مرصد مينا
قالت مديرة البرنامج العالمي للأمن الغذائي والمائي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، يتلين ويلش، إن القرار الروسي بإنهاء العمل باتفاقية الحبوب ستؤدي إلى أزمة غذاء عالمية حادة بسبب اضطرابات الإمدادات المعقدة وزيادة أسعار المدخلات الزراعية.
وأضافت أن دول الشرق الأوسط ستتأثر بشكل مباشر بهذا القرار بسبب اعتمادها الكبير على الواردات الغذائية، وتحديدا الحبوب وعلى رأسها القمح، من روسيا وأوكرانيا. علاوة على ذلك، تأتي أزمة الغذاء هذه في وقت لا تزال فيه العديد من الدول تعاني من الآثار المركبة لـ”كوفيد-19″ وما نتج عنها من صعوبات سياسية واقتصادية.
وأشارت ويلش بحسب موقع “الحرة” إلى أن اتفاقية حبوب البحر الأسود، الموقعة في يوليو 2022، خففت من خلال السماح ببعض صادرات الحبوب من أوكرانيا بعضا من آثار الحرب على الأمن الغذائي، ولا سيما تخفيف الضغوط على أسواق الحبوب.
مديرة البرنامج العالمي للأمن الغذائي لفتت إلى أن المؤشرات الاقتصادية الحالية تُظهر أزمة مقلقة ومتفاقمة في حالة البلدان الفقيرة والهشة سياسيا ذات القطاعات الغذائية الضعيفة، ومنها على سبيل المثال، لبنان والسودان واليمن، حيث سيؤدي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومحدودية الزراعة المحلية، والافتقار إلى احتياطيات موثوقة من الحبوب إلى تفاقم أزمة الغذاء الحالية في بعض البلدان.
في السياق نفسه ووفقا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة “فاو” التابعة للأمم المتحدة، الصادر في يونيو ٢٠٢٢، كانت أوكرانيا وروسيا من بين أكبر ثلاثة منتجين عالميين للقمح والذرة وبذور اللفت وبذور عباد الشمس وزيت عباد الشمس، وبالتالي فإن توفر كميات أقل من الحبوب والأسمدة بسبب الحرب أثر بشكل سلبي واضح على مناطق بعينها مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا من خلال تضخم أسعار السلع الأساسية والتقلبات المالية.
وتشير الأرقام المنشورة على موقع الأمم المتحدة إلى أن مصر تأتي في مقدمة دول الشرق الأوسط التي تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا، بما يساوي 23 مليار دولار في الفترة بين عامي 2016 و2020، وتليها السعودية بمبلغ 17 مليار دولار في الفترة نفسها، وبعدها تركيا بحوالي 12.5 مليار دولار، ثم المغرب بمبلغ 8.7 مليار دولار، والإمارات بـ6.1 مليار دولار، والجزائر بمبلغ 5.5 مليار دولار في الفترة بين عامي 2016 و2017، ثم تونس والسودان والأردن واليمن وليبيا وفلسطين والكويت وقطر وعمان.
وتشير تقارير أخرى إلى أن دولا مثل لبنان واليمن والأردن معرضة للخطر بشكل خاص، كما تسلط التقارير الضوء على أن الخطر يصل في بعض الحالات إلى مرحلة التهديدات الوجودية بالنسبة لبعض الدول، وعلى رأسها مصر، وفق تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات صدر في يونيو 2022.
وأوضحت منظمة هيومن رايتس ووتش في مارس ٢٠٢٢، أنه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير بعد “كوفيد-19″، حيث لم يحصل واحد من كل ثلاثة أشخاص في عام 2020 على الغذاء الكافي، بزيادة قدرها 10 ملايين شخص عن عام 2019.
وفي الفترة بين عامي 2016 و 2021، أنتجت أوكرانيا وروسيا أكثر من 50 في المئة من إمدادات العالم من بذور عباد الشمس، و 19 في المئة من الشعير في العالم، و 14 في المئة من القمح، و30 في المئة من صادرات القمح العالمية، مع اعتماد ما لا يقل عن 50 دولة على روسيا وأوكرانيا للحصول على 30 في المئة أو أكثر من إمدادات القمح، بحسب مجلة “ناشيونال جيوغرافيك”، في مارس ٢٠٢٢.
بالإضافة إلى التأثيرات السلبية لـ”كوفيد-19″ على الأمن الغذائي، حذرت “فاو” في يونيو ٢٠٢٢، من مخاطر انعدام الأمن الغذائي لدول منطقة الشرق الأوسط، بسبب تفاقم الأوضاع وارتفاع سعر القمح والشعير بنسبة 31 في المئة، وزيت بذور اللفت وزيت عباد الشمس بأكثر من 60 في المئة.
وهذا السيناريو الأسوأ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أوضح المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن اتفاقية الحبوب قد تجنبت حدوثه، حيث تلقت المنطقة كمية كبيرة من صادرات الحبوب بموجب هذه الصفقة، بنحو 42 في المئة من صادرات الحبوب الأوكرانية بين أغسطس وأكتوبر 2022، و 28 في المئة من صادراتها من الذرة للفترة نفسها، على سبيل المثال.
وذكر تقرير المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في أكتوبر ٢٠٢٢، أنه رغم ذلك، كان مستوى الواردات من أوكرانيا في عام 2022 أقل بكثير من مستوى 2021 بالنسبة لحبوب القمح المهمة. ووفقا للأمم المتحدة، اعتبارا من يناير 2023، تم شحن 17.8 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا، منها 46 في المئة ذرة و 28 في المئة قمح، إلى الصين وإسبانيا وتركيا وإيطاليا وهولندا كوجهات رئيسية.
تشير الأمم المتحدة إلى إنه منذ توقيع اتفاقية الحبوب، تصدرت مصر قائمة الدول العربية المستوردة للحبوب، بحوالي 998 ألف طن من الذرة و418 ألف طن من القمح و131 ألف طن من حبوب الصويا و4.6 ألف طن من حبوب وزيت عباد الشمس.
واستورد لبنان 54 ألف طن من الذرة و34 ألف طن من القمح، وليبيا 111 ألف طن من الشعير و391 ألف طن ذرة و53 ألف طن قمح.
وتلقى المغرب 100 ألف طن وجبة عباد الشمس، و11 ألف طن بذور عباد الشمس. وحصلت تونس على 384 ألف طن ذرة و222 ألف طن قمح و99 ألف طن شعير، واليمن 259 ألف طن قمح.
واستملت السعودية 180 ألف طن من القمح و62 ألف طن من الذرة، والجزائر 212 ألف طن من القمح، ووصل العراق 38 ألف طن من الذرة، والأردن 5 آلاف طن من الشعير.