شهدت الجزائر العديد من التحولات والتقلبات بعد الإطاحة بنظام بوتفليقة، والانتقال نحو التحرر من الأنظمة القمعية إلى الضفة الأخرى من أحلام الشعوب، إلا أن المخاض هذا البلاد لا يزال حتى الساعة دون انتاج حالة من الاستقرار السياسي على المشهد، وسط تزاحم أو تنافس بين المنابر السياسية والثكنات العسكرية على هيكيلية الدولة القادمة.
وفي هذا الإطار، أكد “نور الدين عيادي” الأمين العام لرئاسة الجمهورية الجزائرية، أن ما دعت إليه السلطات العمومية بغية الخروج من الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد، إنما يعد هو الطريق الأكثر أمان وعقلانية، والذي يسعى للتوجه السريع لإجراء انتخابات رئاسية يسودها جو الديمقراطية والعدالة، وأنه سيتم تنظيم الانتخابات بشكل يتفق عليه جميع الأطراف من خلال حوار شامل.
الأمين العام لرئاسة الجزائر اعتبر أن الدعوات التي طالبت بإشراك الجيش في الحوار السياسي في البلاد للخروج بها من الأزمة الراهنة هو فخ نصب لجيش الجزائر، مطالبا بعدم الزج به في الأمور السياسية.
وصرح بذلك أثناء لقاء أجرته معه وكالت الأنباء الرسمية، وقال: ” الذين طالبوا بإشراك جشينا بالحوار السياسي، هم يدركون الفخ الذي ينصب له في حال إشراكه…، فجشينا الجمهوري والوطني يعرف مهامه الدستورية، وهو يتصرف على هذا الأساس لحماية بلدنا من المخاطر المحدقة به، ويجب عدم الزج بقواتنا المسلحة في أي اعتبارات سياسية”، في حين لم يوضح “عيادي” ما يقصد بكلمة “الفخ”، وما الأهداف التي يقفون وراءها بعد الزج القوات المسلحة.
وأضاف “عيادي” أن يجب التوجه السريع إلى الانتخابات الرئاسية وضمان ظروف تنظيمية جيدة، “وتكريس شفافية ونزاهة المسار، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من التوافق حول قيادة المسار” إضافة إلى وضع شروط اتفاق سياسي يتعلق بكيفية تنظيم انتخابات جمهورية حرة وغير مشكك فيها.
“عيادي” رأى أنه من الضروري إعادة ثقة الجزائريين في دولتهم ومؤسساتهم، وهو ما يستدعي أن تقوم شخصيات وطنية مستقلة معروفة بالمصداقية والقبول الواسع لدى المواطنين بتنظيم مسار التشاور.
وأضاف: “رئيس الدولة غير مؤهل لمباشرة اصلاحات مؤسساتية، واقتصادية، واجتماعية، وهي الاصلاحات التي يقوم فيها رئيس الجمهورية المنتخب بكل شرعية، والذي يحظى بثقة المواطنين”.
وتطالب أحزاب جزائرية بتدخل المؤسسة العسكرية بما أنها صاحبة النفوذ الأكبر في البلاد، لتكون طرفا في الحوار السياسي الذي يهدف بإخراج الجزائر من أزمته الراهنة.
لكن قيادة الجيش رأت عكس ذلك، وصرحت بأنها ملتزمة بمهامها الدستورية وعدم الخروج عنها، معلنة دعمها للمبادرة التي أطلقها رئيس الجزائر المؤقت “عبد القادر بن صالح” والتي تنص على عدم مشاركة الجيش ومؤسسات الدولة في الحوار السياسي لأنه وجد فيها مقاربة “إيجابية تهدف لإيجاد حل للخروج من الأزمة بالحوار”.
من جانبه، اتهم قائد الأركان في الجيش الجزائري “العملاء” وفق ما وصفهم، بأنهم يسعون لتعطيل كل مبادرات الحل، محذرهم من الاستمرار في هذا التوجه.
وأن المبادرة التي أطلقها “بن صالح” تهدف لإيجاد حوار عاجل يقوده شخصيات وطنية مستقلة، لتهيئة الظروف المناسبة لتنظيم انتخابات رئاسية قريبة في الجزائر.
ليبقى الجواب غير موجود حتى الساعة، حول من سيظفر بسدة الحكم في الجزائر.. ساستها الرافضون لاقحام الجيش في الحياة السياسية، اما الجيش الذي يرى أن السلطة لا يمكن أن تكون بدون وجوده على رأسها…
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي