لسيادة ليبيا على كامل أراضيها، وتمكين الأطراف الليبية من التوصل إلى حل سياسي ونهائي للأزمة بإرادة ليبية خالصة بعيداً عن أي تدخلات خارجية.
كما دعا جميع الأطراف الليبية إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية وتغليب مصلحة ليبيا وشعبها فوق أي اعتبار من خلال الاستمرار بشكل فاعل في الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وأعرب العسومي عن دعم البرلمان العربي التام وتأييده المطلق للجهود المخلصة التي تبذلها الدول العربية لحل الأزمة الليبية، وعلى رأسها الجهود التي تبذلها كل من مصر والمغرب وتونس، ودعمهم الدائم للتوصل إلى حل سياسي شامل ونهائي للأزمة، مثمناً الدور الكبير الذي قامت به هذه الدول في استضافة العديد من جولات الحوار بين الأشقاء الليبيين، مضيفاً أن هذه الجهود المقدرة كان لها الدور الأكبر في تهيئة الأجواء وتوفير المتطلبات الداعمة لاستمرار الحوار السياسي القائم الذي ترعاه الأمم المتحدة حالياً بين الأطراف الليبية.
تزايد منسوب الاستفزاز
وتجدر الاشارة الى ان منسوب الاستفزازات التركية في ليبيا، قد ارتفع كثيرا في توقيت بدا مقصودا لجهة التداعيات التي يرسمها عبر انتقاء مفردات تهديد تجاوزت في مضمونها معادلات الصراع الليبي – الليبي، لتشمل بطريقة إخراجها التوازنات الإقليمية في علاقة بتطورات الملف الليبي التي بدأت تتحرك نحو العودة من جديد إلى مربع الاقتتال.
وتعكس تصريحات وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، جزءا من تلك الاستفزازات التي تزامنت مع وصول وفد مصري رفيع المستوى إلى العاصمة الليبية طرابلس، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ العام 2014.
وفي سياق هذه الاستفزازات، هدد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بالرد على أي هجوم قد يشنه الجيش الليبي على الميليشيات الموالية لبلاده، موجها كلامه لقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر “ستنال الرد المناسب في الوقت المناسب… وإذا كنت تفهم فتذكر من هي تركيا”.
وتابع خلوصي أكار في تصريحاته التي نُشرت الأحد، على هامش زيارته لوحدات عسكرية وأمنية تركية مُتمركزة في العاصمة طرابلس وضواحيها “يجب أن يعلم حفتر وأنصاره أنهم لن يكون أمامهم مكان يفرون إليه، سيكونون هدفا مشروعا في حال وقوع أي هجوم على القوات التركية”
ليبيا غنيمة لتركيا
ولم ينتظر الجيش الليبي طويلا للرد على تهديدات الوزير التركي التي جاءت بعد ساعات من زيارة قام بها إلى طرابلس، وُصفت بأنها بمثابة قرع لطبول الحرب، حيث أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، العميد خالد محجوب، أن الجيش الليبي سيرد على تركيا “بشكل مناسب وغير مُتوقع”.
واعتبر في تصريحات نُشرت الأحد، أن تركيا تسعى لخلق واقع جديد في ليبيا، لافتا إلى أن زيارة وزير الدفاع التركي لطرابلس تهدف إلى دعم تيار الإخوان المسلمين الرافض للحل السياسي، وعرقلة أي تقارب ليبي – ليبي باعتبارها لا تؤمن بمخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) لترسيخ وقف إطلاق النار.
ويؤكد متابعون للشان الليبي ان هذه الاستفزازات تؤكد مرة أخرى أن تركيا تعتبر الساحة الليبية غنيمة ومكسبا اقتصاديا وسياسيا لا تريد التخلي عنه بسهولة. كما ترى أيضا في ليبيا فرصة يجب استغلالها إلى أبعد حد على حساب أمن واستقرار المنطقة، لذلك تضرب عرض الحائط باتفاق برلين الذي تبنته الأمم المتحدة، وتعرض مسارات الحوار المنبثقة عنه للفشل، لاسيما المسار العسكري الأمني.
وقد ذهب محللون الى ان تركيا قد تذهب بتصرفاتها هذه في تعطيل الحل السياسي وإشعال فتيل الحرب من جديد مالم تُلجم بجدية من الدول الكبرى التي لا زالت على ما يبدو لم تتفق على حل نهائي لأزمة ليبيا التي لم تعد بأيدي الليبيين.