التلفزيون الرسمي.. فيديو اعترافات “إرهابي” باختراق الحراك تثير الشارع الجزائري

مرصد مينا – هيئة التحرير

تحت عنوان ” الإرهابي حسن زرقان (أبو الدحداح جليبيب)” نشر التلفزيون الجزائري الرسمي أمس الأربعاء، مقطع فيديو “مرفق بالأسفل” تضمن اعترافات أثارت جدلاً واسعا في الشارع الجزائري، الذي بدأ بالحشد لمظاهرات ضخمة تحيي الذكرى الثانية للحراك الشعبي في شباط /فبراير 2019.

المدعو “أبو الدحداح جليبيب” قال إنه ينتمي إلى “مجموعة إرهابية” كانت تستهدف اختراق الحراك الشعبي، والتحريض على العصيان المدني، وصولاً إلى القيام بعمل مسلح لإسقاط النظام، كاشفا عن “مخططات لإثارة الفوضى وضرب استقرار الوطن”، وفق ادعائه.

مندسون..

“أبو الدحداح” ذكر أنه التحق بالجماعات المسلحة عام 1994 في جبال الأخضرية، قرب العاصمة الجزائرية، وزعم أن تنظيمهم حاول اختراق الحراك الشعبي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، عبر أفراد في الخارج يحرضون على السلطات والجيش ومسؤولين، وكذلك عبر أفراد في الداخل يندسون في الحراك لتحريض الشارع على الفوضى.

وقال الإرهابي المزعوم إنّ هدفهم كان “نشر فكرنا المسلح والجهادي داخل المجتمع الجزائري عبر المدعو “أمير ديزاد” و”العربي زيتوت” و”مراد دهينة”، وكنا نركز عليهم لتحريض الشباب”، وهم ناشطون يقيمون على التوالي في باريس ولندن وسويسرا، وينشرون باستمرار فيديوهات تحريضية ووثائق ومعلومات عن الجيش والمسؤولين في الدولة.

وأضاف “كان لدينا اتفاق مع الأسماء المذكورة، لإطاحة النظام، من خلال تحريض شباب الحراك على السلمية، رغم أننا نحن لا نؤمن بالسلمية، لكن فقط لاختراقه وتحويله عبر الدعوة إلى عصيان مدني، ثم يتحول العصيان المدني إلى العمل المسلح مثل ما حدث في اليمن وسوريا وليبيا، وفي حال تحوله إلى ثورة نوفر لهم سلاح”.

وكشف زرقان أن الجماعة “الإرهابية” كلفت عدداً من الأفراد، لفتح قنوات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “يوتيوب” و”تلغرام”، رغبة منهم في “إسقاط النظام بكل الوسائل”.

واعتقلت قوات الجيش في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي زرقان في منطقة جيجل، 340 كيلو متراً شرق الجزائر، بعد تطويقه ومحاصرته في منطقة بها غابات.

دعوات..

تزامن بث السلطات الجزائرية لاعترافات المدعو “أبو الدحداح جليبيب” مع تصاعد الدعوات في الجزائر إلى استئناف مظاهرات الحراك الشعبي عشية الاحتفال بالذكرى الثانية للحراك، خاصة بعد نجاح التعبئة الكبيرة في مظاهرة أول أمس الثلاثاء في مدينة خراطة شرقي الجزائر.

وكان ائتلاف “نداء 22 فبراير”، وهو تجمع مدني يضم مجموعة من المكونات المدنية والشخصيات والناشطين الجزائريين، قد دعا إلى النزول الجماعي للشارع من أجل التظاهر واستعادة الحقوق والحريات والمطالب المركزية التي أعلنها الحراك الشعبي في انطلاقته الأولى في 22 فبراير/شباط 2019.

 كما كان حزبا “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” و”جبهة القوى الاشتراكية” المعارضان، قد حذرا السلطة من مغبة مواجهة المظاهرات السلمية بالقمع أو الاعتقالات.

