fbpx

الاقتصاد وصراع الحصص.. قد يعيد لبنان إلى حكومة تصريف أعمال

مرصد مينا – هيئة التحرير 

“تقاسم الحصص”، مصطلح يطلقه المحلل السياسي، “محمد شقير”، على أحد العوامل، التي قد تودي بحكومة رئيس الوزراء اللبناني، “حسان دياب”، بعد أشهر من ولادتها، لافتاً إلى أن مؤشرات انهيار الائتلاف الحكومي الحالي، ليست محصورة بصراع قطبيها المسيحيين، تيار المردة والتيار الوطني الحر، وإنما تشمل أيضاً صراعات أخرى على مكاسب بعيدة عن التعيينات المصرفية والمالية.
وكان رئيس تيار المردة، “سليمان فرنجية”، الشريك المسيحي في الحكومة اللبنانية، قد اتهم قبل أيام، رئيس التيار الوطني الحر، “جبران باسيل”، بالسعي للسيطرة على حصة المسيحيين في التعيينات الحكومية، وسط انباء عن تلويح “فرنجية” بسحب وزيريه من الحكومة بسبب الخلاف مع “باسيل” على التعيينات المصرفية، الخاصة بالمسيحيين.
قضية التعيينات وعلى اختلافها، تمثل مشكلة عامة داخل الحكومة وبالنسبة لكامل مكوناتها، خاصةً في ظل تأكيد “شقير” في مقالٍ له، أن تلك الخلافات وصلت إلى ما يتعلق بتشكيلات السلك القضائي وبناء معمل في قضاء البترون لتوليد الكهرباء والتعيينات الإدارية، لافتاً إلى أن جميع تلك الخلافات والتعيينات لا تزال معلقة، في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار الداخلي للسراي الحكومي.
الإكراه الحكومي وأطماح حيتان السياسة
تناول تصدع الجبهات الداخلية لحكومة “دياب”، يعني حكماً التطرق إلى الموقف السلبي لرئيس حركة أمل ورئيس مجلس النواب، “نبيه بري”، الذي يمثل أحد قطبي الحكومة الشيعيين، من تكليف “دياب” برئاسة الوزراء، كما تشير مصادر خاصة “لمرصد مينا”، لافتةً إلى أن “بري” اضطر بضغط من حزب الله، الداعم الشيعي الأول للحكومة، للمشاركة في تشكيلة “دياب” الوزارية، ومنحها الثقة في جلسة مجلس النواب قبل أشهر.
وسبق “لنبيه بري” التهديد بسحب وزرائه، الذي يتولون حقيبتي المالية والزراعة، على خلفية أزمة اللبنانيين العالقين في الخارج، بسبب أزمة كورونا.
ميل “بري” لأهواء حزب الله، تفسره المصادر لأنه ارتبط برغبة لدى الحزب لتغير المعادلات السياسية ووجه الدولة في لبنان، مضيفاً: “هذا هو السبب الوحيد لمشاركة بري، ولكن قرابة 6 أشهر على إطلاق حكومة دياب، لم تكن كفيلة بتغيير موقف بري السلبي، ما يجعله قابلاً للانضمام إلى أي تحرك سياسي لإسقاط الحكومة الحالية، خاصةً وأنه إلى الآن لا ينصب العداوة السياسية لبقية الكتل السياسية على الطرف الآخر، وتحديداً تيار المستقبل والزعيم الدرزي وليد جنبلاط”.
وكان هاشتاغ “حكومة حزب الله”، الذي أطلقه ناشطون سياسيون لبنانيون، قد تصدر منصات التواصل الاجتماعي، بعد ساعات قليلة من إعلان تشكيل الحكومة، مطلع العام الحالي.
بالعودة إلى خلافات الأقطاب المسيحية داخل الائتلاف الوزاري، تشير المصادر إلى أن أطماع “باسيل” بخلافة والد زوجته “ميشال عون” في منصب رئيس الجمهورية، يعتبر الركيزة الأساسية خلف التصدع الحكومي، خاصة مع محاولته إقصاء بقية الأطراف الميسحية من مفاصل القرار، بما فيها تيار المردة، وهو بدوره ما سيؤثر على المشاركات داخل الحكومة، تحديداً في ظل التصريحات النارية “لسليمان فرنجية”، التي شن فيها هجوماً لاذعاً على كل من “عون” و”باسيل”.
الانكشاف السني والأنا المتضخة
مؤشرات انهيار الحكومة اللبنانية، يعبر عنها الإعلامي اللبناني، “نديم قطيش”، بالصبغة التي طغت عليها كحكومة خرجت من تحت القبعة السياسية لحزب الله وحلفائه، على الرغم من ما يكرره رئيس الحكومة، عن أنها حكومة الكفاءات والمستقلين، التي يطالب بها الشعب اللبناني، وهو ما نفاه شركاء “دياب” في الحكومة، على حد قول “قطيش”
وسبق “لسليمان فرنجية” أن صرح خلال أحد مؤتمراته الصحافية، بأن الحكومة التي يترأسها “حسان دياب”، شكلها صهر الرئيس ورئيس التيار الوطني الحر، “جبران باسيل”.
الأنا المتضخمة والرغبة بحجز مقعد في مستقبل لبنان السياسي، بدورها هي أيضاً إحدى بوادر وعوامل الانهيار الوشيك، حيث يشير “قطيش” إلى أن طريقة تفكير رئيس الحكومة تقوم على قناعته بأنه مقعده السياسي داخل لبنان يعتمد على ضرب بعضاً من أركان النخبة القديمة المتمثلة “ببري” و”الحريري” و”جنبلاط”، والتماشي مع النخبة الأحدث، المتمثلة “بعون” وحزب الله، لافتاً إلى أن “دياب” يعتقد بتفكيره بأن حكومته حاجة للجميع وأن سقوطها يعني عدم القدرة على تشكيل حكومة أخرى في المدى المنظور، وأنه بسبب من هذه الحاجة قادر على الاستثمار في التناقضات.
في هذا السياق، ترى مصادر خاصة بمرصد مينا، أن “دياب” ومن خلال محاولة اعتماده على نظرية سياسية قائمة على التحالفات خارج الإطار السني، تضعف مناعة حكومته، وتقرب من سقوطها، خاصة وأن هذا التوجه أفقده غطاء من سنة لبنان، لافتةً إلى أن الأيام القليلة الماضية، شهدت تحركاً من أربعة رؤساء حكومة سابقين، “سعد الحريري” و”فؤاد السنيورة” و”تمام سلام” و”نجيب مقياتي” ضد حكومة “دياب”.
ووفقاً للدستور اللبناني واتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، فإن منصب رئاسة الحكومة يكون من نصيب شخصية سنية تحظى بالأكثرية النيابية، ومنصب رئيس البرلمان للشيعة، ورئاسة الجمهورية للمسيحيين.
كما ترى المصادر أن المستقبل القريب في لبنان، قد يكسب الحكومة الحالية، لقب حكومة تصريف الأعمال، خاصةً مع تعميق الأزمة الاقتصادية والبيانات السلبية حول البطالة والفقر والغلاء، وتواصل أزمة الدولار.

وكانت تقارير إعلامية قد كشفت في وقتٍ سابق، أن 20 ألف لبناني فقدوا وظائفهم خلال الفترة الممتدة بين أيلول 2019 وشباط 2020، وأن 55 في المئة من اللبنانيين باتوا فقراء، في حين ارتفعت معدلات الدين العام إلى 90 مليار دولار أمريكي مقابل انخفاض معدل النمو في العام الماضي؛ إلى ما دون صفر في المئة. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى