
مرصد مينا
أصدرت الرئاسة الفرنسية اليوم الثلاثاء تفاصيل “خريطة الطريق” الخاصة بسوريا التي تم التوصل إليها خلال قمة “خماسية شرق المتوسط”، والتي استضافتها باريس بمشاركة قادة فرنسا واليونان وقبرص ولبنان وسوريا، في 17 مارس الماضي وكانت هذه القمة فرصة لطرح رؤى متعددة حول مستقبل سوريا في ظل الظروف الحالية.
وتُظهر القمة التي عُقدت في باريس تواصلاً بعيداً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، إذ تمت المشاركة عبر الاتصال عن بعد.
وقد صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن دعوة الشرع لزيارة باريس قد تكون قيد التنفيذ في الأسابيع المقبلة، بناءً على التطورات في سوريا.
خريطة الطريق: مسار جزئي لكن استراتيجي
جاء الاجتماع في باريس ليكون الأول من نوعه في صيغة “خماسية شرق المتوسط”، التي تهدف إلى دعم العملية الانتقالية نحو قيام سوريا موحدة ومستقرة.
ومع ذلك، وُصف الاجتماع بأنه جزئي، حيث تناول مسائل حساسة مثل اللاجئين السوريين وترسيم الحدود البحرية.
الغائب الأكبر
من أبرز غيابات القمة كانت تركيا، التي تعتبر من الأطراف المعنية بشكل كبير في ترسيم الحدود البحرية بين سوريا ودول الجوار، لا سيما قبرص واليونان.
وبالرغم من تخفيف التوترات بين أنقرة وأثينا، إلا أن المراقبين يخشون من تأثيرات الاتفاقات المحتملة حول ترسيم الحدود على المصالح التركية واليونانية.
الورقة الاقتصادية
تتمثل محاور “خريطة الطريق” بحسب ما نشره الإليزيه في خمس قضايا رئيسية هي: رفع العقوبات، الالتزامات الاقتصادية، ملف اللاجئين، ترسيم الحدود البحرية، والسيادة السورية.
بالنسبة للجانب الاقتصادي، أكدت الدول الأوروبية الثلاث دعمها لرفع العقوبات عن سوريا، لكن بشرط استمرار المراقبة المستمرة للأوضاع، وهو ما يمنح الغرب ورقة ضغط على دمشق.
رفع العقوبات والمساعدات الاقتصادية
تنص “خارطة الطرق” على أن الدول الأوروبية تؤكد دعمها لرفع العقوبات المفروضة على سوريا وفقاً لقرارات الاتحاد الأوروبي الأخيرة، مع التشديد على ضرورة مراقبة الوضع السياسي في سوريا لتقييم مدى تقدم العملية السياسية.
كما تم التأكيد على أهمية زيادة المساعدات الاقتصادية لإعادة إعمار سوريا، لكن ذلك مشروط بتنفيذ السلطات السورية سلسلة من الإصلاحات السياسية والأمنية.
ملف اللاجئين
تدعو “خريطة الطريق” إلى نهج إقليمي في معالجة ملف اللاجئين السوريين، يجمع بين الجهات المانحة والدول المضيفة للاجئين، بما في ذلك آلية تكاملية تجمع بين المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية لضمان عودة آمنة للاجئين إلى بلادهم.
ملف الإرهاب
كذلك تطالب الدول الأربع، دمشق، على المستوى الأمني، بـ”التنسيق الفعال لقوات السلطات السورية مع الآليات الدولية القائمة لمكافحة الإرهاب، لا سيما التحالف المناهض لداعش (عملية العزم الصلب)”.
إضافةً إلى الترحيب بالاتفاق الذي تم الشهر الماضي بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي أعربت لاحقاً عن رفضها للحكومة الجديدة بسبب ضعف تمثيلها.
أما بالنسبة لملف ترسيم الحدود البحرية، فقد شددت “خريطة الطريق” على ضرورة احترام القانون البحري الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مع مراعاة مصالح الدول الأوروبية المجاورة.
السيادة السورية والاحتلالات الأجنبية
فيما يخص السيادة السورية، دعت الخريطة إلى احترام السيادة الوطنية لسوريا، لا سيما في ظل التدخلات الأجنبية في الأراضي السورية.
ورغم غموض الإشارة إلى الجهات الأجنبية المعنية، إلا أن الرئيس ماكرون في تصريحاته العلنية لم يتردد في دعوة إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي السورية.
حماية المدنيين وتحقيق العدالة في سوريا
وأخير، طالب الاتحاد الأوروبي السلطات السورية بتوفير “الحماية الفعالة لجميع المواطنين السوريين” بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية، بالإضافة إلى ضرورة المساءلة الفعالة عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، بما في ذلك تلك التي وقعت خلال أعمال العنف الأخيرة في الساحل الغربي لسوريا.
كما أشار الأوروبيون إلى أهمية تنفيذ “العدالة الانتقالية” الشاملة التي تُعتبر خطوة أساسية نحو المصالحة الوطنية.
وبينما يرفض الاتحاد الأوروبي منح “شيك على بياض” للسلطات السورية الجديدة، فإن دول الاتحاد تواصل مراقبة تطورات الوضع في سوريا عن كثب، معتبرة أن “الورقة الاقتصادية” تلعب دوراً حاسماً في توجيه دمشق نحو المسار الذي يحددونه.
ويعود ذلك إلى الضغوط الاقتصادية الهائلة التي تعاني منها سوريا نتيجة للعقوبات المستمرة منذ سنوات.
تجدر الإشارة إلى أن التواصل مع الشرع تم على ثلاث مراحل: ثنائياً مع ماكرون، وثلاثياً مع الرئيسين الفرنسي واللبناني، وخماسياً مع الرؤساء الأربعة.
وكانت خلاصاته ولادة “خريطة الطريق” أُدرجت تحت عنوان “خماسية شرق المتوسط”
ويعد اجتماع باريس الخماسي الأول من نوعه “بصيغته الجديدة، وبغرضها دعم العملية الانتقالية لقيام سوريا موحَّدة ومستقرة ومسالمة”.