هيئة التحرير (مرصد مينا) – انطلقت المرحلة الثانية من الحوارات والمفاوضات الكردية-الكردية، بمشاركة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، «مظلوم عبدي» والمستشار الأمريكي في شمال شرقي سوريا، وليام روباك، بعد انتهاء الجولة الأولى التي وصفها «عبدي» في تصريحات سابقة له بـ«الناجحة»، تزامن ذلك مع عقد أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» التي تشكلت قبل نحو شهر، اجتماعها الاعتيادي، تحضيراً للدخول في مباحثات مع المجلس الوطني الكردي ككتلة موحدة، مصادر مقرّبة من المجلس قالت قي تصريحات لـ«مرصد مينا» إن المرحلة الثانية بدأت عملياً منذ أول أمس الأربعاء، وتم مناقشة قضايا عدّة، من دون الإعلان عن المسائل المتفق عليها، أو الإشكاليات والنقاط الحساسة.
ونفت المصادر ذاتها للموقع، أن «تكون الجولة الثانية من المفاوضات توقفت»، مؤكداً أن اللقاءات مستمرّة وفقاً للجدول المتفق عليه، لأن قرار الاستمرار أو إيقاف الحوارات ليس مرتبطاً بطرف واحد، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الضامن والراعي لهذه المفاوضات، بموافقة الجميع».
وأوضحت المصادر في ختام تصريحها لـ«مصدر مينا» أن «الجولات الأربعة التي تمخضت عنها رؤية سياسية موحدة كانت تتخلل بين كل جلسة وأخرى أيام عدّة للنقاش والتداول، وإن الجلسات الأربعة تلك عقدت خلال شهر تقريباً، أيّ إن توقفت اللقاءات ليومين أو أكثر، هذا لا يعني أن هناك خلاف أدى لذلك، بل هي أمور بديهية وفق جدول أعمال متفق عليه»، حسب تعبيره.
غياب الخطاب الكردي الموحّد
انطلاقاً مما يتم تداوله مع بدء الجولة الثانية؛ وبالرجوع إلى تاريخ الحركة الوطنية الكردية منذ تأسيسها عام 1957 من القرن الماضي، يمكن القول إنها لم تستطع التوصل لخطاب كردي سوري، بعيداً عن الأجندات الكردستانية، فكيف الحال الآن مع ظهور أجندات دولية وإقليمية، وتدخلات من القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا في الحالة السورية بشكل عام؟ وهذا ما يؤكد أكثر أن أسلوب نضال الأحزاب الكردية القديم المعتمد على الشعارات والبيانات لم يعد صالحاً، على الرغم من أن هذا الأسلوب كان أحد أهم أسباب التشرذم والشرخ فيها، والتي بدأت بحزب وحيد «الديمقراطي الكردي في سوريا» المعروف اختصاراً بـ«البارتي»، ثم بعد سنوات عاش مرحلة الانشقاقات لينشق أكثر من 20 حزباً ما عدا التيارات والمجموعات الصغيرة، فلم تختلف حالة الحركة عن القوى السياسية السورية الأخرى، بسبب سياسات الاستبداد التي مارسها النظام السوري منذ استلام حزب البعث مقاليد الحكم، الذي عمل على شرذمة الحركة لتصبح عديمة التأثير على الصعد كافة.
تصريحات متضاربة
في الوقت الذي أكد فيه أن المرحلة الثانية من الحوار الكردي-الكردي، ستشمل «الشراكة الإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية» علىَ أرضية اتفاقية دهوك 2014. نفى عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، آلدار خليل، ذلك مشيراً إلى أن المجلس الوطني الكردي يرفض استمرار الحوار الكردي-الكردي، إلا مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ووفق تصريحات له نشرتها شبكة «روداو» ونسبتها لوسائل إعلام مقرّبة من الإدارة الذاتية، كشف «خليل» أن «الحوار الكردي-الكردي تم تعليقه إلى أجل غير مسمى، لأن المجلس الوطني الكردي لا يقبل مشاركة أحزب الوحدة الوطنية الكردية في المباحثات».
وفي حديثه عن أسباب التعليق، أوضح «خليل» أنهم أرادوا «مواصلة المحادثات في الجولة الثانية باسم أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، إلا أن آراء المجلس كانت سلبية بهذا الخصوص، وأراد فقط الاجتماع وإجراء الحوار مع حزب الاتحاد الديمقراطي فقط».
من منهما الصادق؟
تصريحات «آلدار خليل» جاءت في مضمونها بعكس ما سربته المصادر الخاصة بالموقع، وأيضاً نسفت ما قاله عضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكردي في سوريا، سليمان أوسو، لوكالة «نورث برس»، الذي أشار إلى أن «الحوار سيكون وفق اتفاقية دهوك بين المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي حصلت منذ ذلك الوقت». ومؤكداً أن «المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه، استكملوا الجولة الثانية من الحوار، أول أمس الأربعاء، بحضور القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (مظلوم عبدي)، وممثل الخارجية الأمريكية في شمال وشرقي سوريا، ويليام روباك»، هذا النفي لتصريحات «خليل» أولاً؛ والتأكيد على بدء الجولة الثانية يلح بطرح السؤال التالي: من منهما الصادق فيما أدلى به ولوسائل إعلام معروفة؟ بعيداً عن المصادر الخاصة بـ«مرصد مينا».
ولفت القيادي في المجلس الوطني الكردي، إلى أن «المرحلة حساسة والتحديات كبيرة، ويجب علينا الإسراع في الوصول لاتفاق يرضي شعبنا أولاً ويطمئن كل السوريين». معتبراً أن وحدة الموقف والصف الكردي تخدم كل السوريين، وتساهم في وحدة موقف المعارضة السورية والعملية السياسية في جنيف وفق القرارات الدولية الخاصة بحل الأزمة السورية لاسيما القرار/ ٢٢٥٤/.
وهنا لا بد من التذكير، أن «اتفاقية دهوك» وقعت بين المجلس الوطني الكردي، ومجلس شعب غربي كردستان، وعرفت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق، والتي احتضنت توقيع الاتفاقية، بإشراف رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، والتي كانت أهم نتائجها تشكيل «مرجعية سياسية كردية في سوريا»، لكن المرجعية وعلى الرغم من إعلان الطرفين الالتزام بها، لم تر النور نتيجة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، والتي استمرّت ‘إلى وقتنا هذا.
مطلب توحيد الصف
وفق الخارطة السياسية، وبناءً على ما يتم تداوله سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر البيانات والمناشدات من المنظمات الحقوقية والإنسانية، تزداد المطالبات بتوحيد صفوف الحركة الكردية، سواءً من الشارع الكردي، أو من خلال التحالف الدولي، الذي يحاول ان يقوم بدور الوسيط، وهو ما يقوم كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا التي قدمت مبادرة في السياق ذاته عقب فشل اتفاقيات (هولير، ودهوك) والتي وقعت برعاية وإشراف من الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، والتي جاءت أيضاً بعكس توقعات وطموح الشارع الكردي الذي كان يتمنى لها النجاح.
هذه المرة، الطرفان أمام تحقيق الاستحقاق، الذي يرى فيه البعض ضرورة وليست حاجة آنية، وأن بتحقيقها يمكن أن تكون دور للحركة في بناء سوريا الجديدة، على الرغم من الذهنية المختلفة التي تقود كلا الطرفين واختلاف رؤاهما خلال السنوات التسع التي مضت من عمر الثورة السورية، فيما يرى البعض الآخر أن الخلافات قد تمنع ذلك، ولن يتم إنجاز المطلوب بتوحيد وحدة الصف الكردي وحركتها من دون تحقيق الحل السياسي في سوريا عامةً.