كذلك دعا “منبر الوطنيين الأحرار”، في بيان نشره الثلاثاء، إلى استئناف مظاهرات الحراك الشعبي، وجاء فيه “بعدما بات جلياً أن مطالب الجزائريين في تحقيق تغيير جذري وقطيعة مع النّظام ما زالت لم تتجسد بعد، والمسار الأحادي الجانب الذي فرضته السلطة أثبت فشله وعزله الشّعب”.

خراطة من جديد..

أول أمس الثلاثاء، نجح الناشطون في الحراك الشعبي في مدينة خراطة بولاية بجاية شرقي الجزائر، في حشد الآلاف من المتظاهرين الذين وصلوا إلى المدينة قادمين من كل الولايات، للمشاركة في مسيرة شعبية تخلد الذكرى الثانية لمسيرة 16 فبراير/شباط 2019، فيما يستمر الحشد لاستئناف مظاهرات الحراك يومي الجمعة والثلاثاء المقبلين.

يشار إلى أن المدينة شهدت في16 فبراير/شباط عام 2019 أكبر مسيرة شعبية نظمت مباشرة، بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لولاية رئاسية خامسة.

وضاقت أول أمس الشوارع الرئيسية في المدينة الثائرة بالمتظاهرين من سكان خراطة والبلدات المجاورة، وكذا الآلاف من المتظاهرين الذين وفدوا إلى المدينة، وجابت المسيرة الشوارع وصولاً إلى الساحة الكبرى وسط المدينة.

خلال المظاهرات رفعت شعارات تجدد العهد مع مطالب الحراك المعلنة منذ 22 فبراير/شياط 2019، والمتعلقة بإطلاق مسار انتقال ديمقراطي حقيقي، واستبعاد الجيش من صناعة الخيارات، وبناء مؤسسات شرعية.

مصادر لمينا قالت إن المتظاهرين رددوا شعارات “سنواصل بالسلمية، لننتزع العسكر من المرادية”، و”نازلين في 22، وماناش خايفين”،  موضحة أن بعض الناشطين في الحراك، المفرج عنهم حديثا، التقوا مجددين موقفهم السياسي  كما رفعت خلال المظاهرات صور الناشطين الموقوفين في السجون.

ردود فعل على الفيديو..

مؤخرا كثفت السلطة الجزائرية عبر تصريحات مسؤوليها، متحدثين عن وجود خطط لاختراق وزعزعة استقرار البلاد، في ظل تحذيرات من دعوات التظاهر واستغلال الحراك الشعبي.

سخرية كبيرة قابلت فيديو التلفزيون الجزائري على مواقع التواصل الاجتماعي، مذكرين بأساليب قديمة لطالما استخدمها نظام “بوتفليقة” في تخويف الجزائريين، لمنعهم من التظاهر والخروج إلى الشارع للمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية.

وتباينت الردود والتعليقات المنتقدة لما بثه التلفزيون العمومي لاعترافات “الإرهابي”، إذ كتب الإعلامي “سمير قلالتة” تعليق على حسابه في فيسبوك “سيناريو مفضوح.. وإخراج رديء.. في الجزائر الجديدة”.

أستاذ الإعلام في جامعة الجزائر “رضوان بوجمع” علق أيضا على الحدث قائلاً “المنظومة الإعلامية في الجزائر أكبر تهديد للأمن القومي، تغييرها مسألة مستعجلة لا تنتظر أي تأخير”.

وأرفق عدد كبير من المغردين كلمة ” الدحدحة”، مع تعليقاتهم الساخرة من الحكومة ومنظومتها الإعلامية.

مساعي الحكومة..

تأتي دعوات الحراك بينما تطلق السلطات الجزائرية مسار لقاءات مع قادة الأحزاب السياسية، بما فيها قوى من المعارضة الراديكالية، تمهيداً لتجهيز الأرضية السياسية لحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مسبقة وتعديل جزئي في الحكومة.

ويحاول  الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” تشكيل ائتلاف سياسي موالٍ له، يكون بمثابة “أغلبية رئاسية” تفرزها انتخابات برلمانية يريد إجراءها قبل موعدها مع نهاية العام الحالي، فيما يقترح قطاع من المعارضة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 2022 وتشكيل حكومة وحدة وطنية بهدف الخروج مما تسميه “المأزق السياسي”.

Exit mobile version