وكأن محطة “الجزيرة”، قد غدت لسان حال ملالي طهران.. انحياز كامل للسياسات الإيرانية، بما يسمح باقتراح أن يرتدي مقدمو البرامج فيها العمامات السوداء، ما يطرح سؤالاً:
ـ وكيف وقفت الدوحة وراء الربيع العربي في دمشق، فموّلت ورعت، وعسكرت وأفسدت، وهذا يقضي بطبيعة الامور إلى التصادم مع طهران التي تقف بدورها وراء النظام في سوريا لتحمي رجلها بشار الأسد هناك؟
الإجابة لاتأتي من قراءات اللحظة، فجماعة الاخوان وملالي طهران توأمان، كيف لايكون ذلك ونحن نقرأ تاريخ العلاقة، أقله ما بين إمام الملالي على خامنئي وجماعة الاخوان وقد امتدت بدءًا من ترجمته لسيد قطب وكتابه “المستقبل لهذا الاسلام”، وقد اقترح لكتابه عنوانًا آخر ليكون بالفارسية “بيان ضد الحضارة الغربية”.
في مقدمة الكتاب التي صاغها خامنئي، أثنى على سيد قطب ووصفه بـ”المفكر المجاهد”، وأن كتبه تشكل خطوة على طريق توضيح معالم الرسالة الإسلامية.. كان ذلك مطلع ستينيات القرن الفائت، وفي عام إصدار الكتاب أعدم سيد قطب في مصر، ولم يكتب له أن يرى كتابه مترجما إلى الفارسية على يد الولي الفقيه المستقلبي.
لاحقا، عاد خامنئي وترجم جزءا من كتاب “في ظلال القرآن” الذي تم نشره على نطاق واسع في إيران، وفي باكستان موطن منظر الحاكمية أبي الأعلى المودودي.
جاء في كتاب “الإخوان المسلمون وإيران: الخميني – خامنئي”، أنه بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، بادرت الجماعة وعدة جماعات إسلامية سنية أخرى إلى تهنئة الخميني ومد يد التعاون للعمل المشترك وفق مرجعية الثورة الإسلامية.
أيّد الإخوان الثورة الإيرانية وزار وفد منهم طهران، وعارضوا استضافة الشاه في مصر، وناصروا إيران في حربها ضد العراق، خاصة في بداية المواجهات.
بعد وفاة الخميني، سنة 1989، نعته الجماعة واحتسبته “فقيد الإسلام الذي فجر الثورة ضد الطغاة”.
استمر التعاون بين الطرفين إلى السنوات الأخيرة. حينما وصلت الجماعة إلى الحكم بمصر، كان خامنئي من أوائل المهنئين بفوز مرشح الجماعة محمد مرسي في انتخابات الرئاسة.
وفي شباط/فبراير 2012 زار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القاهرة وهي الزيارة الأولى لرئيس إيراني لمصر منذ اندلاع الثورة الإيرانية.
استمرت اللقاءات بين علماء إيران الشيعة ونظرائهم المصريين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين. وكان لقاء مؤسس الجماعة حسن البنا مع العالمين الشيعيين محمد القمي وآية الله الكاشاني دليلا على تحمس البنا لهذا التقارب.
في سنة 1981، اغتالت مجموعة من جماعة الجهاد، متأثرة بفكر سيد قطب، الرئيس المصري أنور السادات، تحت ذريعة عدم الحكم بما أنزل الله؟
وترفع صور خالد الإسلامبولي، قائد المجموعة، في التظاهرات في إيران. وتتوسط صور كبيرة له بعض ساحات العاصمة طهران، حيث يوجد له “قبر” تذكاري أيضا.
كل الدلائل التاريخية تقول بأن الخمينية السياسية ممتدة في جماعة الاخوان وتوأم لها، وحين نأتي الى التجربة السورية فما لاشك فيه بأن الدوحة وربما بالتوافق مع قيادات طهران، وجدت ضالتها في إدارة ربيع دمشق، لا لإطلاق العملية الديمقراطية في دمشق، كما لا لمنح الشعب السوري حقه في تقرير مصيره.. إنها الفوضى التي تعني:
ـ إدخال الحرس الثوري الإيراني ليحل محل الجيش الوطني فينتهكه ويديره.. وقد حدث ذلك.
ـ تغيير الديمغرافيا السكانية للبلد..وقد حدث ذلك وهانحن نتابع السطو الإيراني على ممتلكات السوريين، واقتلاع الناس من مواطنهم لإحلال ناس مكانهم.
ـ وصل القيادة الخمينية بالمتوسط وفتح المنافذ لها عبر “الطريق إلى بيروت يمر من دمشق”، وقد حدث ذلك وهاهو حزب الله يتمدد من دمشق إلى بيروت لرسم الهلال الشيعي / الاخواني.
وبالنتيجة، لم يعد ثمة أسباب لاخفاء ما رسم في الظلام، وقد بات اعلانه للضوء لايشكل عبئًا لا على الدوحة ولا على طهران، خصوصًا إذا ماكانت المظلة هي فلسطين، وإذا ماكانت حماس والجهاد الإسلامي وهما تياران اخوانيان يشربان من (طاسة) ملالي طهران.
هي ذي اللعبة وقد اكتملت.